في رسالة وجهتها الجمعية للمستشار القضائي:
"ممارسات الشاباك تشبه آليات القهر المتبعة في أنظمة دكتاتورية: ترهيب وتخويف لفرض قيمها السياسية"



حيفا- مكتب "الاتحاد"- وجهت جمعية حقوق المواطن، الأسبوع الماضي، رسالة إلى المستشار القضائي للحكومة، السيد مناحيم مزوز، بشأن تدخل الشاباك  غير القانوني في  العديد من النشاطات السياسية والجماهيرية القانونية، وذلك في أعقاب تزايد حالات التحقيق مع نشطاء سياسيين وجماهيريين. وجاء في الرسالة بأن الجمعية  تعتقد بأن هذه التحقيقات غير القانونية هي نتيجة مباشرة لتعامل الشاباك مع مصطلح  "التآمر" بشكل فضفاض ومبهم، بموجبه تعتبر مناهضة يهودية الدولة بسبل قانونية ودمقراطية بحتة نوعًا من انواع النشاط التآمري. وقدم الرسالة المحامي دان ياكير والمحامية سونيا بولس باسم جمعية حقوق المواطن.
وكانت جمعية حقوق المواطن قد توجهت  في السنتيين الماضيتيين الى المستشار القضائي برسائل عدة وطالبته بتوجيه الاوامر الى الشاباك للكف عن اجراء تحقيقات غير قانونية وقمعية مع صحافيين ونشطاء سياسيين وجماهريين، كل هدفها زرع الخوف والرعب في قلوبهم وردعهم عن ممارسة نشاطهم السياسي والجماهيري القانوني والدمقراطي. كان آخرها الرسالة التي وجهتها الجمعية يوم 5.6.08 في قضية تدخل الشاباك بعمل جمعية أطباء لحقوق الانسان.
وتشير الرسالة إلى أن الارتفاع الملحوظ في التحقيقات المخابراتية ضد نشطاء سياسيين وجماهريين يدل على ما يبدو بان الشاباك بدأ يترجم تصريحاته السابقة حول نيته إحباط كل نشاط سياسي مناهض ليهودية الدولة حتى لو كان هذا النشاط قانونيًّا ودمقراطيًّا الى خطة عمل.
وأكدت الرسالة أيضا بأن الدفاع عن يهويدية الدولة ليس من أهداف أو من وظائف الشاباك، لا بل أن سياسة الشاباك هذه هي التي تمس بأسس النظام الدمقراطي ومؤسساتة وليست تلك النشاطات التي يحاول أن يحبطها.
 فموقف الشاباك يتناقض مع المبادئ الاساسية للدمقراطية الليبرالية التي تتحمل نماذج مختلفة لعلاقة الدولة بالمجموعات القومية فيها. الدمقراطية اللبرالية يمكن أن تكون دولة ثنائية القومية او متعددة الثقافات أو فدرالية ويمكنها أن تضمن الحقوق الجماعية للاقليات إبتداء من الإدارة الذاتية وانتهاء بحق الفيتو. فالنقاشات والاجتهدات حول علاقة الدولة الدمقراطية مع المجموعات القومية بداخلها تقع في صلب أسس الدمقراطية اللبرالية، ولا يجوز تقبل الادعاء بان كل موقف ينادي بتغيير علاقة الدولة مع المجموعات القومية بداخلها، يشكل خطر وتهديد على دمقراطية الدولة ولمؤسساتها.
كما عبرت الرسالة عن قلق الجمعية من الوسائل التي يتبعها الشاباك لمراقبة نشاطات أطر سياسية وجمعيات تناهض يهودية الدولة، حيث صرح الشاباك في رده على توجه سابق لجمعية حقوق المواطن بأنه قد يستخدم أدوات "تجميعية" تنتهك الحق في الخصوصية- كالتنصت- للتأكد من أن النشاطات "غير العلنية"  لجهات "تحتك" فعالياتها مع القانون لم تتحول لنشاطات غير قانونية. وبما أن الشاباك يتعامل مع مناهضة يهودية الدولة كنوع من النشاط التآمري يصبح  التنصت على اجتماعات داخلية لأطر سياسية او لجمعيات تناهض يهودية الدولة أمرًا مقبولاً وعاديًّا كون هذه الإجتماعات "غير علنية" وهذا بحد ذاته يهدد اسس الدمقراطية. 
وبما انه لا يمكن احباط نشاط جماهيري قانوني من خلال تقديم المسؤولين عنه للمحاكمة، لجأ الشاباك الى فرض سياسة رقابة "الأخ الأكبر". حيث يتم استدعاء نشطاء نشاطهم السياسي أو الجماهيري لا يروق للشاباك للتحقيق معهم. خلال التحقيق يتلقى المحقق معهم رسالتيين: أولاً؛ أنهم موجودين دائما تحت رقابة الشاباك. ثانياً؛ تهديد المحقق معهم، من خلال التعرض لحياتهم الشخصية، ومن خلال تحذير المحقق معه انه اذا ما تابع نشاطه سيتورط بمخالفات أمنية. حيث قام الشاباك باستخدام هذه الطريقة خلال التحقيق مع صحافيين عرب بسبب علاقاتهم مع صحافيين من العالم العربي، كذلك خلال التحقيق مع نشطاء من حزب التجمع بسبب علاقاتهم مع عزمي بشارة، وأيضا مع موظف جمعية أطباء لحقوق الانسان بسبب زيارة وفد طبي من الجمعية لغزة. وتلقّى جميعهم الرسالة ذاتها، بأنهم تحت رقابة الشاباك وانهم قد يتورطون في قضايا أمنية في حال تابعوا نشاطهم السياسي، ذلك على الرغم من ان نشاطهم قانوني.
وجاء في الرسالة بأن ممارسات الشاباك هذه تشبه آليات القهر المتبعة في أنظمة دكتاتورية، التي تستخدم الترهيب والتخويف لفرض قيمها السياسية على مواطنيها. فاحساس المواطنين انهم تحت رقابة دائمة من قبل مؤسسات الدولة وخوفهم من التورط معها، يخلق لديهم حالة من الرقابة الداخلية ورادعًا داخليًّا يهدف الى المس بقدرتهم على ممارسة نشاطهم السياسي والجماهيري بحرية، وكما يبدو هذا هو الهدف الذي ي يسعى الشاباك لتحقيقه من خلال التحقيقات المخابراتية التي نشهدها في الآونة الاخيرة. 
ولا تستطيع دولة دمقراطية السماح باستخدام آليات تحقيق، سيطرة وقهر، كتلك المتعبة في الأنظمة الدكتاتورية، والتي يستخدمها الشاباك.
لذلك طالبت الجمعية المستشار القضائي بتوجيه الشاباك حول حدود ومحدودية صلاحياته، بروح الدمقراطية وحفظ حقوق المواطنين في حرية الفكر والتنظم السياسي والاجتماعي.

الثلاثاء 22/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع