كلمة <<الاتحاد>>
ليس تقديم الفضلات والفتات ما هو مطلوب!

لا يختلف اثنان اليوم ان الفقر والمجاعة والضائقة الاقتصادية الاجتماعية أصبحت من الظواهر المزمنة في ظل سياسة العدوان والإفقار الحكومية والتي تتفاقم حدتها واتساع نطاقها جماهيريًا. فالمعطيات الرسمية تتحدث عن اكثر من مليون فقير على حافة المجاعة ويعانون من قلة وسوء التغذية. ومن صعوبة توفير الطعام لأفراد العائلات الفقيرة.
ولمواجهة هذه الظاهرة وطمس مدلولها الأساسي تلجأ الأنظمة الرأسمالية، ومنها اسرائيل، وخدامها من القوى السياسية الاصلاحية والانتهازية الى تقديم وسائل وحلول هامشية لامتصاص نقمة الفقراء والجياع من جهة، وتجميل صورة الرأسمالية و"انسانيتها" وبشكل يطمس جوهر الرأسمالي وطابعها الاجرامي ويبعد الانظار عن الحلول الجذرية التي تكمن في مواجهة سياسة الافقار. ففي الولايات المتحدة  الامريكية يقدمون للجياع وجبة حساء لا تسد اودهم كبديل لسياسة العدالة الاجتماعية التي تستدعي توفير ظروف حياتية ومعيشية تقضي على ظاهرة الفقر المزمنة والمجاعة المتفشية.

وفي اسرائيل، ولصرف الانظار عن الأسباب الجوهرية لاتساع دائرة الفقر والمجاعة ولتخطي برمجة حلول جذرية لمعالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها، تجري محاولات لشرعنة حلول هامشية لا تعدو كونها إطفاء حزئيًا للحرائق الملتهبة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، وكما نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" في عددها الصادر امس الثلاثاء، ان أربعة عشر عضو كنيست من كتل  "الليكود" و"العمل" و"المفدال" و"شاس" يطرحون على طاولة الكنيست اقتراح قانون لتشجيع المنتزهات والمطاعم وقاعات الافراح على تقديم الفضلات المتبقية وفتات المواد المتبقية الى الاماكن التي تقدم الطعام مجانًا للجياع والمحتاجين!! ووفقًا لهذا القانون المقترح فإن اي مطعم او قاعة افراح او منتزه يزود الاماكن الخاصة بإطعام الجياع بالفضلات والفتات فإن اصحاب هذه المصالح يعوَضون بالمقابل بإرجاع تسعين في المئة من مخصصات التأمين الوطني التي دفعوها عن العاملين خلال نفس السنة"!!

إن هذا القانون لا يعالج القضية جذريًا ولا يخدم في نهاية المطاف المصلحة الحقيقية لأكثر من مليون من الفقراء والجياع. فتغيير السياسة الحكومية الاقتصادية الاجتماعية التي قلصت مخصصات التأمين الوطني للمحتاجين ورفع الحد الأدنى من الاجور ومحاربة البطالة بتوفير العمل لكل انسان، يساعد كثيرًا وأكثر من القانون المذكور في توفير معيشة الكرامة الانسانية والخروج من دوامة الفقر والمجاعة وعدم انتظار فتات وفضلات الموائد بشكل مهين. كما أن هذا القانون المقترح يخدم مصالح أصحاب المصالح، اصحاب المطاعم والمنتزهات وقاعات الأفراح التي تعاني من الأزمة في ظل الركود الاقتصادي. إن هذا القانون يشرعن عمليًا سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء المنتهجة رسميًا ويعطيها المصداقية، فالمطلوب ليس تقديم الفضلات والفتات للجياع والمحتاجين بل محاربة ظاهرة الفقر والمجاعة من خلال اجراء تغيير جذري في سياسة العدوان والافقار السلطوية وتبني سياسة تجنح باتجاه العدالة الاجتماعية وتوفير الرغيف لكل محتاج.

("الاتحــــــــــاد")


الأربعاء 11/2/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع