" فطومه "



عادت أختنا فطومه أو قل العانس "فطومه" كما تطلق عليها بعض الجارات سليطات اللسان في ذلك الحي القديم من تلك البلدة التي تعيش فيه خصوصا جارتها ام فضول صيادة الرجال الاثرياء المقرشين خصوصا المسنين منهم بسبب ما يقبركن ويروجن عن ترددها وتبغددها واحجامها عن الزواج حتى الآن من أي شاب من اولئك الشباب الكثيرين الذين تقدموا اليها من اجل.. الزواج منها بسبب تخوفها من أن تكون عاقرا.. عادت أختنا "فطومه" هذا الصباح مرة اخرى تفكر بجد في مثل هذا العرض الأول من نوعه المغري جدا الذي تقدم اليها به ذلك الشاب الصغير الثري جدا والمقرش كثيرا والنغنوش ايضا مؤخرا من اجل الزواج منها والذي يصغرها بأكثر من عشر سنوات.. إنه ينتظر منها هذا اليوم جوابا نهائيا وقاطعا ومبرما حول ما تقدم به إليها.. إما بكلمة نعم عن قناعة تامة ليواصل الاتصال بها والاستعداد لتحقيق الزواج.. وإما بكلمة لا نهائية وقاطعة ومبرمة.. ليطوي صورتها وصفحتها من ذهنه الى الابد وليفتش له عن سواها.. لقد إختارها ذلك الشاب من بين جميع الفتيات وفضلها عنهن بالرغم من فارق السن الكبير بينه وبينها.. فضلها كما قال بسبب رزانتها وحسن خلقها وسمعتها الحميدة الطيبة وروحها المرحة كما قال لها بالحرف الواحد.. فضلها عن قناعة تامة وتفكير دقيق.. وإنه يريد منها هذا اليوم جوابا نهائية قاطعا أما ايجابا أو سلبا.. ما أصعب على الانسان كل انسان ان يتخذ مثل هكذا قرار مصيري.. ما أصعب على الفتاة كل فتاة أن تتخذ مثل هذا القرار.. إنها في حيرة من امرها.. انها الآن في حيص بيص.. لا تعرف ماذا تفعل.. لا تعرف بماذا ترد عليه.. لا تعرف بأية كلمة نهائية وقاطعة ترد عليه.. لا تعرف.. انه زواج كاثوليكي صارم جدا جدا ليس فيه طلاق على الاطلاق في أي حال من الأحوال.. انه سجن مؤبد.. كل الليل وهي تفكر في هذا الأمر.. فكلما تراها تتوصل إلى قناعة ما.. تراها تعود وتتراجع في الحال.. كلما تراها تصل الى قرار بأن تجيبه بكلمه نعم نهائية وقاطعة.. تراها تعود وتتراجع وتقرر بأن تجيبه بكلمة لا حاسمة نهائية وقاطعة.. انها الآن مترددة كثيرآ بسبب فارق السن الكبير بينها وبينه.. أجل بسبب فارق السن الكبير بينها وبينه.. انها الآن في الواحدة والأربعين من عمرها وتبدو في منظرها الخارجي وكانها أمه أو اخته الكبرى.. وهو الآن في الثلآثين من عمره اي بينه وبينها اكثر من عشر سنوات ويبدو في منظره الخارجي وكانه ابنها البكر أو شقيقها الصغير.. لو كانت اختنا "فطومه" قد تجوزت مثلآ وهي في الثامنة عشر من عمرها أو في التاسعة عشر من عمرها أو في العشرين من عمرها لكان عندها الآن ولد في العشرين من عمره أو بنتا في العشرين من عمرها.. لو كان هذا الشاب المتقدم للزواج منها هو الذي يكبرها بمثل هذا الفارق.. الكبير من السن بل حتى لو كان أكثر من هذا الفارق ايضآ لكانت قد قالت له حالآ حين فاتحها بالأمر نعم دون تردد على الاطلاق وقربطت به باسنانها.. لو كان هذا الشاب أصغر منها بسنة واحده مثلآ أو بسنتين أو ثلاث سنوات أو حتى بخمس سنوات ايضآ لما ترددت على الاطلاق لكانت قد قالت له حالآ نعم.. لكن.. ان تكون هي أكبر منه بمثل هذا الفارق الكبير من العمر فانه الجنون بعينه.. بل التهور بعينه .. بل الحماقة بعينها .. بل الانتحار المميت.. أجل الانتحار المميت.. ماذا ستقول عنها الناس فيما لو قبلت.. الزواج منه ..؟ اجل ماذا ستقول الناس عنها ..؟ ماذا ستقول عنها تلك الجارات بالذات سليطات اللسان اللواتي يطلقن عليها بالعانس ..؟ ماذا ستقول عنها تلك الجارة ام فضول صيادة الرجال بشكل خاص..؟ انها حتمآ ستنعتها بكذا وبكذا .. انهن جميعا سوف ينعتنها بأم حصان وبأم زنبور وبإم الشباب وبإم وبإم.. إنها تتخيل نفسها الآن وقد قررت نهائيآ وأجابته بكلمة نعم وغدت زوجته.. بالفعل وقد مر على زواجها منه عشر سنوات فقط ودخلت في عقدها الخامس.. ودخل هو في عقده الرابع ويلها.. كيف سيكون منظرها الخارجي أمامه بشكل خاص وأمام الناس أيضا ..؟ أجل كيف سيكون منظرها ..؟ حتمآ سيكون منظرها الخارجي أكثر بشاعة وأكثر تجعيدآ مما هي عليه فيه الآن.. سوف تبدو كما لو تكون أمه أو شقيقته الكبرى.. سوف تبدو كما لو تكون خالته أو عمته .. فهي الآن في منظرها الخارجي وهي في الأربعين من عمرها تبدو وكأنها في الخمسين من عمرها.. تبدو أكبر من عمرها الحقيقي بعشر سنوات.. هكذا النساء معظم الناس حين تقفز المرأة عن الأربعين من عمرها وتدخل في عقدها الخامس تبدأ في التراخي والتراجع والانكماش بعكس الرجل.. فالرجل كل رجل حين يدخل في عقده الرابع والخامس يكون في أوج رجولته التامة وفحولته.. فكيف لها حين تكون في عقدها الخامس أن تلبي رغباته الجنسية ..؟ أجل كيف لها ان تلبي رغباته الجنسية إنها حتمآ سوف تواجه مشكلة.. فهي الآن غير متأكدة من نفسها.. بأنها تستطيع ان تلبي رغباته الجنسية.. إنها تريد ان تتزوج مثل كل انسانة اخرى وتبني لها عشآ زوجيآ سعيدآ مثل كل انسانة اخرى.. تريد ان تبني لها عائلة سعيدة مثل كل انسانة اخرى.. تريد ان يكون لها زوج مثل كل انسانة اخرى.. تريد تصبح امآ مثل كل ام اخرى .. تريد أن يناديها الناس بأم فلان مثلما ينادون كل أم اخرى.. تريد ان تتزوج وتلد ولو ولدآ واحدا على الاقل ليرث مثل هذه الورثة الكبيرة التي ورثتها عن والديها .. تريد ان تمحو عنها لقب عانس.. ما أصعب على الفتاة ان يطلق عليها بالعانس .. تريد أن تتزوج وتخرس كل الالسنة عنها.. تريد ان تخرس السنة جميع جاراتها عنها .. تريد ان تخرس لسان جارتها أم فضول بالدرجة الاولى.. كل الذين تقدموا للزواج منها كان هدف كل واحد منهم ان يغسل قدميه ويدخل الى مخدعها الزوجي على البارد المستريح كما يقولون لينعم ويعتاش ويتنغنغ على ثروتها الكبيرة التي ورثتها من والديها.. انها الآن في حيرة تامة من امرها.. لا تعرف بماذا ترد عليه.. لقد وعدته أن ترد عليه هذا اليوم .. وعدته ان ترد علية في تمام الساعة العاشرة من هذا الصباح اما بكلمة نعم واما بكلمة لا.. لم يبق امامها سوى ساعة واحدة فقط.. هل ترد عليه بكلمة نعم وتجازف وتتحمل المسؤولية .. ام ترد عليه بكلمة لا وتظل عانسآ طيلة حياتها وتظل عرضة للشماتة ..؟ يا لها من حالة حرجة.. يا لها من حالة مربكة.. انها الآن تقف على مفترق طرق.. تخشى ان تتسرع وتقول له نعم وتدخل في المجهول.. وتخشى ان تقول له لا وتذهب ثروتها إلى.. الحكومة.. ان هذا الشاب يختلف عن باقي الذين تقدموا للزواج منها.. ليس هدفه ورثتها.. أنه ثري ... ويملك ثروه تفوق ثروتها.. أنه صادق في اختياره لها.. وأنها تصدقه.. يريد بالفعل الزواج منها عن قناعه تامة.. حب حبيبك لو كان عبدآ اسود كما يقولون.. لقد احبها وهام بها من اجل طيبة قلبها ورزانتها وحسن اخلاقها ومن اجل سمعتها الطيبة وسمعة والديها المرحومين الطيبة.. فضلها عن سواها.. لقد فضلها عن ابنة عمه الفاتنة التي يسيل لعاب كل شاب عليها.. قال لها كلمة واحد اقتنعت بها.. قال لها بالحرف الواحد اريد زوجة تكون لي بمثابة والدة وشقيقة وعشيقة وزوجة في ان معآ.. اريد شريكة تجمع مثل هذه المواصفات.. فهي من هذه الناحية تملك هذه المواصفات ... انه بالفعل صادق.. لا يهمه فارق السن.. كل ما يهمه التوافق الزوجي والتفاهم والتجانس والمحبة.. لا تعرف بماذا تجيبه.. الوقت يضيق الآن ويضيق ولم يبق سوى ساعة واحدة امامها لتعطي جوابها النهائي.. فهذه فرصة ثمينة جدأ بالنسبة اليها ربما لا تتكرر.. عليها الآن ان تقرر بشكل نهائي وقاطع .. عليها ان تحسم الآمر.. ولك شوفيها يا فطومه.. اجل ولك شو فيها ..؟ ما فيها شائبة ولا فيها اي عيب على الاطلاق.. لست انت اول واحده متقدمة بالسن تتزوج من شاب يصغرها بكثير.. كثيرات مثلك تزوجن من شباب اصغر منهن بكثير ويعشن معهم بسعادة تامة.. ومحبة صديقتك مسعوده تقدم بها العمر وتزوجت من شاب اصغر منها بعشر سنوات وعاشت معه بسعادة ومحبة تامة وما بحلف وما بسبح الا في حياتها وشايفها ومش مصدق.. منغنغها تمامأ وما بقول لها الآ امرك يا ستي.. سوف تتزوج من هذا الشاب بالرغم من فارق السن الكبير الكبير بينها وبينه سوف تتزوج من أجل ان تلد لها منه ولو ولدأ واحدأ على الاقل ليرث هذه الورثة الكبيرة التي ورثتها عن والديها.. سوف تكون له بمثل هذه المواصفات التي يريدها.. سوف تكون له مثل الزوجة الصينية المثالية التي تجمع في كيانها الزوجي مواصفات الام والشقيقة والعشيقة والزوجة في آن معآ.. سوف تكون له بمثابة والدة قبل كل شيئ وعشيقة وزوجة في آن معآ.. سوف تكون له مثل كل زوجة عاقلة وحكيمة ترى الاشياء بسمعها وفي نفس الوقت تسمع تلك الاشياء بقلبها.. سوف تعامله كزوج وكشقيق وكعشيق وكأبن في نفس الوقت.. سوف وسوف.. لديها احساس الآن قوي جدآ بانها ستعيش معه.. وتسعد بالرغم فارق السن الكبير بينها وبينه.. لديها احساس ايضآ قوي بانها ستحمل منه وتلد ولو ولدآ واحدآ على الاقل ليرث هذه الثروة الكبيرة التي تملكها.. لديها ولديها .. ستكون عند حسن ظنه بها.. ستكون عند تطلعه وامله وحلمه بها.. ستكون له زوجة مثالية يحتذى بها.. ستكون وستكون.. سعادتها الزوجية بين يديها.. اجل سعادتها وسعادة زوجها بين يديها.. سوف تجعله يسعد معها الى اقصى الحدود.. سوف تجعله يفتخر بها ويحلف بحياتها.. وحين طرق ذلك الشاب باب منزلها فتحت له آختنا "فطومه" الباب بردفتيه.. وتخيلت نفسها وقد غدت بالفعل زوجته واخذ بطنها يكبر ويكبر وتنتتفح لتبشرها بالامومة ولتطمئنها على ورثتها .. وليناديها ماما "فطومه"..

نجيب سوسان *
الأربعاء 23/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع