سعْسعا فلسطين وسعسع الشام



نلاحظ ان اسماء العديد من قرانا العربية تتكرر هنا وهناك، داخل الخط الاخضر وخارجه، وفي الاقطار العربية المجاورة. من بين هذه الاسماء سعسع جنوب غرب شفاعمرو، سعسع قضاء صفد شمال غرب صفد وسعسع الشام في سوريا.
يقول السيد مصطفى مراد الدباغ في موسوعة بلادنا فلسطين: خربة سعسع في الجنوب الغربي من شفاعمرو كانت تقوم قرية (كفار ساساي) الرومانية على بقعتها، عام 1945 كان بها 135 نسمة، بها اساسات، مدافن منقورة في الصخر، صهاريج ومغر.
لعل اسم سعسع هو تحريف لـ ساسا السريانية بمعنى العِث والارضة، وفي سوريا قرية تحمل نفس الاسم على مسيرة 26كم من بلدة قطنا، ومسافة 35كم عن العاصمة الشام. وعند العودة الى المنجد نرى ان العِث سوسة تلحس الصوف وتأكله، اما الأرضة فهي دويبة من فصيلة الارضيات تقرض الاخشاب، تعيش في البلاد الحارة مجتمعة في مستعمرات.
واذا كانت بعض المصادر العبرية تشير الى ان سعسع صفد، تحفظ الاسم العبري (ساسا) وهو تحريف لاسم كاهن يهودي هو (بارسيسا) عاش في هذه المنطقة، فلا نجد اية رابطة لتكرار هذا الاسم في المواقع الاخرى.
* سعسع صفد
دعونا نتركز في قرية سعسع قضاء صفد والتي تحدثت عنها المصادر العربية بتوسع واسهاب ومنها:
1) د. وليد الخالدي في كتابه: كي لا ننس – 2) مصطفى مراد الدباغ – بلادنا فلسطين – 3) د. مصطفى عباسي – قرى قضاء صفد في عهد الانتداب – 4) جميل عرفات، من قرانا المهجرة في الجليل.
وإذ نكنّ الاحترام والتقدير لهذه المراجع الهامة، فنتركها جانبا على اساس انها ميسرة لدى طالبي العلم والمعرفة من قرائنا الكرام، ونركز على ارشيفات الدولة اليهودية ومخابراتها قبل نكبة 1948، لنقف على ما كانت تهتم به هذه الجهات في سبراغور المعرفة والاحاطة بكل شاردة وواردة عن قرانا ليسهل الانقضاض عليها على حين غرة، تهجيرها وارتكاب المجازر فيها، لتبقى لقمة سائغة في افواه المستوطنين الجدد، ولينعموا بخيراتها، صبارها، تينها، زيتونها وغيرها من خيرات هذه الديار.
في تقرير عبري يحمل تاريخ خريف 1943 – معلومات وتفاصيل مثيرة ومذهلة عن هذه البلدة الجليلية الشامخة، نقتطف منه هذه الفقرات:
من الخُرب والآثار القديمة البارزة في القرية ومن حولها:
أ. قبر الشيخ وهيب، نبع ماء داخل المغارة. ب. قبر الست نفيسة بنت زين العابدين من نسل النبي. ج. قبر الصديق المعروف والمألوف للجميع. د. خربة قطمون، 2كم شمالي البلدة. هـ. خربة البدية شمالي البلدة. و. خربة غباطي، 2 كم جنوب غرب البلدة.
* الاودية: وادي ناصر شرقي القرية يبعد عنها 1 ونصف كم. وادي سهيل جنوب غرب القرية يبعد عنها كذلك 1 ونصف كم.
* الحيوانات: 1400 رأس ماعز (غنم)، 200 رأس بقر، 50 حصان، 20 جمل، 60 حمار.
* الاراضي: مساحتها 28,000 دونم، منها 15000 بور، الباقي ارض زراعية مفروزة.
* بساتين: كروم زيتون تعطي 70 قنطارا من الزيت، كروم تين تعطي 100 قنطار، عنب 50 قنطارا، وشجيرات اخرى تعطي خمسة قناطير، الى جانب تربية المواشي وزراعة التبغ.
* الافندية: لا يوجد افندية في البلدة، معدل ما تملكه العائلة من الارض يتراوح بين 50 – 150 دونما بعض العائلات تملك اكثر، يوجد في القرية حوالي 30 عائلة لا تملك ارضا، تعتاش على العمل عند الفلاحين، تربية المواشي واشغال يومية. دخل السكان من زراعة التبغ حوالي 6000 ليرة فلسطينية.
* الوقف: للوقف المحلي دونمان من الارض مغروسان بالخروب وخلافه حول قبر الشيخ وهيب، كذلك توجد 20 شجرة توت حول قبر الست نفيسة، وهي وقف لها. كذلك يوجد 50 دونما موقوفة لجامع البلدة.
* السكان: 1500 نسمة، عدد الرجال في اعمار ما بين 18-48 سنة هو 290 رجلا.
* العائلات: 1) دارة وهبة ينتمون الى ثلاثة فروع: أ. آل وهبة: اصلهم من سيلة الظهر قضاء جنين، زعيمهم عوض عبد الغني وهبة. ب. دار اللوباني: اصلهم من لوبية قضاء طبريا، زعيمهم سليم المصطفى. ج. دار البرغوثي: اصلهم من دير غسانة، قضاء رام الله، زعيمهم حسين الخليل. عدد افراد الفروع الثلاثة معا 800 نسمة، يملكون نصف اراضي القرية.
2) دار السيد: اصلهم من الرفاعية، عدد افرادهم 500 نسمة، يملكون ثلثا اراضي القرية. زعيمهم محاسن السيد، ميولهم الحزبية: مجلسيون، يميلون الى صبحي الخضرا في صفد.
3) دار الحاج. وهؤلاء السكان الاوائل، عددهم حوالي 200 نسمة، يملكون سدس الاراضي . زعيمهم محمود السعيد، اكبر ملاكي القرية، ميولهم الحزبية: مجلسيون، من اتباع صبحي بك الخضرا من صفد.
* المختار: محمد زيدان وهبة، عين من قبل الحكومة، مقبول على اقربائه فقط، زعيم اقليمي.
* لجنة القرية: محمود السعيد، عوض عبد الغني وهبة، سليم مصطفى، محاسن السيد ومحمد زيدان وهبة.
* المدرسة: في البلدة مدرسة حكومية، مكونة من غرفة واحدة، يتعلم بها 45 طالبا، المعلم هو محمد سامي من نابلس، يتلقى راتبه من خزينة الحكومة.
* المستوى الثقافي: حوالي 30% من الرجال يقرأون ويكتبون، يوجد راديو حكومي في بيت المختار، محمد زيدان وهبة، السكان يقرأون جريدتي الدفاع وفلسطين.
* اصحاب الحوانيت: علي شمر، محمد الشاويش، سعيد ابو خالد، بالاضافة الى اربعة حوانيت صغيرة غير مرخصة.
* موظفون حكوميون: علي حسين بدر، وهو معلم في الطنطورة، محمد كنعان شرطي، زكي ناي شرطي، انيس محمد علي شرطي، علي خليل عامل سكة حديد/حيفا، حسن خليل كذلك عامل سكة حديد، عيسى وهبة، بدالة تلفونية.
* مضافات عامة: في القرية ثلاث مضافات/منزولات، لكل حمولة مضافة خاصة، وهناك مضافات خاصة ودواوين لدى رؤساء الحمائل والمختار.
* المسجد: يوجد مسجد واحد، الامام عبدالله ذيب السيد، وهو انسان عادي.
* مهرِبون: كل شباب القرية يتعاطون تهريب الحشيشة وغيرها من سوريا، كما يهربون كل شيء لسوريا حتى ان زعماء القرية لهم علاقة بالتهريب، لذا ينقسمون الى مجموعات كل 5 – 10 يشكلون مجموعة، معظم دخل القرية من التهريب.
* البلدة في الاحداث: شاركت القرية مشاركة فعالة في الاحداث السياسية، وقدمت المساعدة المادية والتموين للثوار. من بين النشيطين السياسيين المعروفين:
- محمد الشاويش، جرح في المعركة في رجله. – علي ابو قهارو، جرح من قبل الجيش. – فتح الله نايف. قتل اثناء نصبه للغم وضعه للجيش. – عوض حسين بدر، سعيد عبدالله، عبدالله ناي، محمود السعيد (ابو الحاج) زعيم الثورة في القرية ورئيس محكمة الثورة. – محاسن السيد زعيم الثورة وعضو محكمتها.
من بين رجال القرية الذين قتلوا من قبل المخربين العرب (هكذا في المصدر): * زيدان عبد الكريم وهبة، كان زعيم القرية والقضاء، قتل جراء الوشاية (فساد) وخلافات ابان الاحداث. * يوسف محمود وهبة.
* سلاح: صادر الجيش خمس بواريد كانت مخبأة، لا يزال في القرية 20 بارودة، 40 فردا، تحمل اثناء التهريب للمقاومة حين تدعو الحاجة لذلك.
* اضرار اقتصادية بسبب الاحداث:
أ- من قبل الحكومة والجيش: هدم وتفجير بيت مكون من ثماني غرف لصاحبه محمود السعيد، تقدر قيمته بـ 1600 ليرة فلسطينية. هدم بيت محاسن السيد المكون من غرفتين، يقدر ثمنه بـ 400 ليرة فلسطينية، تصدع بيت ابو كمال العجمي، قيمة الضرر 150 ليرة. هدم بيت محمود الشاويش (غرفة واحدة) قيمته 100 ليرة، هدم بيت عوض بدر (4) غرف قيمته 800 ليرة.
ب- اضرار الحقها الثوار والثورة، الدعم المالي والاسلحة تقدر بـ 700 ليرة فرضت على الاهالي.

*وثيقة اخرى*

في وثيقة اخرى عن هذه البلدة، نقرأ معلومات مشابهة واخرى مغايرة منها: افندية ملاكون: عائلة قدورة الصفدية، عائلة مراد (كذلك صفدية ن.ن) يرهنون الاراضي للسكان.
الوقف لا املاك له سوى المقبرة والجامع وتمضي الوثيقة قائلة: "تقع البلدة غربي صفد تحدها قرى واراضي: من الغرب حرفيش، من الجنوب جبل الجرمق، من الشرق الجش، ومن الشمال كفر برعم.
المختار محمد زيدان، يميل للحسينيين، ابوه كان مختارا قبله، وقتل على يدي الثوار ابان الاحداث، بعد ان اتهم وكأنه سرّب المعلومات للسلطة عن وجود ثوار في البلدة، البعض يقول ان محاسن احد سكان البلدة هو الذي وشى به انتقاما، لأنه سلبه زوجته عنوة، بعد

ان احبها، ثم تزوجها. عدد السكان حوالي الف نسمة، 150 منهم اعدّوا لحمل السلاح.

*سكان القرية الذين شاركوا في الثورة:
عوض عبد الغني، قائد فصيل، ابو عطا، محاسن السيد، ابنا محمود السعيد، ابن اسعد ابو الشباب، قائد فصيل، محمد علي، سعيد سلالة، رضا عبيد، ابن المختار السابق زيدان، اخَوا محاسن، احمد الحاج ناصر وابنه، علي السعسعاني الذي شارك كذلك في ثورة 1929 مع القائد الدرزي المشهور فؤاد علامة، قتل علي في معركة بير الشيخ، (احد – روافد وادي الطواحين – طريق ميرون صفد ن.ن) ودفن في صفد.
* تفجير بيوت: فجر بيتا محاسن السيد ومحمود السعيد. كافة المشاركين في الثورة يعيشون في البلدة صادرت الحكومة 12 بندقية من القرية.

*وثيقة ثالثة*

وثيقة ثالثة (بالانجليزية) صادرة عن مؤسسة الذاكرة الفلسطينية تتحدث عن ثلاثة اعتداءات على بلدة سعسع:
* العدوان الاول: ابان احداث 1936 – 1939، الثورة القسامية حيث هدم 12 بيتا كبيرا تشكل 10% من بيوت القرية، الحكومة البريطانية المنتدبة قامت بالعدوان.
* العدوان الثاني: يوم 15 شباط 1948 من قبل كتيبة (البلماح) اليهودية، حيث فجرت عشرة بيوت على رؤوس اهلها النيام، استشهد 11 شخصا، 3 رجال، امرأتان، 3 بنات، 3 اولاد.
* العدوان الثالث: وقع يوم 29/10/1948 ثمة وثيقة عبرية رابعة يقول فيها الضابط (موشه كلمان) قائد عملية 15 شباط 1948: لماذا اخترنا سعسع بالذات ذاكرا ثلاثة اسباب لهذه العملية: أ. قرية سعسع تشكل مركزا للمحاربين العرب، اذا هاجمناهم فنحن نمنع زمام المبادرة من العدو المحلي، مما يجبرهم لابقاء الرجال والسلاح للدفاع عن القرية. ب. التنكيل بسعسع، القرية العربية الكبرى يثبط المعنويات القتالية لدى العدو المحلي، ويدب الخوف والرعب في ارجاء القرى العربية في الجليل بأكمله. ج. هجوم طويل المدى في عمق وعقر دار العدو، ان نجح فسيرفع المعنويات في صفوف قوات (الهاجاناة) ويعزز الثقة بالنفس لدى المحاربين اليهود. اما عن سير هذه العملية العسكرية فيقول "كلمان":
1. الهدف تفجير 20 بيتا في القرية واصابة اكبر عدد من المقاتلين. 2. المكان سعسع. البيوت مبنية من الحجارة، لا توجد حراسة جدية في البلدة. 3. ساعة الصفر الساعة 24.00 يوم 14/2/1948.

نمر نمر
السبت 2/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع