تهديدات إسرائيلية دون رصيد



تصدّرت التقارير التي تشير إلى مخطّطات إسرائيلية جدّية لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، الصحافة المحلية والعالمية في اليومين الأخيرين، مع تأكيد مصادر استخباراتية أجنبية على وجود مخطّطات لضرب إيران "قريبًا"!

إسرائيل "يائسة"..
والاستعدادات لضرب إيران في ذروتها

حيفا- مكتب "الاتحاد"- نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تقريرا جاء فيه أنّ الأجهزة الإسرائيلية، وعلى أعلى المستويات اتخذت قرارا استراتيجيا بإحباط المشروع النووي الإيراني بكل الوسائل، بما فيها الخيار العسكري، رغم عدم موافقة الولايات المتحدة الأميركية حتى الآن على توجيه ضربة لإيران في هذه المرحلة. وحسب الصحيفة فإن إسرائيل تعتبر المشروع النووي التسلحي الإيراني "خطًا أحمر"، وأن إسرائيل لا تستطيع السكوت على مشروع كهذا، وهذا هو ملخص القرار الذي تم التوصل اليه في الاجتماع الاستراتيجي الذي عقد مؤخرا بمشاركة قادة الأجهزة العسكرية والأمنية المختلفة، مما يعني حسب الصحيفة انتهاء الجدل في إسرائيل حول إمكانية وقف المشروع الإيراني بوسائل أخرى. وجاء في التقرير إن استعدادات الجيش الإسرائيلي لتوجيه ضربة لإيران في ذروتها، وإن ضربة كهذه قد تقع في غضون عام حتى عام ونصف العام.
ويقول التقرير إن إسرائيل "يائسة" من إمكانية الحصول على موافقة أمريكية لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، وحتى أن إسرائيل تتوقع أن يرفض الأميركان طلبا إسرائيليا بأن تمر الطائرات الإسرائيلية من فوق الأجواء العراقية في الطريق إلى إيران، كونها الطريق الأقصر بالنسبة لإسرائيل. وكان الرد الأميركي بأن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل على الدفاع عن نفسها أمام هجوم إيراني، ولكن لا توفق في هذه المرحلة على هجوم إسرائيلي على إيران.
ويقول التقرير، إنه بسبب القرار الاستراتيجي الإسرائيلي، فإن إسرائيل تنظر بأهمية استراتيجية قصوى للمفاوضات غير المباشرة مع سوريا، بهدف إخراج سوريا من دائرة المواجهة الإقليمية المحتملة في حال توجيه ضربة لإيران. وكان الاميركيون قد سمحوا لإسرائيل باستخدام نظام الرصد العالمي في التحذير المبكر، في خطوة هدفها تأمين إسرائيل من الناحية الدفاعية فحسب. ووفقا لما ذكرته الصحيفة، فان عدم تمتع إسرائيل بعمق استراتيجي، جعل الحكومة تحذر باستمرار على مدار الأعوام الماضية بأنها لن تنتظر تعرضها للهجوم والانسحاب للخلف، بل على العكس ستقوم باتخاذ اجراءات مسبقة لمنع تعرضها لخطر الضرب في المقام الأول.
وكشفت الصحيفة النقاب عن أن افرايم سنيه، العضو المخضرم بحزب العمل والذي غادر الحزب مؤخرا، قد أرسل وثيقة تتكون من ثماني نقاط لكلا مرشحي الرئاسة الأميركية جون ماكين وباراك أوباما وجاء فيها: "لن تقوم حكومة في القدس يمكنها قبول تسلح إيران نوويا. وبمجرد التأكد من أن إيران علي وشك امتلاك السلاح النووي سيتم التفكير بجدية في شن ضربة عسكرية إسرائيلية لمنع حدوث ذلك".
وكشفت الصحيفة عن ان سنيه عرض أيضا على المرشحين الأميركيين أن الخيار الاوحد والأرخص والأكثر عقلانية للتصدي للنووي الإيراني دون إراقة الدماء هو فرض عقوبات حقيقية من جانب الولايات المتحدة وأوروبا في وقت واحد. مضيفا أن فرض حالة من الحظر التام علي قطع الغيار الخاصة بصناعة النفط والمقاطعة التامة للبنوك الإيرانية أمر من شأنه الإطاحة- وفي فترة قصيرة- بالنظام الحاكم الآن الواقع تحت ضغط أساسا نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي هناك وسيقوم الشعب الإيراني بالإطاحة به، إذا ما كانوا يريدون المساعدة الخارجية. وأكد سنيه ان المساحة الزمنية الممكنة لتنفيذ ذلك تتراوح ما بين عام ونصف إلى عامين، حتى عام 2010.
وقالت الصحيفة ايضا أن سنيه قام بزيارة سويسرا والنمسا الأسبوع الماضي في محاولة لاستقطاب هاتين الدولتين تجاه الائتلاف المتحالف ضد إيران. خاصة وأن كلاهما قد سبق وأن أعلنا عن دخولهما باستثمارات ضخمة بعيدة المدي في حقول الغاز والنفط الإيرانية علي مدار العشرة أعوام المقبلة.

وتأتي هذه الأنباء في ظل وضع إقليمي ودولي متأزم، حيث تشتد شراسة الهجمة الإمبريالية على العالم، هذه الهجمة التي كانت آخر دلائلها المخطط الأمريكي الإمبريالي تجاه روسيا، بدفع دمية أمريكية متمثّلة بالنظام السياسية في جورجيا، إلى ارتكاب جريمة في اقليم أوسيتيا، دون أن تتوقع الولايات المتحدة بأنّ الرد الروسي سيكون عنيفًا.
في كل الأحوال، نرى في هذه الفترة "انتفاضة" امبريالية، ضد شعوب العالم، على شاكلة هجمات عسكرية، أو خطوات شبه عسكرية، ويأتي الدور الاسرائيلي في سياق هذه الخطوات كبيرًا وهامًّا، حيث تستغل إسرائيل التحرّك الإمبريالي لمحاصرة التحول نحو نظام عالمي متعدّد الأقطاب، لتقدم على ضربة عسكرية ضد إيران.
وجاء الرد الإيراني على الأنباء حاسمًا وحازمًا، فأعلنت إيران عن طريق قيادة جيشها بأنّ أي تحرك عسكري ضدّها سوف يقود إلى حرب عالمية، مستندة إلى التغيرات الدولية التي تتجه نحو القضاء على النظام العالمي أحادي القطب، السائد منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، والمنظومة الاشتراكية، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
وجاءت أقوال رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، نهاية الأسبوع، الموجّهة للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إنّ عليها الآن "حل الأزمة الإيرانية لوحدها"، لتقدّم دعمًا إضافيًّا لإيران، فمعنى هذه التصريحات هو أنّ روسيا لن تسمح بفرض المزيد من العقوبات على إيران، وسوف تسرع في بناء مفاعل بوشهر النووي.
على إسرائيل، ومن خلفها النظام المجرم في البيت الأبيض، أن تصحو إلى حقيقة أنّ العالم لم يعد ملكًا للمجرمين في الدول الإمبريالية، بل هو ملك لشعوبه، التي لن ترضى المزيد من الذل.

 

الاتحاد

الأحد 31/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع