انقــلاب آخــر



* هذه الفوضى في الشخوص المتوطنة والمتدينة والتي تسيء الى الفكر والدين وتشكل بؤرة طرد وليس نقطة جذب نحو الوطنية والدين *

تحت غطاء تفجير غامض وربما مبرمج تشن حركة حماس حرباً شعواء على كل من لا يقاسمها رأيها ويلهج بالثناء على سياستها التي جلبت الدمار والخراب الى غزة ولم تنجها مهادنة الاحتلال واسقاط شعاراتها المتوالية ومعاقبة المقاومين انصار الأمس ومطاردة المناضلين من ابناء الفتح من ازمتها الداخلية. فبينما كان الحديث عن حوار وفقاً لمبادرة الرئيس ابو مازن وبعد ان كرر دعوته ووكّل الشقيقة مصر بقيادة الحوار، جاء الانقلاب الثاني وبعضه داخلي ليبدد اي امل في اعادة اللحمة الى جسد الوطن وشعبه.

 

إن هذه الحرب على كل ما هو كائن من مؤسسات وفصائل وقيادات يعني ان تيار اللاعودة خطف حركة حماس نحو الأسوأ وأدار ظهره لحركة التاريخ والجغرافيا. ولعل صمت قيادات حماس في الخارج يشير دون ادنى شك الى ان قيادات الداخل تحاول تصدير خلافاتها بتوجيهها نحو الفصائل الاخرى بدلاً من النظر الى داخلها وحل خلافاتها، لأن انفجاراً واحداً لا يبرر ما يحدث وهذا لعمري بداية انهيار حركة مقاومة تحولت الى حركة مساومة وتسلط بأي ثمن.

 

إن القضية الفلسطينية ككل لم تتعرض في تاريخها لمثل هذا الوضع الشاذ، وبات المواطن الفلسطيني قاب قوسين او ادنى من الكفر بالفصائل الوطنية والمتدينة، لأن هذه الفوضى ليست في الفكر او الدين بل في الشخوص المتوطنة والمتدينة والتي تسيء الى الفكر والدين وتشكل بؤرة طرد وليس نقطة جذب نحو الوطنية والدين.
ففي الشمولية التامة نجد ان الاحزاب والتيارات والجماعات والنظم القومية والوطنية أفلست بسبب ممارساتها الفاشلة وهذا جعل الناس تنفض عنها وتفقد حتى الأمل في الفكر الوطني لفشل النظم التي مثلته والفكر القومي لبشاعة النظم التي حكمت تحت شعاره والمتدين لفداحة الضرر الذي الحقته بعض التيارات الاسلاموية بالدين والمجتمع.

 

إن من واجب اي مثقف وكاتب ان يحذر من سياسة تحطيم النماذج الفكرية والعقائدية بسبب النظم والاحزاب، لأن هذا يفقدنا الأمل في اي تغيير او تطور سياسي في الساحة العربية ككل، لأن تسطيح الفكر الحزبي بممارسات خاطئة واختصار الوطنية والقومية في شخص حزبي حاكم والدين في مفهوم احادي يكفر ما عداه لهو كبيرة من الكبائر. فلنعد الى صوابنا ولنبشر الناس بأن الخطأ بشري وليس فكرياً وعقائدياً، حتى نحافظ على جذوة الأمل في النفوس وحتى يستقر الوضع في غزة لنبدأ حواراً عقلانياً.

 

عن "الحياة الجديدة"

حافظ البرغوثي
الأثنين 4/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع