ثانوية الجليل النصراوية تحيي ذكرى درويش بمشاركة بركة وجرايسي



* بركة: درويش فصل بين الحل السياسي وهوية الوطن * جرايسي: ليس صدفة أن مدرسة الجليل في قرية توفيق زياد التعليمية تحيي ذكرى درويش *

أحيت مدرسة "الجليل" الثانوية البلدية في الناصرة، الذكرى الأربعين لرحيل شاعر فلسطين محمود درويش، بأسبوع ثقافي حول تراثه الأدبي والوطني، وصل ذروته يوم أمس الجمعة، بندوة احتفالية اقامتها المدرسة لعدد من الصفوف في مركز محمود درويش الثقافي، في الناصرة، بمشاركة النائب محمد بركة، صديق الراحل، ورئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ورئيس بلدية الناصرة، المهندس رامز جرايسي.

 

افتتح اللقاء المربي عايد علي الصالح، مركز البرامج اللامنهجية، في المدرسة، فقال في كلمته، لقد "بنيت لنا أيها الكبير حضارةً كاملةً، وشيّدت َ لنا صرحا نتكىء عليه حين تحنينا عواصف الجهل، وركيك القوافي... فلا أجمل ولا أبهى من مقطع قصيدة ٍ تختصر فيها الدنيا على مهل".

 


وتابع علي الصالح قائلا، "نقسم أننا سنرثك ونعمل على أن ترثك الأجيال من بعدك، أفقا واسعا وبحرا زاخرا في أعماقه الدرّ كامنٌ. ولا نرثيك بقدر ما نحنّ إليك ولو من باب الواجب الأخلاقي بكلمات هي عَبْرة على السطور، علّها تشفي غليلنا المتأجج فينا حبا إليك. يا شاعرا رسمت لنا قصائدَك لوحات ٍ من الجمال اللغوي مطعمة برائحة الوطن".

 

 

ثم كانت الكلمة لمدير المدرسة المربي فيصل طه، الذي قال في كلمته الأدبية النثرية، "فضاؤك في اتساعه يبقى ما بقيت شواهدك والنجوم الساهرة، ومن فنائك المادي تُبعث الكلمات ومن النجوم الآفلة ومن الآتين تتوّلد ومن النجوم اللاحقة، سرت إلى الموت هادئا، سرت إليه احتمالا وعدت منه إتماما وإليه اكتمالا، راوحت الإياب والذهاب في حياتك وكذا في مماتك.
وتابع طه قائلا، محوت البرزخ وتداخل المجهول بالمعلوم، هان العبور سهُل المرور وانحسر الموت في اتساع الحياة وانحسرت الحياة باتساع الموت، ولهذا أدهشَنا غيابك كما أدهشنا حضورك.
واختتم طه قائلا، "بُعثتَ حال موتك في أوراق الشجر" كما قلت، أنشودةَ بُعثتَ من أكباد الجموع الصامتة السائرة الصاغية لإيقاع جنازتك، إيقاع الموت، إيقاع الحياة، للإيقاع، نَم هادئا إذا ما استطعت إلى ذلك سبيلا"، وإن لم تستطع فانهض في حضرة الغياب هادئا أيضا يا محمود.

 

 

وقدمت الدكتورة كوثر جابر، المربية في المدرسة ولكنها في اجازة لسنة، مداخلة شرحت فيها للطلاب الحضور أهمية دراسة شعر محمود درويش، الذي بات اسما عالميا، شعره تمت ترجمته لـ 22 لغة في العالم، وهو من كبار الشعراء الوطنيين البارزين لشعوبهم على المستوى العالمي.
وقالت د. جابر في مداخلتها، لو قرأنا شعر محمود درويش في مختلف مراحل حياته، لقرأنا تاريخ الشعب الفلسطيني، وأضافت، مع محمود درويش تتكون هويتكم الثقافية والوطنية.

 

ثم القت طالبتا المدرسة، زينب دبور وهديل الشيخ خليل نثريتين مؤثرتين في ذكرى درويش.

 

بركة: أدب المقاومة نشأ هنا

 

 

وكانت الكلمة للنائب بركة، الذي عبر عن اعتزازه بأنه يقف اليوم على منصة المركز الثقافي البلدي العريق القائم في الناصرة منذ العام 1958، بعد يومين من إطلاق اسم محمود درويش عليه، وحيا رئيس البلدية المهندس رامز جرايسي والمجلس البلدي على هذا القرار الوطني الحضاري.
ثم تكلم النائب بركة عن أدب المقاومة الفلسطيني، الذي كانت بداياته لدينا نحن الفلسطينيين في وطننا قبيل وبعد العام 1967، بعد أن عمّ الاحباط الشعوب العربية في أعقاب هزيمة حزيران 1967، وحينها لفت الأديب الفلسطيني غسان كنفاني نظر الشعوب العربية، إلى أدب المقاومة المنبعث من وطننا، ورواده في تلك المرحلة كان الشاعران الراحلان توفيق زياد ومحمود درويش، والشاعر سميح القاسم، الذي نتمنى له العمر المديد، وقال، إن هؤلاء الثلاثة كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي، الذي احتضن ونما الأدب والشعر الوطني، أدب المقاومة، من خلال صحافته، صحيفة الاتحاد ومجلة الجديد الأدبية وغيرها.
وقال بركة، وتكلم بركة عن دور درويش الإبداعي في تعامله اللغة العربية الجميلة لإيصال مفاهيم ورسائل وطنية، مستذكرا نثريته "أنت منذ الآن غيرك" التي كتبها بعد انقلاب حماس في قطاع غزة ليقول للفلسطيني أن أمورا كثيرة تغيرت في مسيرتنا، ولكن بعد أن عاد إلى حيفا في منتصف شهر تموز 2007، أي بعد شهر على الانقلاب، وأحيا هناك أمسية شعرية تاريخية، عاد وكتب، "أنت منذ الآن أنت" وهي أشبه برد على نثريته الأولى متأثرا من نشوة الفرح بعودته إلى حيفا ثانية.
وقال بركة، إن درويش فصل بين الحل السياسي وبين هوية الوطن، فهو اعترف بواقع ضرورة الحل، ولكن هذا الحل لا يلغي هوية الوطن فلسطين.

 

 

جرايسي: درويش نجح في تطويع اللغة

 

 

وكانت الكلمة الختامية لرئيس بلدية الناصرة المهندس رامز جرايسي، الذي عبّر عن تقديره لمبادرة مدرسة الجليل لإقامة أسبوع درويش، وقال هناك علاقة جمالية بين ثلاث مركبات، فمدرسة الجليل اليوم تقع ضمن قرية توفيق زياد التعليمية، وفي هذه القرية المكتبة العامة، على اسم الشعر الفلسطيني الراحل أبو سلمى (عبد الكريم الكرمي)، ولهذا ليس صدفة أنها تحيي أسبوع محمود درويش.
وقال جرايسي، إن درويش نجح في تطويع اللغة، ليستخرج منها معاني جديدة جمعت بين القيم الوطنية والمقاومة والحرية بشكل ثقافي حضاري.

 


ثم ألقى جرايسي مقاطع من نثرية كان القاها في حفل إطلاق اسم درويش على المركزي الثقافي جاء فيها، "فُجعنا بموتِك الجسديّ. غير أن سيرتك ومسيرتك، وابداعاتِك الشعرية، الثقافية والأدبية، الفكرية والفلسفية، الوطنية والإنسانية ستبقى مصدر إسعادٍ لنا، مصدرَ فخرٍ واعتزاز.
لم نجتمعْ لتأبينك فأنت أكبرُ ممّا يُسْعِفُنا من كلام. ولا أبالغُ ان قلت ان لا أحد يفيكَ حقكَ إلا ّك. وأنـّى لنا اليومَ ذلك.
وتابع جرايسي، "يا مَن اخترت الغربةَ قسراً في حياتك، فاختارتك بإذنِك يوم مماتك. عُدت كبطلٍ أسطوري يُطلُّ علينا من علٍ. عُدت من شعركَ، لغتِكَ وطنِ إبداعك، الى أرضِ سيدةِ الأرض، التي استحق من عليها لأجلها الحياة، كما قُلتَ أنت. إحتضنتكَ في أحشائها فَزِدتها غلاوةً وروعة ً وجمالاً. جَعَلـْتـَنا نُحِبها أكثر!. أنت في أحشائها كما قلتَ: "حبة القمح التي ماتت لكي تَـَخْضَّرَ ثانية".

 

 

السبت 20/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع