الطيبة مصممة على رفض الخريطة الهيكلية الكارثية المقترحة:
شبح الهدم يتهدد مئات البيوت لانعدام خريطة
هيكلية تلبي حاجات مواطني الطيبة



*د. زهير الطيبي: من يجب أن يقدم للقضاء ليس المواطن المسكين الذي يبحث عن حل لضائقته السكنية بل مؤسسات التخطيط والبناء التي أهملت احتياجات الطيبة* الخريطة الهيكلية الكارثية عدوان "حضاري" مبرمج على الطيبة وأهلها* أسرة بدوية تعيش في ظروف مزرية وبيتها مهدد بالهدم*

الطيبة مدينة عريقة ذات تاريخ سياسي حافل. فقبل ضم المثلث الى دولة إسرائيل حسب معاهدة رودوس المبرمة في العام 1949، كانت الطيبة تملك عشرات آلاف الدونمات، حيث وصلت أراضيها الخصبة حتى شاطئ البحر غربا، وللدلالة على ضخامة أراضي مدينة الطيبة في حينه ردد الطيباويون مقولة "سبع موجات في البحر"، لكن منذ قيام "دولتنا الفتية" غزا غول المصادرة أراضي طيبة بني صعب وطبق بفكيه عليها بحجج مختلفة وقوانين مجحفة حتى وصلت قبل عدة سنوات الى نحو 19200 دونم.
واليوم يجري الضغط على الطيبة من أجل التصديق على الخارطة الهيكلية الكارثية  المقترحة من قبل اللجنة اللوائية للتخطيط، فحسب الخريطة المقترحة التي يعارضها أهالي الطيبة هناك نية لتحويل 6500 دونم غربي شارع رقم 6 الى منطقة خضراء، وكذلك تحويل 2500 دونم من المنطقة الشرقية الى مناطق طبيعية، أي أنّه سيتم إخراج ما يقارب 9000 دونم من أصل 19200 دونم خارج نطاق التطور العمراني للمدينة، فالخارطة المقترحة تضع شارع رقم 6 كحد فاصل للتطور العمراني لمدينة الطيبة هذا بالاضافة إلى أنّ هناك حوالي 350 بيتًا في المدينة مهددة بالهدم بحجة البناء غير المرخص.

 


مراسل "الاتحاد" تجول في مدينة الطيبة برفقة عضوي اللجنة الشعبية: د. زهير الطيبي وعبد العزيز أبو إصبع حيث زار عددًا من أصحاب البيوت المهددة بالهدم وأعد التقرير التالي.

 

*أوامر هدم بحق خمسة بيوت*

تقع البيوت المهددة بالهدم بحجة البناء غير المرخص في المنطقة الغربية. وقد تلقى أصحابها قبل أيام أوامر هدم. وتعود ملكية هذه البيوت للمواطنين: أيوب جبارة، ومعتز مصاروة، ووليد مصاروة، وعبد الله نصيرات، وحسين القرعان.

 


وفي حديث "للاتحاد" مع أيوب جبارة (32 عاما) صاحب أحد هذه البيوت المهددة بالهدم، قال: "أنا متزوج وأسكن مع أمي في منزل مكتظ، لذلك قررت إقامة مبنى على أرض تملكها عائلتي منذ العام 1961 وحصلت على التراخيص اللازمة وعندما أضفت الى هذا المبنى تخشيبة قابلة للفك، الصقوا لي أمر وقف عمل رغم انتهاء العمل بها ولم يعارضني أحد خلال العمل على إضافة هذه التخشيبة، بل ذهبت قبل البدء بالعمل الى البلدية واتفقت مع لجنة التخطيط المحلية في الطيبة على أن أقوم  بتفكيك هذا الجزء من المبنى عندما يطلب مني ذلك".
ويتابع المواطن أيوب جبارة قائلاً: "لجنة التخطيط المحلية تنكرت للتسوية معي وقال لي أحد أعضائها: "نحن هنا لا نقرر بل لجنة التخطيط اللوائية في الرملة هي التي تقرر". تلقّيت قبل أسبوعين أمر هدم للتخشيبة على الرغم من استعدادي لتفكيكها وبدأت الشرطة بدوريات مكثفة في المنطقة فلماذا هذا التصرف؟!".
ويتساءل المواطن أيوب جبارة: "لماذا تقام عمارات في مستوطنتي "تسور يتسحاق" و"شاعر أفرايم" القائمتين على أراضي الطيبة المصادرة، بينما لا يسمح لنا بالبناء في أراض نملكها؟! انتظرت سنوات طويلة حتى شيدت هذا المبنى الذي يتهدّد الهدم جزءًا منه، فهل انتظر 20 سنة أخرى حتى يسمح لي بالبناء؟".
ويضيف جبارة: "المشكلة ليست فردية وشخصية بل هي مشكلة عامة والأدهى والأمر أننا في الطيبة نعاني من سياسة اللجنة المعينة لبلدية الطيبة التي لا تأخذ إطلاقا قضايا البناء والتخطيط في الطيبة على محمل الجد، بل بالعكس تحاول فرض خريطة هيكلية مجحفة بحق المدينة وأهلها".

 

*أسرة تعيش في ظروف مزرية*

 

 

زرنا بيت أسرة المواطن حسين القرعان المهدد بالهدم. وهذه الأسرة هي أسرة بدوية قدمت من النقب بعد اقتلاعها، لتبحث عن ملجأ آخر، فتواجه التهديد بالاقتلاع مرة أخرى، وهناك التقينا الحاج شتيوي أحمد القرعان (77عاما) الذي قال: "بعد قيام الدولة بترحيلنا من كسيفة في النقب، سكنّا في العام 1983 في مدينة قلنسوة ثم انتقلنا  للسكن في الطيبة حيث نعيش في ظروف مزرية ونفتقد أدنى شروط الحياة الانسانية". وقال الحاج شتيوي بحرقة: "أنظر يا إبني حولك، فالواقع يغني عن الكلام! هل يعقل أن تحشر أسرة كاملة في كرفان؟!".
أما إسماعيل القرعان فقال: "قمنا بتشييد مبنى أرضي ونحن على استعداد لسقفه بألواح من الزنك، وبدلاً من السماح لنا بالسكن في هذه الظروف رغم قساوتها، والتي تفتقد الى الحد الادنى من الحياة الكريمة، يقومون بالتهديد بهدم البيت الذي شيدناه، وطيلة الوقت نرى قوات من الشرطة تجوب المنطقة. المحامي أحمد الغزاوي يتابع قضيتنا ولا نعرف ماذا ستكون النتيجة".

 

*نضال اللجنة الشعبية*

 

 

على ضوء الأخطار المحدقة بمدينة الطيبة ولتدارك هذه القضايا المحرقة، تنادى الطيبيون من جميع الأطياف والانتماءات الحزبية والعائلية، وبعد سلسة اجتماعات تشكلت لجنة الشعبية للتصدي لمخاطر الخارطة الهيكلية وللدفاع عن الأرض والمسكن، ومن أجل النضال والتخطيط لخارطة هيكلية بديلة تلبي احتياجات الطبية الحقيقية والتي تتلاءم مع التزايد السكاني والتطور الاقتصادي. أما أعضاء اللجنة فهم: د. زهير الطيبي، ومصطفى ناشف، ومازن أبو عيطة، وبلال مصاروة، وزكريا تلاوي، وعبد العزيز الحاج علي، وخالد برانسي، وحسن عازم، وحاتم جابر، ود. إسحاق عازم، ونجيب ناشف، ود.عاطف سلامة، وعبد العزيز أبو إصبع، وفهيم الحاج يحيى، وعبد الحفيظ جبالي، ود. أحمد عراقي، ويوسف شاهين حاج يحيى، وجميل أبو راس، وخالد أبو إصبع، وعبد العزيز طويل، وشعاع منصور، وجهاد الناشف، ووليد زيد مصاروة، ويوسف جبارة، وسعود برانسي، ووليد الصادق، وأكّدت اللجنة الشعبية أنّها ترحب بكل شخص غيور على مصلحة الطيبة للانضمام إلى صفوفها. هذا وانبثقت عن اللجنة ثلاث لجان عمل مهنية وهي: لجنة المهندسين والمخططين ولجنة المحامين ولجنة الاعلام.
وفي حديث أجرته "الاتحاد" مع د. زهير الطيبي رئيس اللجنة الشعبية حول الخريطة الهيكلية وأوامر الهدم الصادرة بحق البيوت الخمسة قال: "عند وصول أوامر الهدم لخمسة بيوت في الطيبة، بدأت اللجنة الشعبية بالتحرك، فاللجنة تنظر لاستعمال عصا الهدم ضد البيوت العربية ببالغ الخطورة، لذلك يجب إيجاد حلول وأجابات شافية لأزمة السكن الحقيقية التي يعاني منها مواطنو الطيبة، وخاصة الشباب منهم، والحجة الممجوجة "البناء غير المرخص" يجب أن لا تنطلي علينا، إذ أن الشاب عندما يقدم على البناء بدون رخصة لا يقوم بذلك لأن هوايته مخالفة القانون، بل نتيجة لأزمة السكن الحادة، فالطيبة على سبيل المثال لم يتم إضافة أيةّ رقعة أرض للبناء منذ عام 1993 أي منذ أكثر من 15 عاما. وهذا الامر زاد من أزمة السكن الحادة".
وقال: "إن دوائر التخطيط والبناء تعمدت المماطلة وعدم التصديق على الخرائط  التفصيلية التي قدمت للجنة اللوائية منذ سنوات طويلة ولو تم التصديق على هذه الخرائط لكان وضع الطيبة أفضل ولأعطى الأمر إجابة ولو جزئية لاحتياجات المدينة، لذلك فإنّ المسؤولية تقع أولاً على عاتق وزارة الداخلية ودوائر التخطيط والبناء التي تقاعست عن القيام بدورها ولم تعط الإجابة للاحتياجات الضرورية للسكان".
ويضيف د. الطيبي: "لذلك من يجب أن يقدم للقضاء ليس المواطن البسيط الذي يبحث عن حل لضائقته السكنية بل مؤسسات التنظيم والبناء التي أهملت احتياجات المواطن و تطور مدينة الطيبة، وحسب رأيي السبب في المماطلة في التصديق على الخرائط التفصيلية للضغط على أهالي الطيبة من أجل التصديق على الخارطة الهيكلية الكارثية المقترحة من قبل اللجنة اللوائية التي يعارضها سكان الطيبة لأنها لا تلبي الحد الادنى من التطور والتكاثر السكاني للمدينة، فبدلاً من رسم آفاق التطور العمراني فالعراقيل توضع أمام التطور المستقبلي للمدينة. إنّ هذه الخريطة تضع الشارع رقم 6 حدًّا فاصلاً للتطور العمراني لمدينة الطيبة، وهذا الأمر لا يمكن للطيبة أن تقبله لأنّ هذا الأمر يؤدي الى محاصرة الطيبة بين شارع رقم 6 غربا وبين المنطقة الطبيعية شرقا أي يتمّ تحويل مدينة الطيبة الى "غيتو" لا أمل له بالتطور".

 

 


أما عضو اللجنة الشعبية المناضل عبد العزير أبو إصبع فيقول: "ما يحصل هو عدوان مبرمج على مدينة الطيبة ومستقلبها، وهذا ما لن نقبله ولن نسكت عليه لأننا هنا ولدنا ولن نبرح هذا المكان، وهذه البلدة الطيبة، لذلك على اللجان الشعبية في مدن الطيبة والطيرة وقلنسوة أن تعمل على تجنيد الاهالي وتوعيتهم بهدف إفشال مخططات الهدم ومخططات تحويل قرانا ومدننا العربية الى "غيتوات" بعد مصادرة أرضنا بحجج مختلفة لصالح بناء مستوطنات يهودية عليها بينما نحن في الطيبة نحرم من حق أساسي في الحياة وهو حق المسكن، هذا الحق الذي نصّت عليه قرارت الامم المتحدة".

 

 


وأضاف أبو إصبع: "على القيادات السياسية في الوسط العربي التنسيق بينها من أجل  إفشال هذه المخططات السلطوية التي تميز ضدنا وتحرمنا من حقوقنا الاساسية. إنّ الخريطة الهيكلية الكارثية المقترحة لمدينة الطيبة لا توفر مساكن ومناطق صناعية وفرص سكن وعمل لهذا العدد الهائل من الشباب، لذلك فهي مرفوضة حتى يتم إقرارخريطة بديلة تلبي الاحتياجات الاساسية للطيبة وأهلها".

 

*حقائق ومخاطر*

 

 

في العام 1999 بادرت بلدية الطيبة لتخطيط خارطة هيكلية تشمل جميع أراضي الطيبة، وبعد مداولات عديدة بمشاركة البلدية ولجنة شعبية مهنية وبالتنسيق مع مخططين، توصلت كافّة الاطراف الى صيغة مقبولة وواقعية تتيح المجال لفتح آفاق تطور جديدة حيث حاز هذا المخطط على ثقة البلدية والطاقم المهني الذي تابع خطوات إعداد هذه الخريطة، وبالرغم من كل ذلك بادرت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء إلى تخطيط خارطة هيكلية لمدينة الطيبة ضمن ما يسمى بـ"التخطيط القطري" لعدد من البلدات العربية، حيث قسمت لمجموعة عناقيد من بينها "عنقود 5" الذي شمل مدن الطيبة والطيرة وقلنسوة، حيث قامت سلطات التخطيط المركزية باختيار طاقم تخطيط ولجنة متابعة للخارطة من بين أعضائها ممثلين عن دوائر حكومية مختلفة، حيث اتضح وبنظرة ثاقبة أن مختلف الوزارات وتحت لواء مكتب رئيس الحكومة تتكالب على أراضي الطيبة للتخطيط لمصادرتها ومصادرة حق سكانها باستغلالها حسب احتياحاتهم الملحة والمستقبلية".
لقد دفعت بلدية الطيبة أكثر من نصف الاجر لطاقم التخطيط للخارطة الاولى وكانت على وشك التصديق عليها، لولا "الكرم غير المتوقّع" الذي أبدته السلطات لصرف أموال طائلة على خريطة هيكلية جديدة لا تفي باحتياجات مدينة الطيبة.
وظهرت الحقيقية الجلية في جلسة التنظيم اللوائية والتي انعقدت بتاريخ 10 نيسان من العام 2006 والتي أوصت بإيداع الخارطة المقترحة التي تضمنت الأهداف المعلنة للخارطة الهيكلية، ومن يتفحص هذه البنود يجد أنها ذر للرماد في العيون وضريبة كلامية ليس الا، ولا تعتمد على أي رصيد من خلال التخطيط المقترح حيث قامت البلدية في حينه بالتوصية عليها دون إطلاع الجهمور على حيثياتها وبجلسة خاطفة قبيل انتخابات البلدية بشهر واحد فقط.
هذا ويمكن تلخيص مخاطر الخارطة الهيكلية الكارثية المقترحة لمدينة الطيبة كما وردت في كراسة اللجنة الشعبية الصادرة في حزيران 2006 وتحت عنوان "أرض الطيبة الى أين!" بالنقاط التالية:
* مصادرة 1565 دونم من الارض الزراعية لوادي اسكندر ووادي البرك.
* تحويل ما يزيد على 7750 دونما من الارض الزراعية للطيبة الى مناطق تحريش  ومحميات طبيعية.
* تحديد شارع رقم 6 كالحد الفاصل النهائي للتطور المستقبلي العمراني للطيبة وتطويقها بمناطق محميات طبيعية قد تصادر مستقبلاً أو في أحسن الاحوال تشكل حاجزًا أخضر بين الطيبة وجاراتها من المستوطنات اليهودية.
* الخارطة المقترحة لا تفي بالاحتياجات الضرورية للازدياد السكاني حتى عام 2020 من حيث مساحة البناء المقترحة وقضية تشغيل (المنطقة الصناعية) والمرافق الحيوية الضرورية لاحتياجات المواطن والمصلحة العامة.
* تشكل الخارطة "صك غفران" للسماح بهدم عشرات البيوت القائمة والمهددة بالهدم، حيث لا تعطي هذه الخارطة الحلول التنظيمية لهذه البيوت وتبقيها خارج إطار مسطح البناء مما يسهل هدمها.

 

تقرير:جاد الله اغبارية
السبت 2/8/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع