لتسقط سياسة المعايير المزدوجة!!



اصدر المدعي العام في المحكمة الدولية التابعة للامم المتحدة امرا وقرارا يطالب من خلاله باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير لتقديمه الى المحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب من قتل واغتصاب وحصار وتجويع ضد الناس المدنيين في اقليم دارفور السوداني، هذه الجرائم التي ادت نتائجها حسب ادعاءات المدعي العام الى قتل واغتصاب الاف الابرياء من الرجال والنساء والشيوخ والاطفال!!
اننا في البداية لا نطالب بان "يمزط أي مجرم حرب بريشه، وان مصلحة الانسانية وتطورها الحضاري يتطلبان معاقبة المجرمين وتنظيف المكسب الوطني من الاعشاب السامة. ولكن ما يثير انتقادنا للمحكمة الدولية ومجلس الامن وغيرهما من الهيئات الشرعية الدولية ان قراراتهم تتخذ طابعا سياسيا وليس قضائيا مبنيا على جوهر ومدلولات القانون الدولي المعمول به. وهذا يبرز ايضا من قرار القاء القبض على الرئيس السوداني عمر البشير لمحاكمته ومعاقبته. وانتقادنا في هذا السياق موجه بالاساس الى سياسة المعايير والمقاييس المزدوجة التي تتخذها المحكمة الدولية وغيرها من قرارات الشرعية الدولية الاخرى. لماذا لا تصدر المحكمة الدولية قرارا بالقبض على الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش واعضاء ادارته وقادة جيشه، باعتقال جميعهم لمعاقبتهم بتهم ارتكاب جرائم القتل والاغتصاب والتشريد في العراق المحتل امريكيا مع قوات حلفائه، فاكثر من مليون وربع المليون عراقي، غالبيتهم الساحقة من المدنيين الابرياء، من الشباب والنساء والاطفال والمسنين قصفت آلة العدوان والاحتلال الامريكي حياتهم، اضافة الى تشريد حوالي خمسة ملايين عراقي في الداخل والخارج وممارسة التطهير العرقي في بعض الاقاليم العراقية المحتلة وهدم قرى واحياء سكانية في الريف والمدن العراقية، ونهب وسرقة ثروات وخيرات الشعب العراقي من نفط وغيره. ولماذا لا يجري اعتقال ومحاكم رئيس ادارة عولمة ارهاب الدولة الامريكية المنظم بتهم جرائم الحرب الهمجية التي ترتكبها القوات الامريكية والتحالفية وعملائها من الافغان ضد الشعب الافغاني الذي يرزح عمليا تحت نير الاحتلال الامريكي.
ان انتهاج سياسة المعايير المزدوجة يتجسد بشكل بارز في جرائم الحرب، الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها الصهيونية وحكام اسرائيل منذ النكبة الفلسطينية في الثمانية والاربعين وحتى يومنا هذا، من جرائم مجازر دير ياسين والطنطورة وعيلبون وتشريد غالبية الشعب العربي الفلسطيني الى منافي الشتات القسري، ومجزرة كفر قاسم ومجزرة يوم الارض الخالد و"ام السحالي" ومجزرة القدس والاقصى ومجزرة قتل ثلاثة عشر شابا عربيا ابان هبة اكتوبر على ايدي قوات القمع والقتل الاسرائيلية.
لقد جرى اصدار امر اعتقال ومحاكمة الرئيس السوداني في خضم محاولة تنفيذ المؤامرة الامبريالية بتقسيم السودان الى اقاليم كاملة غنية بالثروات الطبيعية مثل دارفورد، ومحاولة اشعال الفتنة من جديد بين شمال وجنوب السودان، فهذه الحقائق وغيرها تعكس الطابع السياسي وليس القضائي لقرار المحكمة الدولية، قرار ينسجم مع مؤامرة تقسيم العراق، لقد كذبت ادارة بوش بادعاء ان نظام صدام حسين يخترق قوة نووية لتبرير احتلال العراق، واليوم قدمت اتهامات للرئيس السوداني بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، رفضت السودان الرسمية قرار اعتقال رئيسها، اما اذا وقف البشير الى جانب بوش على منصة العدالة الدولية، فعندها نقول العدالة تأخذ مجراها.

الأربعاء 16/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع