المدينة لنا جميعا- الحلقة 2
"المدينة لنا جميعا"، نموذج خاص بإشراك الجمهور..



*"المدينة لنا جميعا" مكونة من 15 منتدى، وكل منتدى يجمع المعنيين والمهنيين في كل موضوع وموضوع، يشخص الوضع، يرصد المشاكل ويبلور رؤية مستقبلية* "نموذج المنتديات لا يكتفي باشراك الجمهور، إنما يعيد الهيبة للعمل السياسي والثقة بالقدرة على التأثير ويقدم نموذجا مغايرا للسياسة الفاسدة المنعزلة عن المواطنين"* ما العلاقة بين النضال من ضد رفع أجر الشقق في شمال تل أبيب وبين يوم الأرض؟*

تقرير خاص بالاتحاد- "أنا لست كائنا سياسيا، لست محزبا ولا منظما"، يقول إيتاي مئيرسون ويضيف بشيء من الفوضوية: "أستيقظ من النوم متأخرا، وإن انضممت إلى المدينة لنا جميعا فهذا يعني بأن كل واحد يستطيع الإنضمام إليها.. بأن كل واحد بحاجة للانضمام إليها".
مئيرسون هو طالب جامعي وأحد المسهمين بتأسيس حركة "المدينة لنا جميعا" وهو أيضا أحد "نجوم" الإعلان التلفزيوني الأول الذي صدر عن الحركة. هذا الفيلم أيضا، صدر بإسهام المتطوعين في الحركة، تماما كموقع الحركة الجديد الذي سينطلق قريبا على الشبكة الإلكترونية.. حركة اعلامية وجماهيرية لا تنضب في حركة مكونة كلها من المتطوعين..
أتحدثنا عن "النجوم"؟ قد تكون هذه الحركة حالة شاذة على الساحة السياسية بهذا المفهوم أيضا، إذ أنها وخلال نحو عام على العمل لم تكن "حركة نجوم"، ولم يلتف فيها المتطوعون حول "شخص" إنما حول المبدأ وأسلوب العمل. هذا النموذج لم يولد من فراغ، ويعود الفضل فيه إلى نموذج العمل الخاص والمميز الذي تقدمه الحركة.

 

*حلقات عمل مهنية وإشراك واسع للجمهور*

في هذه الحركة قبول العضوية لا يكون شكليا أو بروتوكوليا، ولا يكتف فقط بتسديد رسوم العضوية، بل وهو الأمر الأهم أن العضوية مشروطة بأن تكون فعالا في أحد منتديات الحركة.
منتدى؟ الحديث يدور عن 14 خلية عمل، بعضها حسب المواضيع وبعضها حسب المناطق المختلفة في مدينة تل أبيب يافا، ونحن هنا نسجل القائمة كاملة للتأكيد على أن حلقات العمل شاملة وتحوي كافة مجالات الاهتمام- مع ضرورة التذكير أن الحديث يدور عن المدينة الاسرائيلية الأكبر، مدينة مختلطة ذات مجتمع تنوعي ومتباين بشكل ملحوظ..

-  منتديات حسب المواضيع:

• البيئة- المواصلات- الصحة
• المسكن
• التعليم
• العمل والرفاه
• الدمقراطية
• الثقافة والترفيه
• المثليون جنسيا
• المتقاعدون
• الجامعيون
• الشبيبة

 

- منتديات حسب المناطق:


• يافا
• أحياء الجنوب والشرق
• مركز المدينة
• أحياء الشمال القديمة
• ما بعد اليركون

 

كل خلية عمل تضم المعنيين والمختصين في أي مجال وتبلور سياسة الحركة في الموضوع الذي تعنى به.
وبحسب ما جاء في دستور الحركة فإن "المنتديات مفتوحة أمام سكان المدينة ومستقلة باتخاذ القرارات في مجالات عملها، في إطار المبادئ الأساسية للحركة. يقيم المنتدى اجتماعا كل شهرين ويصادق فيه على قائمة النشطاء/ الناشطات في إطاره. المنتدى يصادق فقط على عضوية من شارك/ت على الأقل في خمس فعاليات مختلفة للحركة. في اللقاء التنظيمي يخول المنتدى بانتخاب أو تغيير مركزيه."
إذن فلكل منتدى مركزان إثنان. مركزو المنتديات، البالغ عددهم الثلاثين يشكلون إضافة إلى أعضاء اللجنة التأسيسية ما يسمى بلجنة التنسيق.
لجنة التنسيق حسب الدستور، تدير شؤون الحركة ما بين اجتماعي "المجلس العام" وهو الهيئة العليا للحركة، وتحتفط لنفسها بصلاحياته، كما أنها تعقد الاجتماع العام، تقترح جدول أعماله ورئيسا للجلسة.

 

*كإسمها هي: مدينة للجميع*

هذه البنية التنظيمية تأتي لضمان إشراك أوسع جمهور ممكن من المعنيين والنشطاء من جهة ولضمان تمثيل كل القضايا والمناطق، بهدف بلورة رؤية متكاملة لمستقبل المدينة وتطويرها بما يخدم كافة أبنائها على اختلافهم.
وهو التنوع الذي دأبت الحركة على إبرازه منذ اليوم الأول، وانعكس في اجتماع الإعلان عن تأسيسها، حيث تحدث كل من: الناشطة اليافاوية، هناء عموري، عما تواجهه مدينة يافا من تمييز منهجي ومشاريع تهويدية تنعكس بسياسة تضييق الخناق، هدم المنازل وإخلاء الأحياء العربية من أهلها وليئات إيزاقوف، من منتدى حارات جنوبي تل أبيب، عن حياة الفقر وما يتعرض له السكان من سياسة مشابهة لما يواجهه السكان العرب من تضييق الخناق وخاصة في ظل الإخلاء الأخير الذي تم بحق عدد من العائلات في حي "كفار شليم"، والطالب الجامعي، إيتاي مئيرسون، عن غلاء المعيشة في المدينة والمصاعب التي يواجهها الشباب والطلاب الجامعيون، خاصة في مجال السكن في ظل الإرتفاع الكبير بأجور الشقق، ومن بين المتحدثين أيضا بروفيسور داني ربينوفيتش، رئيس منظمة "الحياة والبيئة" وهي الجسم الأعلى لكل الحركات البيئية في إسرائيل وتحدث عن الظروف البيئية في تل أبيب وضرورة دمج هذا النضال مع بقية النضالات الإجتماعية في المدينة، والقيادية في حركة ميرتس جابي لاسكي، عن البرامج التطويرية لمدينة تل أبيب، وتحويلها إلى مدينة للأغنياء فقط، كما عرضت عدة أفلام عن قصيرة تقص الحكايات المختلفة للشرائح المستضعفة في يافا.

 

*منتدى السكن، نموذجا*

للإطلاع على عمل هذه المنتديات التقينا بالناشط يوآف جولدرينغ، سكرتير فرع الحزب الشيوعي في تل أبيب ومركّز المنتدى للحق بالمسكن في الحركة.
جولدرينغ "مقابل الفساد في الحكم المركزي ورضوخه لإملاءات رأس المال، والشعور بأن الحلبة السياسية حلبة قذرة ولا أمل منها تطرح حركتنا نموذجا مميزا وراقيا لا يكتفي بإشراك الجمهور بالعمل وباتخاذ القرارات، إنما يعيد الهيبة للعمل السياسي والثقة للجميع بالقدرة على التأثير والأمل بغد أفضل، هذا هو بديلنا المتمثل بنموذج المنتديات، النموذج الدمقراطي الأرقى لإدارة السلطات المحلية بالشكل الأنجع."
ويضيف جولدرينغ "الجمع ما بين ضحايا سياسة البلدية، المعنيين والمهنيين المختصين والدمج ما بين المعاناة والمهنية في العمل عادة ما ينتج رؤية واسعة ومثيرة ولعل منتدى السكن نموذج جيد في هذه الحالة".
ويردف موضحا "في تل أبيب يافا هنالك ارتفاع دائم بأسعار الشقق أنتج دائرة مغلقة من الطرد، فالأغنياء من خارج المدينة يأتون ليستبدلوا السكان الأصليين في الأحياء الشمالية وسكان هذه الأحياء ينتقلون إلى مركز المدينة على حساب أبناء المركز وأبناء المركز ينتقلون إلى أحياء الفقر في يافا والجنوب ويزاحمون السكان بل وقد يتسببون بطردهم وبهذا يصبحون كأنهم هم الأعداء علما أنهم جميعا ضحايا سياسة البلدية التي قررت أن تحول المدينة إلى مدينة للأغنياء فقط."
"المنتدى حلل هذه الظواهر بعمق وتوصلنا إلى نتيجة مفادها أن ارتفاع الأسعار في تل أبيب يافا يعود إلى عدة أسباب أهمها الهجرة الكبيرة إلى تل أبيب بحثا عن التعليم والعمل وأجواء المدينة وهذا يقودنا إلى الخروج من تل أبيب يافا وإلى الخروج من الأحياء الفاخرة، وإلى النضال من أجل حياة كريمة تضمن التعليم ومكان العمل في الأماكن النائية إن كان على المستوى القطري أو في داخل تل أبيب، لذا لم يكن من الصدفة أن نرى بالذات النشطاء في منتدى السكن يشاركون في مظاهرة يوم الأرض في يافا، فنحن نناضل من أجل أن يمنح كل مواطن حق الأولوية في مكان سكنه وألا يسمح لكبار المقاولين بطرده حتى لو كان هؤلاء المقاولون الذراع الطولى لسياسة التمييز العنصري كما هي الحال في يافا، ويستبدلون قانون "أملاك الغائبين".
وإلى جانب هذه القراءة العميفة للمشكلة يستعرض جولدرينغ أمامنا جوانب من الخطة العملية التي وضعها المنتدى لحل مشاكل الاسكان في تل أبيب وقال "على البلدية أن تتوقف عن المصادقة على مشاريع البناء السكنية الفخمة المعدة للأغنياء فقط، وعليها أن تتبنى النموذج الفرنسي أي بأن تلعب دورا مركزيا في سوق الشقق، فمثلا في عدد من المدن الفرنسية هنالك بلديات تملك حوالي خُمس الشقق المطروحة للإيجار وتؤجرها بأسعار معقولة كما على البلدية أن توفر المساعدة القانونية لضمان حق سكانها من الشرائح المستضعفة بالسكن، نحن نرى بتبني هذا النموذج خطوة هامة إلى الأمام طبعا أضافة إلى الاستثمار في المناطق المهملة والبعيدة عن المركز.

(يتبع)


الصورة: جولدرينغ في يافا يوم الأرض: ربط بين أطراف النضال الواحد- ضحايا السياسة الواحدة- الأول في يمين الصورة.

السبت 19/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع