شعراء مصريون: رحيل درويش.. نهاية عصر من الشعر العربي
القاهرة- وكالات- بنبرات حزينة تكسوها الدموع خرجت كلمات الشعراء المصريين في تأبين شاعر فلسطين محمود درويش الذي وافته المنية السبت لتؤكد أن شعره ظل عابرا للزمان والمكان معا. وقال الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في تصريحات صحافية إن "درويش لم يكن شاعرا عاديا، بل هو رجل أعطى حياته كلها للقصيدة، وعاش بها زاهدا متصوفا عن المناصب والوظائف، وظل حالة نادرة بين الشعراء إذ لم تأته حالة الانقطاع التي عادة ما يمر بها الشعراء". وأضاف أن درويش لم يكن من الذين يعيشون على ماضيهم بل كان دائم التجديد في شعره وإبداعه، وكان يتسابق مع كل حركات التجديد في الشعر العربي لذلك اعتلى قمة هذا الشعر. وأشار الأبنودي إلى أن الشاعر الفلسطيني الراحل لم ينزلق إلى مدراس الغموض والعنكبوتية في الكتابة، وإنما كان شعره واضحا بلا مباشرة، لأنه كان يحمل في ضميره دائما قضية الشعب الفلسطيني. وقال الشاعر أحمد الشهاوي إن درويش عانى خلال الأعوام الأخيرة من "كراهية مغلفة" من بعض الشعراء، خاصة الفلسطينيين الذين كانوا يكيلون له الشتائم والاتهامات بالتطبيع مع إسرائيل، لكنه كان دائما الأرفع قدرا والأذكى تعاملا معهم، وكان لا يرد عليهم. وأضاف في تصريحات صحافية: "كان درويش يؤكد أنه لا يقف عائقا أمام هؤلاء المنتقدين، وأن عليهم فقط أن يكتبوا ليثبتوا أنفسهم، وأن الساحة الشعرية الفلسطينية تسعى لألف شاعر"، مؤكدا أن شعر درويش "سيبقى طويلا عابرا للزمان والمكان معا". وتابع الشهاوي أن درويش كان يعلم أن هذا الجدل قدره، لأنه عرف أن أستاذه وشاعره المفضل "المتنبي" ظل مثار جدل شعري وسياسي في حياته وحتى بعد وفاته وإلى الآن، وبالمثل سيظل محمود درويش مثار خلاف. وقال إن هذا الجدل العقيم أوجع قلب الشاعر الراحل في الفترة الأخيرة ودفعه إلى السفر للعلاج. وأشار إلى أن منتقديه كانوا دائما ما يتهمونه بالتطبيع لمجرد حضوره محفلا دوليا يشارك فيه شعراء يهود أو إسرائيليون، رغم أن منتقديه كانوا يشاركون أيضا في المحافل ذاتها. وأضاف: "بدلا من الاختلاف حول شخصه، فليبحث منتقدوه عن المكان الذي طالما كان حلم درويش وأمه أن يدفنا فيه، في قريته "البروة" التي أزالها الإسرائيليون من الوجود عام 1948". واعتبر الشاعر بشير عياد أن رحيل درويش "رحيل لعصر من الشعر، لأنه رغم ما تركه من أعمال وقصائد يناطح بعضها بعضا، فإن غياب هذا الوجه والشخصية وهذا الحضور غير المسبوق خسارة كبيرة للثقافة العربية عامة والشعر خاصة". وقال في تصريحات صحافية: "لا أقول إن الراحل كان رمزا من رموز المقاومة في فلسطين وحسب، بل من رموز الشموخ الشعري في أرقى صوره، وإذا كانت القضية الفلسطينية هي جوهر تجربته الشعرية، فإنه أعطى للشعر ما يزيد عن سنوات عمره المعدودة". وأكد أن شرخا كبيرا أصاب الثقافة العربية والشعراء العرب برحيل محمود درويش، مضيفا "غاب عنا هذا الوجه الجميل والابتسامة الصادقة، والأستاذ الذي تعلمنا منه قبل أن نراه أو نقابله.. رحمه الله وأسكنه جناته". وقال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي إن محمود درويش استطاع بحنكته الفنية أن يتفوق على أقرانه في مصر والعراق والشام والمغرب العربي وفلسطين. وأضاف أن أهم ما يميز درويش هو علاقته بالقضية الفلسطينية التي ابتعد بها عن العنتريات والحماسة، وحولها إلى قضية إنسانية للتعبير عن حق الإنسان في أن يكون له وطن وبيت وصديقة وحبيبة. وأوضح أن أهم ما اعتنى به درويش هو لغته الخاصة التي تفرد بها عن غيره، والتي تشير إلى استيعابه للمنجز الشعري العربي، وهذا ما يجعل شعره باقيا وإضافته مميزة. الأثنين 11/8/2008 |