حماة الأسوار لا يهابون الهدير
لن تستطيع هذه الكلمة أن تلخّص ما جرى في عكا، فالمعركة ذات أبعاد ومستويات، يختلط فيها القومي بالطبقي، بالديني، بالتاريخي... لكن لا بد من كلمة تليها كلمات. ليس بفعل الصدفة أن يتمترس العرب في عكا خلف الأسوار في مقاومة محاولات إفراغ المدينة وتهويدها يوميًّا بعد النكبة، وكلنا يذكر المعارك الشعبية التي قادها عضو بلدية عكا، القائد الشيوعي، خالد الذكر، رمزي خوري، وغيره، في سبيل ترسيخ الوعي لدى أهالي عكا أمام ضغوطات وإغراءات البيع، حتى حين يمنع المواطنون العرب من ترميم بيوتهم بحجج واهية كي ييأسوا ويرحلوا قبل أن تنهار المباني التاريخية على رؤوسهم. ليس هذا الأمر صدفة، وحين يخرج العكيون خارج الأسوار، "يحلفون"، وحياة غربتي، ليعودوا بأسرع ما يمكن إلى منازلهم، بعيدًا عن نار الغربة. وكلنا يعرف الوضع الاقتصادي السيء الذي يحيا فيه العكيون في كافة مرافق العمل، من التجارة إلى صيد الأسماك، إلى أماكن العمل عامّة... فالفقر يتسكّع منذ سنوات طويلة بين أزقّة عكا القديمة، وعلى سواحلها ومينائها. ما جرى في يوم الغفران، وليد ظروف يعيشها العكيون يومًا بيوم، ويمقتونها ويريدون تبديلها، إلا أنّ العنصرية التي يعانونها تقف عائقًا أمام نهوضهم في مدينتهم، التي ولدوا فيها، وهم باقون فيها حتى الممات. لنا ما نقول في هذه القضية، ونحن على دراية كاملة، بأنّ المعركة على ردع العنصرية هي معركتنا كلنا، معركة العرب، ومعركة اليهود، هي معركة على وقف الفاشية وتفشيها، وهي معركة على ما تبقى لنا من حيّز للحياة في هذه البلاد. إن ما جرى في عكا، قد ينتقل إلى مدن مختلطة أخرى، أو إلى بلدات متجاورة، عربية ويهودية، وهو ما علينا وقفه سريعا. عكا ساحة معركة، من أجل وقف الفاشية، وردع العنصرية، وإنهاء التمييز. الأربعاء 15/10/2008 |