(على هامش اللقاء الذي أجري في صحيفة هآرتس مع حجاي ألون، المستشار السياسي لعمير بيرتس)
في لقاء أجرته معه صحيفة هآرتس، يقول حجاي ألون، بأنّ الأحاديث عن الذهاب إلى حرب في لبنان، كانوا "خدعة كبيرة".
بتأخير سنتين، تنتشر حقائق عن الحرب على لبنان، تلقي الضوء على جريمة إعلان الحرب. يتضح بأنّ الجنديين قتلا على الفور، ولم تكن هناك حاجة للانتظار سنتين من أجل إعادتهم بالتوابيت. بالإضافة إلى الكارثة الشخصية التي حلّت بعائلتي الجنديين، اللتين عاشتا سنتين دون إجابات واضحة، هناك كارثة كبرى، هي ثمن هذه الحرب الملعونة. فقد قتل في إسرائيل 120 جنديًّا، و40 مدنيًّا، بالإضافة إلى حدوث دمار كبير. وفي لبنان قتل مئات المدنيين، وجرح الآلاف، وحدث دمار كبير للبنى التحتية، والقرى، والمدن، والمباني. وكل هذا على ضوء الحقائق التي تنتشر الآن، والتي كانت معروفة في ذلك الحين أيضًا، بأنّ هذه الحرب كانت غير ضرورية.
وتنكشف في المقابلة أمور عرفناها، وحذرنا منها، مثل حقيقة أنّ القيادة العسكرية في إسرائيل هي التي تقرر وتحسم في القضايا الأكثر مصيرية.
ويقول ألون في المقابلة إنّ عمير بيرتس "استيقظ ذات ليلة على رنين الهاتف، وردّ ليجد على الخط السفير الأمريكي ريتشارد جونس، الذي قال له إنّ تقارير موثوقة وصلت من بيروت إلى واشنطن، تفيد بأنّ قاذفات إسرائيلية تقصف الجسور في الأحياء الشمالية لبيروت، وهذا على الرغم من أنّ رئيس الحكومة ايهود أولمرت تعهّد أمام الأمريكيين بالامتناع عن المس بالبنى التحتية في بيروت، بهدف الحفاظ على مكانة فؤاد السنيورة"!!
وأضاف ألون بأنّ جلسة عقدت في ظهيرة اليوم التالي في غرفة الاجتماعات في ديوان وزير الأمن، وحضرها رئيس هيئة الأركان العامة، ورئيس الاستخبارات العسكرية، وقائد سلاح الجو بالإضافة إلى القيادة السياسية الأكبر في الوزارة. وقال بأنّ الحرج كان باديًا على وجوه الحاضرين، ولم يتحمل أحد مسؤولية القصف المذكور، على الرغم من أنّ جميعهم عرفوا بأنّه كانت هناك أوامر صريحة صادرة عن المجلس الوزاري الأمني المصغر، ووزير الأمن، بالامتناع عن قصف البنى التحتية في بيروت.
هناك مقطع في اللقاء يقول فيه ألون إنّ الجيش قصف الأراضي اللبنانية بالقنابل الانشطارية، التي يعتبر استعمالها جريمة حرب. من الذي قرّر استخدام هذه القنابل؟
يقول ألون: "في أعقاب الحرب فقط، عرفنا عمير (بيرتس) وأنا، أنّه تم استخدام القنابل الانشطارية، وكان ذلك في أعقاب طلب قدّمه الفرنسيون والألمان والاسبان، للحصول على خرائط انتشار هذه القنابل، كي لا يصاب جنودهم، الذين كان من المفروض أن ينتشروا في المنطقة، بجراح، جراء انفجار هذه القنابل. وعلى الرغم من أنّه كان واضحًا أنني أتوجّه إليهم باسم وزير الأمن، رفضت الجهات المسؤولة في الجيش أن تعطيني هذه الخرائط، بل كانوا يريدون أن يخفوا حقيقة أنّنا استخدمنا هذا السلاح الإشكالي كالمجانين، ضد مدنيين. لقد قاموا باتخدام هذا السلاح دون تصريح من القيادة السياسية، وبشكل غير خاضع للرقابة. كل ذلك على الرغم من أنّنا حصلنا على هذا السلاح من الأمريكيين بشرط أن نستخدمه في حال وجود خطر على الدولة".
وأكد ألون أنّ الجيش قصف المناطق التي لن يدخلها الجنود الاسرائيليون، خوفًا من إصابتهم.
نحن نشدّد دومًا على العلاقة بين السلطة ورأس المال، وفي اللقاء هناك مثال عن تطوير منظومة إسقاط صواريخ القسام. ويظهر كيف تدير الصناعات العسكرية، التابعة بجزء منها لأرباب أموال، صراعها لتحقيق جزء من الأرباح، على حساب أمن المواطنين. "اكتشفت بأنّ قوة الصناعات الامنية هي أكبر قوة في أجهزة الأمن. هناك أسباب تغاضت لأجلها لجنة فينوغراد عن هذه القضية، كما أنّها لم تحقق في فضيحة استخدام القنابل الانشطارية، وفي محاولة إخفاء انتشار هذا النوع من السلاح" أقوال ألون.
كل الأكاذيب عن "طهارة السلاح" وأخلاقيات الجيش الاسرائيلي، تتكشف بأنها خدعة كبيرة، في هذا اللقاء. على ما يبدو فإنّ الاكاذيب هي الصفة الأساسية لأولئك القيّمين على أمن المواطنين في إسرائيل. في أعقاب الخدمة العسكرية، ينتقل من كانوا قيادات في الجيش إلى العمل في المجالات الاقتصادية والسياسية في اسرائيل. ومن المحبّذ أن نجري استطلاعًا للرأي لنرى من المسيطر على الشركات المختلفة، ومن الذي يرسم السياسة؟ ليس بالضرورة أن يجري انقلاب عسكري، فهو قائم في الواقع. يمكننا أن نجد القيادات العسكرية التي أنهت خدمتها في الجيش، تجار سلاح أو مرشدين لجيوش خاصة تستخدم كمرتزقة في دول ما يسمى بـ"العالم الثالث"!
لم تكن هناك حاجة لإقامة لجنة فينوغراد، كي تقول بأنّ هذه الحرب ولدت في الخطيئة، وقيادتها لا زالت موجودة على سدّة الحكم، ورسالتها الاساسية: استمرار الحروب بدل حل الصراع الدموي.
بنيامين غونين
السبت 26/7/2008