تستعد لإصدار ألبومها الجديد
أمل تصدح بقصيدة <<نيران المجوس>> في ساو باولو


"تقدير واحترام الجمهور البرازيلي أثلج صدري"، "لا مكان لليأس، فأنا أدفع الثمن كما يدفعه جميع أبناء وبنات شعبي"، "هناك تقليد أعمى للعالم العربي والبرامج اللبنانية تحديدًا"، "النجومية صارت تأخذ أطباعًا صفراوية"، " الألبوم المقبل سيشمل باقة من الأعمال الجديدة والقصائد المغنَّاة".

عادت الى البلاد مؤخرًا الفنانة أمل مرقس، بعد مشاركتها في المهرجان الموسيقي العالمي "تودوس اوسكونتوس دو موندو 2004" (أي: كل موسيقى العالم) في مدينة ساو باولو البرازيلية، حيث أحيت أمسيتين ناجحتين نهاية الأسبوع الماضي.

ما يميز هذا المهرجان هو إهتمامه بـ "الموسيقى العرقية" والجاز والإيقاعات اللاتينية الهادئة، والمذاهب الموسيقية المختلفة بما فيها الموسيقى الشرقية، حيث يستضيف سنويًا فنانات وفنانين وفرقا موسيقية من مختلف أنحاء العالم، ليحيي أمسيات المهرجان مع فنان/ة برازيلي/ة. هذا العام شارك في المهرجان فنانون وفرق من التبيت وفرنسا وجامايكا، الى جانب أمل التي شاركت كممثلة عن فلسطين واسرائيل، ورافقتها مجموعة من العازفين ضمت نسيم دكور (عود وكمان) ألفرد حجار (ناي) وأمين أطرش (إيقاع).
 
"الديفا" المخضرمة نانا كيامي - وهي نجلة أحد الملحنين البرازيليين البارزين - كانت تفتتح الأمسيات وتقدّم أمل للجمهور، لتستهل أمل العرض بتهليلة برازيلية تليها عدة أغان خاصة بها، كقصيدة توفيق زياد "نيران المجوس" و"غريب في مدينة بعيدة" من كلمات محمود درويش و"لا أحد يعلم" و"ذكرى" من كلمات وألحان رفيق دربها نزار زريق و"يا جبل الحبايب" وغيرها من الأغاني من تأليف وتلحين مجموعة بارزة من الكتاب في البلاد كمرزوق حلبي وسالم درويش، كما ضمت الأمسيات مقطوعات عزف منفرد بغرض تعريف الجمهور على الموسيقى والآلات الشرقية. وكانت الأمسيات تُختتم بأداء مشترك يجمع أمل ونانا كيامي في أغنية "يابا لا لا" الرحبانية الأصل والتي كانت أمل أعادت توزيعها وغنائها وإصدارها في ألبومها الأول الذي صدر في العام 1995.

انطباع أمل هو أن مشاركتها أثارت صدًى واسعًا، وظهر ذلك جليًا في الإقبال الواسع على أمسياتها التي كانت تُجرى في قاعة "سيسك بومبيا" الضخمة، ومن التغطية الإعلامية التي حظت بها واللقاءات والتقارير الصحفية التي أجريت معها وعنها وعن الخلفية السياسية والإجتماعية التي ولدت وولد فنها فيها.

وقد أجرت "الإتحاد" المقابلة التالية مع الفنانة:

"الإتحاد": الحمد لله على السلامة، ما هو شعورك بعد عودتك من المهرجان؟

أمل: الحقيقة هي أنني كنت شاركت في عدة مهرجانات عالمية لكنها كانت غالبًا في أوروبا، وقد كانت هذه أول تجربة لي مع جمهور أمريكا اللاتينية الذي يشبهنا ويعيش ظروف قربية من ظروفنا، من حيث الفقر والقهر من جهة والعاطفة الجيّاشة والحس المرهف من ناحية أخرى، فقد كان غالبية الحضور من البرازيليين، وكذلك كان هناك إقبال واسع من الجالية الفلسطينية والجاليات العربية.

"الإتحاد": أي اللحظات كانت أكثر تأثيرًا في رحلتك؟

أمل مرقس: على الصعيد الفني أثلج صدري التقدير والإحترام من الجمهور البرازيلي التي تفاعل مع الموسيقى حتى دون فهم الكلمات، الأمر الذي يؤكد أن الموسيقى والفن لغة عالمية، كذلك قاعة العرض المشيّدة بشكل يختلف عمّا هو متعارف عليه، فالجمهور يجلس الى جانبي المنصة وليس مقابلها، ما أتاح لي حيزًا أوسع وحرية حركة على المنصة، كما أن الدفء والمودة اللذين بثهما لي الجمهور أسعداني واشعراني باكتفاء ذاتي كبير. على الصعيد الشخصي أثر بي لقائي بأقاربي من عائلة أبو عقل، التي غادرت قريتنا كفر ياسيف قبل النكبة ولم تعد تتمكن من العودة الى الوطن، ما زالوا يتذكرون معالم القرية من بيادر وساحات منذ عشرات السنين.

"الإتحاد": هل تطرقت هناك الى الأوضاع السياسية في البلاد؟

أمل مرقس: بالطبع، ففضلاً عن وضع كلمتي فلسطين واسرائيل بجانب اسمي في منشورات المهرجان، كنت أتطرق دائمًا من خلال اللقاءات الصحفية المتنوعة الى الوضع السياسي والقضية الفلسطينية وقضايا وهموم جماهيرنا العربية في اسرائيل، كما أن مضامين الأغاني تتحدث بنفسها.

"الإتحاد": شاركتِ في العديد من المهرجانات الموسيقية والمحافل الفنية الدولية، ألا تشعرين بنوع من الإحباط إزاء الظروف الصعبة التي ما زالت تعرقل تطور الفنانين العرب في البلاد رغم نجاحك بعضهم في الوصول الى العالمية؟ 

أمل مرقس: لا يأس ولا إحباط، انا أدفع الثمن كغيري من أبناء وبنات شعبي هنا. كفنانة يتمثل هذا الثمن في إبطاء مسيرتي وفي الإفتقار الى الإرشاد بشان الأسلوب والإتقان، لكني راضية عن التقدير الذي أحظى به من الجمهور المحلي الذي أحاول تقديم تراثه الموسيقي المتجدد، آماله وآماله، معاناته وكفاحه.

"الإتحاد": ما رأيك بالحركة النشطة التي تشهدها الساحة المحلية في السنوات الأخيرة؟

أمل مرقس: أصبح هناك نوع من التقليد الجميل في الفعاليات والمهرجانات الفنية والموسيقية والحركة الثقافية، وهذه خطوة مباركة حقًا، لكنها تستحق تغطية إعلامية أكبر. لكننا للأسف ما زلنا نفتقر الى الدعم المتبادل بين الفنانين أنفسهم، علينا العمل سويًا على اجتراح أساليب فنية مبتكرة لتطوير الأغنية الفلسطينية.

"الإتحاد": لكن هناك أعمال قد لا تمت بصلة للفن ولا للموسيقى..

أمل مرقس: هذا صحيح، المقياس يجب أن يكون الصوت والأداء والعمل الفني نفسه وليس العلاقات الإجتماعية وغيرها. هناك ظاهرة سلبية تتفشى مؤخرًا وهي التقليد الأعمى للعالم العربي ولبرامج المحطات البنانية تحديدًا، والنجومية تتخذ أنماطا صفراء كتلك التي تبثها الفضائيات. لا أفهم - على سبيل المثال - ظاهرة البذلات التي هي ظاهرة نستوردها من العالم العربي، أو ظاهرة توزيع الألقاب الفنية والإبداعية على من هب ودب، لا يعقل أن يصبح كل مبتدىء فنانًا، أنا شخصيًا لا أقول عن نفسي فنانة لأن الجمهور هو الذي يقيم الفن ويقيم رقيه أو هبوطه.

"الإتحاد": بماذا تنصح أمل مرقس الشباب والشابات الموهوبين الذي يريدون خوض مجال الغناء؟

أمل مرقس: عليهم تهذيب صوتهم وتطوير أدائهم ووقفتهم على المسرح، ومن الضروري توسيع آفاق ثقافتهم العامة والموسيقية بشكل خاص، فلا يمكن للفنان التقوقع في بوتقة دون الإطلاع على فنون وإبداعات الشعوب الأخرى. وأخيرًا ذلك الحديث عن الفن الراقي، فالجمهور هو الذي يحسم في نهاية الأمر وعلى الفنانين الابتعاد قدر الإمكان عن التنظير والتركز في تقديم مواد وأعمال جيدة.

"الإتحاد": الى جانب الغناء تقدمين برنامجًا إذاعيًا في "إذاعة الشمس" وبرنامجًا في "التلفزيون التربوي"..

أمل مرقس: نعم، أقدم مساء كل أربعاء برنامج "سهرة مع أعمل" عبر أثير "إذاعة الشمس"، وهو برنامج ضيافة أستضيف فيه فنانين وأدباء وغيرهم ممن يقومون بدور ثقافي أو مجتمعي، كما أقدم في كل حلقة نبذة عن حياة مبدع/ة راحل/ة، يحظى هذا البرنامج بردود فعل ايجابية من الجمهور، وأسعدني جدًا أن هناك أسرى فلسطينيين وعرب يستمعون الى البرنامج وهم في قلب السجون الإسرائيلية. اما برنامج "أمل حارتنا" الذي يبث من خلال التلفزيون التربوي فقد بدأ كبرنامج للأطفال، لكنه سيكون هذه السنة برنامج لكل العائلة، حيث ستتناول كل حلقة قرية أو مدينة عربية بتاريخها واهلها وحياتها الإجتماعية.

"الإتحاد": كيف تتمكنين من التوفيق بين أمل الفنانة وأمل الزوجة والأم وربة المنزل؟

أمل مرقس: إنه ليس بالأمر السهل، فالفنان ليس موظفًا، بمعنى أنه لا يستيقظ في الصباح ويعرف أنه ذاهب الى مكان العمل ليعود في الرابعة أو الخامسة بعد الظهر، ولكني أحظى بدعم عائلتي وأهلي، خاصةً أنني أعيش في قرية تحكمها العلاقات والواجبات، أي أن الإلتزامات العائلية والإجتماعية كثيرة لكنها لم ولن تمنعني من مواصلة المسيرة رغم كل الاصعوبات.

"الإتحاد": متى سنرى ألبومًا جديدًا لأمل مرقس؟

أمل مرقس: المواد جاهزة تقريبًا لكن المشكلة هي مادية في الأساس، ليس هناك أي إطار يمكنه دعم مثل هذا الإصدار، كما أن قلة الملحنين تزيد الأمر صعوبةً. ألبومي الأول والذي كان السبب الرئيسي في النجاح الذي حققته منذ إصداره قبل 8 سنوات، كنت أصدرته في حينه على حسابي وكانت التجربة جيدة وغطت التكاليف المادية ويبدو أنني سألجأ الى هذا الحل الآن أيضًا. هناك عدد كبير من الأعمال الجديدة منها بعض القصائد المغناة التي لم تصدر في اسطوانة بعد، آمل أن تكون الإسطوانة جاهزة في فصل الربيع أو الصيف المقبل.


حوار: رجا زعاترة
السبت 14/2/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع