كلمة <<الاتحاد>>
من يفرض الهدنة؟

تشير الأنباء الواردة من رام الله المحتلة الى أن الاجتماع الذي عقد بين وزير الخارجية المصري، احمد ماهر، ورئيس جهاز المخابرات المصري، عمر سليمان، مع الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات  وغيره من المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية، قد تمخض عن الموافقة الفلسطينية على ابرام هدنة جديدة لوقف اطلاق النار من الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني!! ويخال المرء وكأنه على ساحة الصراع تتصارع قوتان، جيشان عسكريان متكافئان وتجري الوساطة  لاصلاح ذات البين بعقد هدنة تخمد انفاس اصوات النار والنيران!!

وحقيقة ان الواقع المخضب بدماء المعاناة الفلسطينية غير ذلك؟ فلمن خانته الذاكرة نذكره ان السلطة الفلسطينية وجميع الفصائل الفلسطينية المقاومة للاحتلال الاسرائيلي اعلنت ومن طرف واحد الهدنة ووقف اطلاق النار والالتزام بعدم القيام بعمليات عسكرية ضد المدنيين في داخل اسرائيل. ولكن هذا الموقف الفلسطيني الذي يمدّ يده للمحتل الاسرائيلي لوقف نزيف دم الصراع وتهيئة المناخ والظروف لاستئناف العملية التفاوضية السياسية والشروع بتنفيذ خطة "خارطة الطريق" قوبل بالرفض والاستهتار وبمواصلة تصعيد العدوان الاحتلالي الاسرائيلي ولم تكتف حكومة الكوارث اليمينية الشارونية باعتبار الهدنة شانا فلسطينيا لا دخل لها به ولا يلزمها بشيء، بل لجأت كذلك الى ارتكاب جرائم استفزازية بتصفية واغتيال قادة ونشطاء والى تصعيد  عمليات المجازر والهدم والتدمير ضد الفلسطينيين وبيوتهم وممتلكاتهم في نابلس وجنين ورفح وغزة والخليل وقلقيلية وغيرها. وامعانًا في مواصلة النهج العدواني المنهجي وتصعيده قامت حكومة الاحتلال  والاستيطان والدماء اليمينية بتسريع وتيرة بناء جدار العزل العنصري الابرتهايدي كتجسيد  لفرض سياسة الامر الواقع الكولونيالية التي هدفها منع قيام دولة فلسطينية سيادية مستقلة على كامل التراب المحتل منذ الرابع من حزيران 1967.

قد يكون دافع قيام الوفد المصري رفيع المستوى بجهده المشكور لوقف نزيف دم الصراع والتوصل الى هدنة جديدة الاجواء التي ترافق تنفيذ صفقة تبادل الاسرى والمعتقلين بين اسرائيل وحزب الله. وقد يكون الدافع ضغط الادارة الامريكية لتخفيض سقف الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني وإخماد بؤرة التوتر ولو مؤقتًا وذلك لمساعدة المحتل الانجلو امريكي على مواجهة ورطته الخانقة في العراق الذي يشتعل بنار المقاومة للغزاة المحتلين، ولمساعدة ادارة عولمة الارهاب المنظم الامريكية في مواصلة ضغوطاتها الشرسة لابتزاز تنازلات سياسية من النظام السوري وغيره ولتمرير املاءاتها الامبريالية للهيمنة في المنطقة، ومهما تكن الدوافع فإننا من اجل هدنة جديدة متوازنة، هدنة يلتزم فيها المحتل الغاشم بوقف ممارساته الاجرامية ويرفع الحصار العسكري والاقتصادي التجويعي عن مدن وقرى ومخيمات شعب الانتفاضة الفلسطينية وينسحب الى المواقع التي كان يشغلها قبل مجزرة القدس والاقصى، ويوقف بناء جدار الفصل العنصري، ويجلس مع الطرف الفلسطيني حول طاولة المفاوضات السياسية للشروع في تنفيذ الاتفاقات  والتفاهمات المبرمة والمتفق عليها. فهل يضغط الطرف المصري وغيره على حكومة اليمين لتنفيذ مستحقات الهدنة؟

("الاتحــــــــــــــاد")


الأربعاء 28/1/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع