الاغتراب يطارد مارسيل خليفة حتى في وطنه



* الفنان اللبناني يقول ان بحثه الدائم عن موطن دافئ جعله يتجاوز الفضاءات الضيقة المحدودة في وطن واحد*

طنجة (المغرب) - تألق الفنان اللبناني مارسيل خليفة وانتقاله من عمل ناجح الى آخر وصل حدود العالمية لم يخلصه من ذلك الاحساس العميق بالاغتراب أو الشعور الابدي الذي يصاحب عددا من الفنانين والمفكرين مرهفي الاحساس.
وقال خليفة على هامش احيائه  حفلا فنيا بمدينة طنجة في شمال المغرب "حياتي وعملي وتجوالي لم يستطيعوا مطلقا زعزعة احساسي بالاغتراب في المواطن الجديدة حتى عندما أعود الى وطني لبنان".
هذا الشعور بالاغتراب والبحث الدائم عن موطن أو "حضن دافئ في هذا التيه والبرد والرحيل" جعله يتجاوز الفضاءات الضيقة محدودة الافق وينتمي "الى أكثر من عالم مسافرا عبر الحدود" وهو يقوم بذلك "بحب وباحساس واقعي بالارض" لان هذا اٌلاحساس في الاخير ما هو الا "احساس بالحرية".
وتأتي زيارة خليفة المقيم في باريس لطنجة في اطار الدورة الرابعة "للمهرجان المتوسطي للثقافة الامازيغية". كما زار قبل نحو شهر مدينة أغادير في جنوب المغرب في اطار مهرجان "تيميتار". وهي زيارات يدخلها مارسيل ضمن هذا الاحساس والتوق للحرية عبر فضاءات متعددة.
وتفاعل الجمهور الذي قدر بالآلاف في حفل طنجة مع خليفة ورددوا معه أشهر أغانيه كما نجحوا في قلب الادوار ودفعوه الى أن يردد معهم أشهر أغانيه في جدلية موسيقية غنائية.
وكعادته لا يحب خليفة الخوض في التفاصيل الدقيقة لكن حديثه يقترب بشكل كبير من موسيقاه.. رقيق هادئ في ايقاعه صاخب قوي من حيث مضمونه وشحنته الدلالية وقيمه الجمالية العالية "كلما يتوغل الانسان في تجربته عليه أن يتحصن من المجابهات التي تعترضه.. الذات الابداعية ربما تكون تعبيرا عن الحقيقة غير الموجودة في الواقع الذي نعيشه".
هذه الحقيقة التي ظل يبحث عنها خليفة ممتطيا صهوة الابداع والبحث الموسيقي جعلته "يحب كل شيء وممكن الا يحب أي شيء".
لكن تعريف الحرية عند خليفة هو "ترك السلطة الفقيرة الجامدة للحكام والابتعاد عن تملق الذات" لان " الاتصال بالعالم هو أن تتصل بأمكنة لا نهاية لها من المعرفة والحرية".
وفاز خليفة في نهاية العام الماضي بجائزة "شارل كروس" الفرنسية وهي جائزة توازي جائزة "جرامي الامريكية" في فئة الموسيقى العالمية تقديرا لعمله الفني "تقاسيم" الذي أهداه للشاعر الفلسطيني محمود درويش.
كما قدم خليفة العمل "شرق" في نهاية العام 2006 بمشاركة مئة عازف ومئة منشد فوق مسرح "بياسانزا" التاريخي في مدنية ميلانو الايطالية.
وقامت الفرقة الفيلهارمونية الايطالية بقيادة كارل مارتان بعزف هذا العمل. وقال مارسيل انه بحث من خلال " شرق" عن "عكس نفسه على الورق" لانه "لا رغبة لديه.. باخفاء أي شيء."
وبدأ خليفة (58 عاما) مساره الفني في نهاية السبعينات عندما أطلق البومه "وعود من العاصفة". وأسس بعد ذلك فرقة الميادين التي صاحبته في عدة أعمال من بينها "أعراس" و"الجسر" و"أحمد العربي" و"تصبحون على وطن".
وأشتهر بغنائه لكبار شعراء المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم محمود درويش وسميح القاسم وقاسم حداد.
وبدأ خليفة في الاعوام الاخيرة يتجه أكثر الى التأليف الموسيقي مبتعدا نسبيا عن تلحين الاغاني لانه "لا يفصل بين الابداع من حيث الكتابة الموسيقية او الكتابة للقصيدة".
وعن تغير المشهد الفني الذي طغى عليه جانب الربح والتجارة والابتذال قال "انه يهرب من هذا الصخب المدوي الذي يصم الاذان.. أذهب وحيدا الى ذلك الافق البعيد لاكتشف غموض الافاق.. هناك ارى أناسا كثيرين قد هربوا مثلي ونلتقي سوية في هكذا امسيات".

الأحد 3/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع