كلمة <<الاتحاد>>
لا مفرّ من هدم جدار الفصل العنصري

تجري اليوم، الاحد، على جدول مجلس وزراء حكومة اليمين الشارونية مناقشة موضوع بناء جدار العزل العنصري، وذلك لبلورة ولاتخاذ موقف استعدادًا لمواجهة بحث هذا الموضوع في الرابع والعشرين  من الشهر الحالي على طاولة المحكمة الدولية في لاهاي وفي وقت تجري فيه الحكومة التداول حول هذا الموضوع يرتب مدير عام مكتب رئاسة الحكومة دوف فايسغلاس حقيبة السفر متوجهًا الى واشنطن للتباحث وتنسيق الموقف مع وزير الخارجية الامريكي، كولن باول، في محاولة لاجهاض اي قرار تتخذه المحكمة الدولية في لاهاي يقود الى ادانة  جريمة بناء جدار الفصل العنصري والى فرض عقوبات اقتصادية وغيرها قد تلجأ الى اقرارها هيئة الشرعية الدولية.
من يتابع تطورات الموقف حول قضية الجدار يلاحظ "ان المجرم السارق على رأسه ريشة"، كما يقول المثل، وان حكومة الاحتلال والاستيطان اليمينية الشارونية تدرك جيدًا اتساع دائرة الادانة الدولية لبناء الجدار ومطالبة الاسرة الدولية بهدم ما تم تشييده وعدم مواصلة البناء. وترى اوساط دولية واسعة ان بناء هذا الجدار يعتبر جريمة حرب وعدوانا صارخا على القانون الدولي ووثيقة جنيف الرابعة وعلى حق الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال، خاصة وان هذا الجدار يؤدي الى نهب اراض فلسطينية والى عزل مناطق فلسطينية عن محيطها الفلسطيني والى عرقلة الجهود المبذولة  لانجاز تسوية سياسية عادلة نسبيًا للنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني. فأمام زيادة الضغط الدولي والعزلة الدولية لخطة الابرتهايد اليمينية والتخوف من عقوبات دولية فإن حكومة شارون - موفاز - يعلون - ايتام تلجأ الى المناورة لامتصاص واجهاض ضغوطات الموقف الدولي. فتارة تلجأ الى الطعن في تركيبة القضاة في المحكمة الدولية، مثل المعارضة التحريضية ضد المحامي المصري المعروف أحمد العربي، وتارة تلجأ الى التفكير بمقاطعة هذه المحكمة بادعاء عدم نزاهتها وشرعيتها. وتارة تلجأ الى الضغط على الادارة الامريكية من خلال اللوبي الصهيوني الامريكي لتفعيل الدور الامريكي الضاغط على سير اعمال المحكمة الدولية وقراراتها المرتقبة، وهذا هو الهدف من وراء زيارة فايسغلاس الى واشنطن.
وفي رأينا، انه على ضوء المعارضة الفلسطينية الحاسمة والدولية لبناء هذا الجدار تتجه انظار حكومة الكوارث اليمينية، ولتضليل المحكمة الدولية والرأي العام العالمي، الى مناورة اجراء تعديلات هامشية، تجميلية (كوسماتيكا) على مسار بناء جدار العزل العنصري، وبشكل لا يؤثر على خطة الابرتهايد وتمزيق الوحدة الاقليمية للاراضي الفلسطينية المحتلة التي يرسمها شارون وقوى اليمين  الاستيطاني المتطرف والمغامر. فداخل حكومة شارون تسمع من بعض الوزراء، وخاصة من حركة شينوي الدعوة لتغيير مسار الجدار وذلك للخروج من دائرة العزلة والادانة دوليًا. كما ان الادارة الامريكية ولتدجين انظمة العرب والتغطية على تورطها في العراق مع تغيير مسار الجدار ولو بشكل هامشي.
لقد جاء بناء الجدار العازل ليس لضمان امن اسرائيل، كما تدعي حكومة اليمين، بل جاء لعزل القضية العادلة عن مسار الحل السياسي العادل وبمصادرة الحق الفلسطيني المشروع بالدولة السيادية. ولهذا لا تسوية عادلة مع مواصلة بناء هذا الجدار، ولا مفر من هدم الجدار وعدم مواصلة بنائه لانجاز التسوية السياسية.

("الاتحـــــــــــاد")


الأحد 18/1/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع