رمضانية لدرويش



سبحان من فتح
أبواب السماء
وعلى حلمي
هطل غلامٌّ قديم
عاكف
على مراوغة
الموت المحتم
بوهج سحر
ميلاد متجدد
يُنبض قلوب
الغلابى 
يُبهر غريماَ
من المدّعين
ومن تحت أقدامه
ينتشي الثرى
لترضى عنه أمُه

 

الآن
قد تنصل من
رسوم المعضلة
عجّل مواعيدَه
مع الساحات الأبدية
حينما المًنِيات
لأحضانها
لزمنِِ بعيدِ
قد أجلته

 

صار يزف روحَه
هودجا للاحقين
ويعود
همس طحالب
تتلكأ
على مفاصل
صخرته

 

ويروي

 

رأيت فيما رأيت
يافعاَ
بعناد المراهقين
عنوةَ
ينذرعنفوان عمره
لصدق قضية
عناء شعبه

 

رأيت جنرالات
استعطفوا
لاذوا
او قولوا
سقطوا في مطبات
كلام عابر
ضحايا مزمنة
تُنجب
وتجعل منّا
ضحايا مؤقته

 

ولم يرجف له جفنٌ
ولم تهتز له قصبة


 
رأيت
لاعبو سياسة
خندقوا أنفسهم
في مربعات شطرنج
مترسوا دباباتهم
خلف وجوههم
الرصاصية
شرخوا
من أرضنا
لحمنا
حلمنا
شرائح تعزية
لجنازاتهم الأبدية
وادّعوا حرفة
التحضر والسلام

 

رأيت مترنحين
قادمين
من قعر ذل المدنيات
باحثين عن أقنعة
عورات 
وسمعت هذيان
حالمين
بدبس وسمن وحليب
يجتثوه من أثداء قتلى
ولا يرتووا


 
و رأيت
زليمات# يفبركون
دبلوماسية
من النوع الثقيل
يجترون بروتوكولات
يجيشون نساءهم
ويسكرون على
نخب رتبات
ورواتب
على أوسمة نتنة
ودمِ
سكبته دباباتُهم
على صفائح 
سِفرٍ
صقوه من رماد
المحارق
سمّوه العهدَ الحديث

 

صار يزف روحه
ولا يرحل 

 

رأيت فيما رأيت
صبياناَ
يرضعون
كوز رمان
ويستفحلون

 

صبايا تدشن
دولةً من قش
وتراب
على رفات
الأيديولوجيات
المتوجسة

 

عصافيراً
وعشاقا يحترفون
مهنة الشهادة
وهناك الوان
أنغام وإيقاعات
لم تنسجها قصائدي
وفراشات تتراشق
ترفرف على خواصر
نومي الحوري
خرير أنهار
يزدان بالعوسج
حفيف أشجار
يصبغ شعري
حناءً
لعرسي مع الريح

 

وقد عجّل سفره
للمواعيد الأبدية
ولم يرحل

 

صرنا معه  نغني
على هذه الأرض
سيدة الأرض
ما يستحق الحياة
فهل نندم
على ما اقترفت
الروح في التجذر
في وحل الأغاني
على ما أصرّت
نسماتُ الكرمل في
اللهفة  
لتشييع أناشيدك
على تبرعم
بذور قوافيك
مواسماَِ  ربيعية
لقوافل الشعراء

 

كان يزف روحه
ولا يرحل

 

ويبقى الغناء

 

من على هذه الأرض
سيدة الأرض
ما يبدع للناس 
أسباب حياة
فهل نندم
على ما اقترفنا
من جريمة التجسس
على رؤاك
على خطاك
على سر
رحيلك السريع

 

كان يزف روحه
لمهجة الأيل
في سهول أبياته  
ولا يرحل

 

رأيت فيما
رأيت
طفلاَ ملتهياًَ
في تمادي الشقاء
على محاكاة
رفوف حمامٍ
بؤس النرجس
هيمان الأقحوان
على تقايض النحل
في ابتزاز الرحيق
مع الأزهار

 

كان يروض الصلوات
ويحفل نعاساَ
في انسجام
أجراس الكنائس
تهاليل المآذن
وعيون ريتا

 

يستأنس بمغازلة
أعشاب النهر
لحصى الضفاف
يعزف نشوة أحلامه
على إيقاعات أمواج
 تخر سجوداَ
وترغو
على صفحات قدميه

 

يوفق القمر
في زفاف مع
سحابات جليلية

 

ورغماَ عنه
صار يغني
حينما رجموه
تفاصيل
صواعق موت
متراكم
من زمن السبي الأول
إلى مشارف المحارق
في عصر
هتلر الحديث

 

صار يغني
عنوةَ:
"سجل أنا عربي"
حينما طالبوا
تخوم أشعاره
فرية الدم السحيق

 

سجل
كذا وكذا
وتنثر أنامُله
ليلك اللوز
على شرائع
الفولاذ
احمرار أوراق
برقوق
على السحنات
الكبريتية
ومن يديه
ينفث
أريج زعتر
تنبش خياشيماً
معبوقة
زناخةً نازية
ومن أنفاسه
تزمجر
زوابع بيضاء
بيضاء
أجنحة أنوار
تنسف هياكل
حلكة ليالي البوغروم
في المدن اللاسامية

 

حاصروه
من سخم الصقاع
طالبوه
فرية الدم السحيق
صار يغني
سجل
فلِمَ يغضب
الموظف الجندي
الموثِّقْ
الموثّقْ
بجدران النار
والرصاص
ولمن يشكو معه
قرف الدبلوماسية
في رحاب عصرٍ
وصفوه  التنوير

 

رأيت فيما
رأيت 
قادةًًً يمارسون
حكمة تنوير
فصلوا الدين عن الدولة
وفي قدس الأقداس
حول كنيسٍِ
بنوا لهم
مكتبا للسفر
والتجارة
وقرروا هذه دولة
فاقْتتلوا
يا بني سام
لنبقى العالم الأول

 

وباسم التنوير
نحر منتحلو سامية 
ساميين
ومن وراء كواليس
في مطابخ
دبلوماسية دنسة
اتهموا الضحية
باللاسامية

 

قال:
من هي الضحية

 

عن هرتسل
يتفتق نفقٌ 
من الأمل المنكوب:
دولةٌ لشعبٍ
على أرضٍ بلا شعب

 

قال:
أنكون شعباً
يعيش بطاقية خفاء
أنحن مرايا
سرايا
أثيريون نحن
أم سراب
الأفق العليل

 

ودافيد غروسمان
الناضح تضامناَ
لوضوح جراحنا
يتقصى أثرَنا
يحدق بآثار أقدامنا
يعيننا ويكتشفنا
ينشرنا بصدق الأسى
 لبني قومه
الساميين أو ما شابه
هنا
على هذه الأرض
سيدة الأرض
شعبٌ لا مرئي

 

قال:
سأهديكم يا سادة
نظاراتٍ طبية
بكل المقاييس
ميكروسكوبات
تلسكوبات
وآلات إحساس
تكنولوجية   
بكل المعايير

 

من هي الضحية

 

أرييل شارون
المتحصن
بفظاظة عسكرية
المتفنن بتلقين
أبناء جلدته
نجاعة الدم
المسفوك في المجازر
ينقل جدران أوشفيتس
من بولونيا الحديثة
إلى أراضي
السلطة الفلسطينية    
لأسباب ادّعاها أمنية

 

قال:
من أمر الجنرال الحصين
بحصار نفسه

 

ويُطري عليه
المتضامن العطوف
اليساري الودود
بلا مراوغة أدبية
ابراهام يهوشواع
المنشور في
لغات المعمورة 

 

قال:
من أمر الجنرال
حصار نفسه

 

من هي الضحية

 

رأيت فيما رأيت
حكماء
فصلوا الدين عن الدولة
وفي قدس الأقداس
حول كنيس 
بنوا لهم  مكتباً
للسفر والتجارة
وقالوا
اقتتلوا
أيها الساميون
فهذا عصر العلم والتنوير

 

فصلوا الجذوع
عن الجذور
هامت الأوراق
عن الأغصان
صعقت كلٌ منها:
أنا الحق أنا الحق
مني لكم
ينابيع البرق

 

تفرقعوا شعوباً وقبائل
نشروا علماً وتكنولوجيا
وحّبلواالأرض بالقنابل    
انا الحق أنا الحق
صاحت كلٌ منها
تناطحت الورقات
وسموها حروباَ باردة
وأخرى عالمية

 

رأيت فيما رأيت
حكماء
فصلوا الدين عن الدولة
وصار زعيم
القطب الأحد الأوحد
جورج دابل بوش
يستلهم أفكاراً عسكرية
يدّعيها
أوامر سماوية
والتهمَ  العراق
باسم العدل الأمن
الديمقراطية
وأصوات ملائكية
وتمتم
هذا عصر الرخاء
والتنوير
ولم يسعفوه بطرق طبية
بخطط العصر التنويرية

 

قال:
في مسقط رأس
ابراهيم الأول
الأول
غرزوا أقدامهم
في آبار النفط
حللوا نهب
التحف القدسية
وقالوا:
سنكون البدء
نكون الحق
لكم منا ينابيع البرق
وادعوها
أصواتاَ ملائكية

 

رأيت فيما رأيت
حكماء
فصلواالدين عن الدولة
وقالوا :
سنكون البدء
عزّوا الصلوات
للميتافيزيقا
ظهور الملائكة
للبارابسيكولوجيا
حددوامعالمهم الدقيقة
التكنولوجيا
القيمة الفائضة
الإنترنيت
نزعة التفوق العسكري
البراغماتيكا
وقالوا
حصراَ
على هذه الطريق
التنويرية
حتماً
نحن أماماَ
سائرون
ومما تبقى من كلام
نحن له غافلون
محاربون
ولم ينتبهوا
لم يشعروا
أنهم في فرعٍ من طرق
الحميرية
هم موغلون     


  
كان يزف روحه
ولايرحل
تطيحه النشوة
حينما تركله
سنونةٌ
تهديه سلام بيته
المهجور
يرتل لغة القمح
لمجد البلاد
يسكبها خريراً
أمام حيرة
وجوه محنطة
صقلتها الأزمنة
على اجتراح الذات
والتشدق بفرائض 
 تحميرية
تشرعُها
بسماتٌ بلاستيكية
كنه مجاملات
ملاطفات رصينة
وردّوها لأرضنا
من بلاد
الأمن والتنوير 

 

عوزي بصنع محلي خالص
تُحف الهدايا للعاشقه

 

خاتمٌ مخضب
بإشعاع نووي

 

خوذٌ لامعة
لصدأالروح

 

نظارات بزجاجة
فوق تحت الأحمر
وأخرى تحت فوق البنفسجي
تتوسطها عدسة
بين الأزرق والبرتقالي

 

وإيلوسات تطنطن
لغات العالم
ليل نهار

 

رادارات تنطلق
من أعالى الأقفية

 

زفافٌ في
بطون المدرعات

 

جدارٌ أمني
لحصارٍ أمني
لأمن أمني
والشاباك
يصطاد السلام
من أرض السلام
من أرض بشعب
لا مرئي
وطالبتنا الروبوتات
بالتطبيع
استهجنت القواميس
واستنفرت المعاجم
جذور مفرداتها  

 

هلّلت روبوتات 
يعيش التنوير
يعيش التنوير

 

كان يخلع عنه
جثته
يواريها رحيقاً
لورود فوضوية الألوان
يوزع روحه
لا يرحل

 

وحينما رجموه
صواعق موت متراكم
كان يمطر نيازك أفراح
داهمته في رحاب الفضاء
ويغني 
ويلنا إن انتصروا علينا شعراَ
وعلى هذه الأرض
سيدة الأرض
ما يستحق الحياة
ما يبعث للمحنطين
أسباب حياة
فلِمَ يغضب الموظف
الجندي الموثِّقْ
الموثَّقْ
بوجس سخم
الناس في صقاع الأرض
لِمَ يغضب
وهل سيغضب
هل سيغصب
حينما تحاصره البلابل
بالسؤال:
من هو الضحية
من هي الضحية

 

كان يزف روحه
خبزاَ للجائعين
شرارات للتائهين
يعزي تنكيس
الأوسمة
من على صدورنا
يرصد صدى الألحان
فينا
معنا يبقى
ولا يرحل
لا يرحل
لا يرحل     


اوائل رمصان 2008

د. صلاح محاميد
الخميس 18/9/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع