الرئيس الفلسطيني ينعى محمود درويش ويعلن الحداد لثلاثة أيام
حيفا- مكتب "الاتحاد"- نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر الكبير محمود درويش الذي توفي يوم أمس الأول السبت عقب جراحة في القلب في مستشفى في ولاية تكساس الأميركية. وأعلن عباس الحداد العام بالمناطق الفلسطينية ثلاثة أيام. وأضاءت رام الله الشموع حزنا، فيما بدأت السلطة إجراءات إحضار الجثمان لمواراته الثرى. وقال عباس: "إن غياب شاعرنا الكبير محمود درويش عاشق فلسطين رائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء، سيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية، لن يملأه سوى أولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته وتمثلوا أشعاره وكتاباته وأفكاره وسيواصلون حمل رسالته الإبداعية لهذا الجيل وللأجيال القادمة". وأعلن الرئيس الفلسطيني "الحداد العام في الوطن لمدة ثلاثة أيام تكريما لروح فقيد الشعب والأمة والإنسانية وتعبيرا عن حب هذا الشعب لابنه البار والمميز محمود درويش". وكان عباس استهل كلمته بالقول: "كم هو مؤلم على قلبي وروحي أن أنعى للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها الذي انتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها الساعة التاسعة والنصف بتوقيت فلسطين". وقال نمر حماد مساعد الرئيس الفلسطيني إن السلطة بدأت إجراءاتها لإحضار الجثمان لمواراته الثرى في فلسطين. وتجمع عدد من الفلسطينيين وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة بمجرد إعلان خبر الوفاة، وأضاؤوا الشموع تعبيرا عن حزنهم لرحيل درويش. وكان مصدر طبي أمريكي أكد نبأ رحيل درويش بعد أن تدهورت حالته الصحية في أعقاب عملية جراحية. ونقلت مصادر في رام الله الخبر، وأفادت أن الرئاسة الفلسطينية تعكف حاليا على إجراءات نقل جثمان الشاعر إلى الأراضي الفلسطينية. ودرويش هو أحد أهم الشعراء الذين كانوا صوت القضية الفلسطينية في العالم، وأحد أهم الشعراء الذين أسهموا في بناء الشعر العربي الحديث. ولد درويش في قرية البروة من أراضي 48 والتي دمرتها إسرائيل عام 1948 لتبنى في مكانها قرية زراعية يهودية باسم احيهود. وبعد النكبة لجأت عائلته إلى جنوب لبنان ثم عاد متخفيا بعد سنة مع عائلته إلى فلسطين، ليبقى فترة قصيرة في قرية دير الأسد في الجليل قبل أن تستقر العائلة في قرية الجديدة المجاورة لمسقط رأسه. وتنقل درويش بين قرى الجليل لدراسته الإعدادية والثانوية، ثم استقر في مدينة حيفا حيث التحق بالحزب الشيوعي اليهودي العربي، ليمارس فيه نشاطه السياسي والأدبي والثقافي. عمل درويش في صحيفة الاتحاد ومجلة الجديد التابعتين للحزب الشيوعي في مدينة حيفا. وفي هذه الفترة بدأ ينظم الشعر، وعرف في فلسطين بأنه "شاعر المقاومة". وأثار غضب إسرائيل التي أصبحت شرطتها تحاصر أية قرية تقيم أمسية شعرية له. حتى أن قصيدته "عابرون في كلام عابر" أثارت نقاشا حادا داخل الكنيست. وقد تعرض درويش لملاحقات أمنية إسرائيلية وسجن ثلاث مرات (1961 و1965 و1967) ثم فرضت عليه إقامة جبرية بسبب تصريحاته ونشاطاته السياسية. وكان بين مجموعة من الشعراء ضمت الشاعر الراحل القائد توفيق زياد، والشاعر سميح القاسم، له طول العمر، وآخرين، الذين كتبوا من داخل إسرائيل عندما كانت رئيسة الحكومة في تلك الفترة غولدا مئير تقول علنا "ليس هناك فلسطينيون". وعام 1972، غادر حيفا لمصر حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية ومنها انتقل لبيروت. وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وخروج المقاتلين الفلسطينيين عام 1982، توجه للقاهرة ومنها لتونس ثم باريس. وعام 1993 استقال درويش من عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاق أوسلو، معتبرا أنه "ليس عادلا لأنه لا يوفر الحد الأدنى من إحساس الفلسطيني بامتلاك هويته". ثم عاد منتصف التسعينيات إلى غزة ثم اختار الإقامة في رام الله في الضفة الغربية المحتلة. وانتقد الاقتتال بين الفلسطينيين في آخر ما كتب "أنت منذ الآن غيرك" التي نشرت في حزيران 2007. الأثنين 11/8/2008 |