قوة المقاومة وثقافة المقاومة



في منطق من لا يفهم غير التعامل بالقوة ولغة القوة يجب التعامل معه بقوة، ولا طريق آخر، وقد تكون القوة هي قوة الموقف او المقاومة بمختلف اشكالها ومنها العسكرية. وقد اثبتت الاحداث الاخيرة، ونقصد بالاخيرة مسافة تمتد على اعوام – صحة هذا الرأي. المقاومة اللبنانية وحزب الله بالاساس رفضت ان تتنازل امام المعتدي والمحتل الاسرائيلي، وكل من معه من استعمار امريكي ورجعية نظم عربية، ومواقف رجعية محلية، ومع ذلك اثبت الجنوب اللبناني قدرته على عدم اعطاء المحتل اية امكانية غير الرضوخ والهرب والانسحاب وتعامل الند للند، وأجبر السياسة الاسرائيلية على الغاء مسلمات كانت شبه مقدسة وخطوطا حمراء وحتى فوق الحمراء، فاضطرت الى اطلاق عدد من الاسرى وفي طليعتهم عميدهم سمير القنطار. كل اصدقاء اسرائيل من العرب واللبنانيين، وأصدقاء امريكا وسياستها الاجرامية فشلوا في تحقيق أي شيء يذكر بالمقارنة مع درجة هذا التساوق وهذا الانسياق مع امريكا واسرائيل. وحتى سلسلة الللقاءات والمفاوضات بين الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي المعتدي ومعه امريكا والقوى الرجعية لم تجلب الا المزيد من الاستيطان في منطقة القدس وتصعيد البطش الاحتلالي في مختلف بقاع الضفة الغربية، هذه حقائق لا يستطيع احد التنكر لها.
الباب الآن مفتوح على مصراعيه امام اصدقاء امريكا واسرائيل العرب والاوروبيين لشن حملة من اجل اطلاق سراح الوف الاسرى الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال وهذا حق طبيعي جدا لهم، بل هو واجب كل من يقع تحت الاحتلال، هذه القوى الرجعية جدا تستطيع ان ترفع سعرها ووزنها باتخاذ موقف كهذا ومطلب كهذا حتى لا يبقى وزنها كوزن الريشة، وهي التي تملك مقدرات اقتصادية هائلة تستطيع ان تهز الاقتصاد الامريكي هزة بترولية عنيفة، وهذه مناسبة هامة جدا يجب طرحها والتعامل معها بمنتهى الجدية، ومثلها مثلا قضية الاستيطان في منطقة القدس العربية المحتلة العاصمة العتيدة للدولة العربية الفلسطينية، وهذه مواقف في منتهى الاعتدال للنظم المعتدلة.
لمواقف الصمود والمقاومة ستكون ابعاد ذات تأثير كبير على الشعوب وعلى الجماهير. امريكا تفشل نسبيا في لبنان والعراق وايران وافغانستان وقطاع غزة وسوريا وكل من تطلق عليهم "محاور الشر" وهذه المحاور تكتسب تأييد وتقدير الملايين من البشر وخاصة الشعوب العربية. شاهدت على الشاشة الاستقبال الاحتفالي لسمير القنطار – والذي كان لي شرف وواجب – زيارته في سجن نفحة الصحراوي – ورفاقه المحررين، شاهدنا ذلك في الناقورة وبيروت وبلدة عبية مسقط رأسه وعبر عن رأيه بقوة – وهذا رأيه هو – ايضا في العلاقة مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وفي العلاقة مع سوريا واستل تصفيق الجميع بمن فيهم الذين رأوا في سوريا الشيطان الاكبر قبل سنوات وأشهر واسابيع وايام، عبروا عن ذلك ايضا بكلامهم وتصريحاتهم، وكل ذلك بتأثير ثقافة ووهج المقاومة كموقف وثقافة وممارسة ايضا. فهل تقصد اسرائيل بهذا الرضوخ لمن تسميهم الارهابيين تقوية هذا الخط!! فليكن ذلك اذا هي لا تريد ان تفهم غير هذه اللغة وغير هذا التعامل.
لسنا ضد المفاوضات، بل نحبذها ونؤيدها شرط ان تكون مجدية، وتأتي بثمرة، وتجعل المحتل يدفع الثمن او جزءا منه حتى ولو بالتدريج والتقسيط، ولكننا لا يجب في أي حال من الاحوال ان نسقط بديل المقاومة بمختلف اشكالها، والتي تؤلم وتخسر المعتدي المحتل سياسيا واخلاقيا وماديا، وهذا الحق مضمون عالميا وممنوع التراجع عنه حتى في اسوأ الظروف. لم تكن هنالك ظروف اسوأ من الظروف التي فرضت وتفرض على المقاومة اللبنانية من الخارج الاجنبي، والخارج العربي، والداخل اللبناني ومع ذلك انتصرت قوة الحق على حق القوة، وقوة الحق هذه مدعومة ايضا بحق القوة، قوة الصمود، وقوة التضحيات، وهذا ينطبق على المقاومة الفلسطينية والعراقية والافغانية، وينطبق على الموقف الكوبي والايراني والسوري والفنزويلي وكل مكان، يجب عدم التأتأة في التضامن مع المقاومة اللبنانية، ومع قوة الموقف الايراني بغض النظر عن طبيعة النظام. الخوف ليس من ايران، الخوف من الممارسات الامبريالية الامريكية والاوروبية وممارسات حكام اسرائيل. العار ليس في التضامن مع ايران، العار في السكوت عن ذلك والدخول في مسارب تختلقها الامبريالية مثل قضية الشيعة والسنة وأمثالها.
عندما تلجم امريكا في ايران لدينا الوقت للنقاش مع النظام وابداء موقفنا، اما اليوم فأولى الاولويات هي كسر شوكة الامبريالية ومخططاتها وممارساتها الاجرامية. هذا هو الموقف الانساني والاممي والطبقي والفكري والاخلاقي والاجتماعي والثوري وما عدا ذلك خطأ فادح مرفوض.
محمد نفاع *
الأربعاء 23/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع