(إلى محمود درويش)
أعدّ لكي أرى على قمّةِ الحُضورِ وجهكَ النبيّ والمعجزات في كتبُ الحياةِ وأنت تصرخُ في ليلِ الزمانِ: (أنا لستُ لي أنا لستُ لي)، أعدّ ليختلط الدمعُ بالمعنى الأخير هو الموتُ يا درويش كما وصفتهُ وهو السؤال الذي لا جواب لهُ يجيءُ كهدأة الليل على فراش الجسد في وجعِ المنفى ههنا في وحدتكَ الشعريةِ التي خلُدت في داخل كائننا المحاصر بالرياح والحدودِ والغزاةِ أمام اشتعالنا بعشق الأرضِ نناديكَ بكل ما فينا من حلمٍ وصوت، عُدْ إلينا سالما من تعب الرحيلِ فأنت لم تمت ما زلت فوق منبركَ العالي كصهوة الشمس تتلو قصيدتكَ التي أصبحت كتابا مقدّسا وقمحا نحصدهُ في عيد الوردةِ والجمال يا جدّي الروحي.
كم عبرتَ هذا البحر وكم حفرتَ فوق رياح الصحراءِ نكبتنا ونحنُ نركدُ فيكَ كالجرحِ في إيقاعِ القصيدةِ، ماذا أُسمّيك؟ وأنت الوجود بكل الوجود إلى غيمةٍ معلقةٍ فوق سماء الدّارِ، هكذا أبكي ويمتزجُ النبضُ بالحنين إلى اسمك الموجوعِ بين أيدينا كالصباحِ الشتائيّ الجديد، فهل أراكَ؟ وأخجلُ حين أنظر من هاويتي إلى عُلاكَ، وأعدُكَ على مواصلةِ الحلم والرقصِ في سبيل شعرٍ يتنفس بالحريةِ والفضاءِ، وهكذا أصمتُ في سرّي وأسألُ: عن فراغِ السفوحِ من فارسٍ شاعرٍ يكملُ ما تبقى من نشيد الأسطورةِ في شعبٍ يقاومُ من أجل حقهِ في بقائهِ الضروري.
هو الموتُ يا درويش كما وصفتهُ يأخذنا إلى عالمٍ حيثُ لا مكانَ ولا زمانَ ولا وجود.. حيثُ هدوءِ النوم الذي قرأناهُ في "الجدارية" التي حملتنا إليكَ في البياضِ وهو يوجعُ القلب، فنمْ كالطفلِ في حضنِ فلسطين لتنبت زهرا جميلاً، وطرْ كالعصافير في فردوسِكَ الأعلى لينتصر الحب والسلام وتنتصر الأغنيةْ.
باسل عبد العال
السبت 16/8/2008