فجّرت خبطات أقدام شباب وصبايا فرقة "يافة الناصرة" مساء الأربعاء الماضي في مقهى جفرا وسط البلد، أرض المكان ينابيع وعد وزغاريد حيوية وأزاهير جمال.
وصنعت الفرقة القادمة من مدينة الناصرة المحتلة، وتحديدا من بلدة يافة الناصرة الملاصقة لمدينة البشارة، لحظة فرح عارمة تفاعل معها زهاء 600 شخص امتلأت بهم مقاعد المقهى وفضائه المطل على عمان القديمة.
وقدمت الفرقة التي تأسست قبل 16 عاما دبكات شعبية ورقصات تعبيرية مرت خلالها على مختلف أنواع الدبكة الفلسطينية على وجه الخصوص والشامية على وجه العموم: الدبكة الشمالية والشعراوية والعسكرية والكرادية والمغربية.
وغنت صبية الفرقة المبدعة سيرين علي الصالح بمرافقة عود كمال خليل رئيس فرقة بلدنا المحلية "هدّي يا بحر هدّي طوّلنا في غيبتنا/ ودّي سلامي ودّي للأرض اللي ربِتنا".
وقدم أعضاء الفرقة البالغ عددهم 35 راقصا وراقصة قبل ذلك رقصة للأغنية الشعبية "طلة’ خيلنا".
وبهدف إحياء التراث الفلسطيني والمحافظة عليه وحمايته من الضياع والنسيان، تأسست فرقة "يافة الناصرة" عام 1992 من شباب وصبايا بلدة يافة الناصرة البالغ تعدادها 17 ألف نسمة.
وحققت منذ عامها الأول انتشارا ورضا عارما في مختلف جهات فلسطين (التاريخية والمفترضة)، وشاركت خلال مسيرتها في مناسبات ومهرجانات محلية وعربية ودولية، وزارت خلال ذلك بلدانا عدة،
ومثلت الفرقة فلسطين عام 1997 ضمن فعاليات معرض الكتاب الدولي في القاهرة، كما مثلتها أيضا عام 2005 في مهرجان تعايش الشعوب الذي أقيم في مدينة ملقة الإسبانية.
وحازت عبر مشوارها على عديد الجوائز والألقاب، ونالت ترحيبا أينما حلت.
وتواجه الفرقة بحسب رئيسها ومنسق شؤونها قصي علي الصالح، بعض العوائق المالية والمضايقات وهي تواجه مختلف أشكال العقبات والإحباط، بحسب العلي، بمزيد من العزم والإصرار وبطاقة معنوية
ومادية ذاتية.
وهم الآن، كما ذكر العلي، بصدد مشروع "أوبريت وطني ملتزم". وعن أزياء الفرقة أوضح العلي أنها تعكس فولكلور مختلف مدن ومحافظات ومناطق فلسطين غرب وشرق (الخط الأخضر).
وتشارك الفرقة في أمسية ينظمها مقهى جفرا في الثامنة من مساء بعد غد للفنان السوري سميح شقير.
ويسعى مقهى جفرا منذ افتتاحه قبل حوالي عامين، إلى تأسيس حراك ثقافي فني شعبي ونخبوي عمّاني، خصوصا منطقة وسط البلد (قاع المدينة).
ويحاول المقهى بإدارة الناشط عزيز المشايخ، أن يسهم في إعادة الحياة الثقافية إلى تلك المنطقة النابضة بالناس والحركة الدؤوبة في قلب العاصمة. وأن يحدث انزياحا ولو جزئيا في المفهوم التقليدي
للمقهى الشعبي الذي يؤمه كثير من الناس بهدف لعب ورق الشدّة أو طاولة الزهر أو تدخين الأرجيلة فقط.
ورغم عدم تعود الناس، خصوصا شريحة الشباب منهم على خلو مقهى شعبي من ورق الشدّة وطاولة الزهر، إلا أن جفرا وخصوصا بما قدمه من بدائل متمثلة بالنشاطات الثقافية والفنية الدورية وإقامة
المعارض التشكيلية وحفلات توقيع الإصدارات الأدبية والفكرية المتنوعة، خلق أعرافا جديدة، لما يمكن أن يكون عليه مقهى ما في قاع المدينة.
ويقترب المكان بجهود القائمين عليه، من تحقيق مفهوم مقهى الرصيف كما في عواصم عربية (بيروت نموذجا) وعالمية (باريس نموذجا) عديدة. وللوصول إلى الرصيف بمفهومه المادي العملي استأجرت إدارة جفرا المعبر المؤدي إلى المقهى وتفرعاته ومفرداته، ليصار مستقبلا إلى تجهيزه كمقهى رصيف بالتنسيق مع أمانة عمان الكبرى.
وافتتحت إدارة جفرا في سياق متواصل، مقهى "ركوة عرب" الذي يتحقق فيه تماما مفهوم مقهى الرصيف بمكانه المميز قرب ساحة باريس (دوار الحاووز سابقا) في جبل اللويبدة.
وتحتل مقاعد "ركوة عرب" رصيف الشارع المتفرع من ساحة باريس باتجاه المقر القديم لرابطة الكتاب، والمحاذي للشارع الذي يتواجد فيه المركز الثقافي الفرنسي.
واستضافت جفرا عبر حراكها الممتد على مساحة عامين من الزمان الشاعر العربي المقيم في باريس أدونيس، والشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي والفنان السوري
سميح شقير، وعرضت العديد من المسرحيات المحلية والعربية والأجنبية ("ذاكرة لوركا" نموذجا). ونظمت ورعت عشرات الأمسيات الموسيقية لفرق محلية وعربية وعالمية. ويعزف ويغني فيها بشكل منتظم الفنان نصري خالد الذي لحن ووزع كثيرا من أغنيات الفنانة عايدة وفنانين محليين وعرب آخرين.
وانطلقت من جفرا وبرعايتها حملة "أوعى" الساعية لمكافحة المخدرات بالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات الأردنية.
كما تحظى فرقة "بلدنا" التي يقودها ويشرف عليها الفنان كمال خليل وتشاركه الغناء فيها ابنتاه هيفاء وبيسان، بمساحة خاصة داخل فضاءات ونشاطات المقهى.
عن "الغد" الاردنية
محمد جميل خضر
الثلاثاء 5/8/2008