كلّما اقتَرَبْتُ منكَ
وجدْتُني ألتصقُ بكُمْ
- أنتُمْ عَرَبي -
أكثرْ
***
كنتُ أقلِّبُ حِجَارةَ عيترونْ
بحثاً عن أسرار قرابَتِنا
حين جاءَني من يقولُ:
قرأتُكَ في الجبهة(4)
حجراً من اللـّجونْ.
***
عند المساءِ
انتصبَ الهلالُ
حارساً كُحَيْلْ(5)،
رأيتُكُمْ تَرَوْنَني.
أطلَّ الفجرُ
فوقَ الخانوقْ(6)
رافعاً على كَفِـّهِ البنفسجيّ
نجمة َ الصّباح،
رأيتُكُم فرداً فرداً،
عرفتُ لماذا طالَ السّهرُ
لماذا طارَ النّومْ
***
أعترفُ أنّكُمْ همزَة الوصل
بين شَكّيَ والحُلمْ،
حملتُ الأوّلَ عشرينَ ساعة جوّ
لأتَلَمّسَ في النّسيمِ
وجودكُمْ.
كلّما تنفـَّس ليمونُ حيفا
وزعترُ الجليل،
شمالاً،
أوغلتُ في الثـّاني،
أأنتُمْ هنا؟
أنتُمْ حقاً هنا!
***
أراكُمْ ولا أراكُمْ
أسمعكُمْ ولا أسمعكُمْ
أشمّكُمْ ولا أشمّكُمْ
أذوقكُمْ ولا أذوقكُمْ
***
قالوا لي:
لا تُشْهر جوازَ السّفر الغريبِ
إن كنْتَ تريدُ الإمساك بوطنْ،
سمعتُ صداكُمْ:
نَقـْبَلُ التّلَطـُخَ به كي نُمسكَ بوطنْ،
تأكّدَتِ المسافة الواهية
بين الحُلْم والحقيقة:
لا يُلوِّث الجوازُ المستعارُ هويّة ً
الهويّة ُ تَغـْلِبُ الجنسيّة ْ
***
حِصاركُمْ أبُو الأحْصِرةْ،
كونوا بعضَ شعبٍ بلا أرضٍ
أو بعضَ أرضٍ بلا شعبٍ
كونوا،
إذنْ أنتُمْ هُنا ولا هُنا
إذنْ لستم هُنا... وهُنا،
اكتشفتُ أوّلَ أسرار التصاقي بكم:
أنتُمْ هنا...إذنْ أنا هُنا
أنا هنا...إذنْ أنتُمْ هُنا
***
كِذبَة تفصلُني عنكُمْ،
رائحة ترابٍ وحجرٍ
تقرّبني منكُمْ،
التـّرابُ هو الأبْقى،
الحَجَرُ هو الأقوى،
والباقي سَرابٌ،
هل يَفقهوا معنانا؟
هل يَفقهوا معناهُمْ؟
***
قلْتُ:
في البدءِ كُنْتُمْ
قيلَ: في البدءِ كان تمّوزْ.
قلت كي لا يَخْرَبَ العشّ
الذي يحتضنُ صيصانَ أحلامي:
في البدءِ كنتُمْ وتمّوزْ
***
أويتُ للفراشِ،
نَظرْتُ الى سقفِ بيت أبي المُرمّمْ،
لم أجد آثارَ الدّمار ِ
لم أجد آثار التّهجير ِ
لم أجد آثار الصّاروخْ،
نِمْتُ هانئاً
في بيتِ أبي المرمّمْ
في اللـّجونْ،
أفقتُ طليقاً
بين حجارةِ عيترونْ
--------------
1) أديب وشاعر فلسطيني من قرية الّلجون.
2) قرية فلسطينيّة مدمّرة ومهجّرة.
3) مسقط رأس الكاتب في جنوب لبنان.
4) الموقع الالكتروني للجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة.
5) من الجبال الفاصلة بين عيترون وفلسطين لجهة الجنوب.
6) الوادي الفاصل بين جبلي كُحَيْل والعريض لجهة الجليل.
حبيب فارس
الخميس 7/8/2008