كلمة <<الاتحاد>>
بلاد منكوبة!

لا يزال التهديد بإعلان الاضراب في السلطات المحلية وفي المدارس ماثلا أمام أعيننا. وهو يترافق بمظاهرات واحتجاجات شبه يومية، يقوم بها العاملون المحرومون من مرتباتهم/ حقهم الأساس، ومنذ شهور طويلة.
هذا الوضع، بما يعنيه من نتائج مباشرة ستتجسد  في تصعيب تقديم الخدمات للمواطن، لم ينشأ من فراغ. بل ان هناك من يتحمل المسؤولية التامة عنه. والعنوان محفور على الجدار: حكومة اليمين وسياستها عامة، وتوجهها الاقتصادي بشكل خاص.
فما الذي تفعله هذه الحكومة التي يترأسها سياسي تدور الشبهات بالفساد حوله، بل تسير أمامه؟
من جهة تقوم بضرب كافة الخدمات الأساسية، في التعليم والصحة والرفاه، عبر ضرب الميزانيات المرتبطة بهذا الشأن. ومن الجهة الأخرى تقلّص ميزانيات السلطات المحلية. وفوق هذا كله تسعى لتحويل تلك الخدمات الى نفس هذه السلطات..

لو كانت هذه الحكومة تتصف بالغباء لضحكنا، ولكنها في حقيقة الأمر تدير هذه السياسة المتبلدة والعنيفة بمنهجية لئيمة مشتقة من قاموسها الذي تتألف مفرداته من عقلية الاحتلال التوسعية، ونزعة البطش الاجتماعي وإغناء الغني على حساب مواصلة إفقار الفقير.
في الوقت نفسه نطّلع من خلال التقارير الرسمية على "مآثر" أصحاب السطوة وأجورهم. والتقرير الذي أصدره المسؤول عن الأجور في القطاع العام، أمس ( إقرإ تفاصيله في مكان آخر من هذا العدد) يكشف مدى عمق الفجوات.
الفجوة بين أصحاب السلطة وضحاياها.
الفجوة بين الدجل الرسمي الذي يتهم العامل والمحروم من العمل "بالإثقال" على خزينة الدولة، وبين الحقيقة العارية للسياسة المنتهجة، والتي يتلقى في إطارها بعض كبار الموظفين مرتبات شهرية بعشرات الوف الشواقل، وحتى ما يفوق المئة ألف.
فمن الذي يثقل على كاهل من؟

لقد خرج علينا بعض موظفي وزارتي المالية والتجارة والصناعة، في اعقاب الكشف ان العام 2003 شهد ارتفاعًا بنسبة 20% في عدد ايام الاضراب، بالزعم أن هذا "أكثر ما أعاق" الانتعاش الاقتصادي.. أي أن مطلب العامل بحقه هو إعاقة. هذا هو منطق اليمين وعملائه من البيروقراطية الحاكمة!
وبدورنا نقول: ان من يثقل على كاهل ملايين المواطنين هنا هو النهج السياسي المنفلت، في الاقتصاد وغير الاقتصاد. فبلاد تحكمها مجموعة مؤلفة من جنرالات العنف العسكري والتوسع الاستيطاني، ومن الأثرياء الذين لا يرون أمامهم سوى مصالحهم، هي بلاد منكوبة.
وطالما لم تتحرك القوى المعارضة في هذا المجتمع لفرض مواجهة حازمة من أجل وقف هذا النهج، فلن تتوقف عملية الانهيار الحثيثة.. ولا تزال في الاذهان تلك المشاهد من الدول التي لم تجد فيها الآلاف الجائعة والمحرومة سوى دك الأسوار واقتحام كل ما يمكن اقتحامه!!

("الاتحاد")


الثلاثاء 27/1/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع