صفعة وصرخة، استفاقة وانطلاقة.. لجنة المبادرة العربية الدرزية الآن بالذات
* علينا ألا ننسى أن لجنة المبادرة الدرزية مركب حيوي وهام للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، وبالتالي فإن أحد الشروط الأساسية لتطويرها هو بحصولها على دعم الجبهة بكل الطرق ودفعها إلى الأمام في كل مناسبة *صفعة توجهها يوميا حكومة اسرائيل لأبناء الطائفة العربية الدرزية بعدما فرضت عليهم الخدمة في جيش الاحتلال وشنت حملة اعلامية مسمومة جعلتهم يعتقدون (ليس كلهم) بأنها ستمنحهم حقوقهم الكاملة في هذه البلاد. هذه الحكومة، كسابقاتها، تسدد صفعاتها للأماكن الموجعة فعلا، مثل الأرض، هذه الأرض التي تحتل مكانة اجتماعية ودينية وحياتية مرموقة، وهي هي مصدر العيش والأفق بالتطور والنمو، بالإضافة إلى كونها تجمع الأبعاد القومية والمدنية والرمزية. وعندما نتحدث عن الأرض، فنحن لا نتحدث فقط عن موجة المصادرات الكبيرة غداة قيام الدولة، إنما عن مخططات لا تتوقف لسلب ما تبقى من هذه الأرض. وكل فرد من مجتمعنا يسمع الأسماء التالية: أم الشقف والزراعة والتوفانية والمنصورة والجلمة والخيط والمحفرة يعرف أن الحديث يدور عن ارض سلب قسم كبير منها، وهو يتساءل: ما الذي علينا فعله للحفاظ على أرضنا؟! الصرخة هي رد الفعل الأولي والطبيعي لكل متسائل ومتفائل، (لأن المتشائم لا يصرخ بل يرضخ للأمر الواقع)، ومن دوي الصراخ تولد الأسئلة، ومن رحم الآلام يكون الجواب: النضال. عندما يقرر المجتمع النضال لمواجهة صافعيه يستفيق كل خائنيه، وعملائه وبائعيه لمنع هذا النضال، لإرضاء "السيد" أو "الباشا" أو "المختار"، الذي يفقد صوابه استغرابا فهو (السيد) يتفاجأ من أن الناس قد تتألم إذا ضربت!!!! وكأننا به يقول: "ستون عاما وأنا أضرب وأبطش وأقتل، ولم أسمع أية صرخة، سوى صراخ قلة من "المجانين" الذين قرروا التخلي عن منعمي من أجل شعارات لا أفهمها تسمى مبادئ، واليوم الجميع يردد هذه الشعارات وبصوت عال وبقامة منتصبة، فماذا جرى لهم؟؟ ألم يتعودوا على الضرب ليصرخوا الآن؟ يجب أن نمنع صراخهم وألمهم". اقتباسي "للسيد" جاء لأعبِّر بالضبط عن سياسة السلطة مقابل أبناء الطائفة العربية الدرزية، فهي (السلطة) لا تتقبل حتى نشاطات الاحتجاج ضد سياساتها الغاشمة، وتعتبر أن الصرخة في الدالية مناقضة للقانون، وتعمل على إضرام النار بأصحابها في البقيعة، وفي يركا تحلحل النسيج الاجتماعي عن طريق حل المجلس المحلي، وهكذا نجد في كل قرية وبسهولة مثالا لمنعنا حتى عن التعبير عن الألم في وجه "السلطان". استفاقة هي التحليل الدقيق لما يحدث في قرانا العربية المعروفية، فبالرغم من كل محاولاتهم نرى أنهم لم ينجحوا بمنع الشعب من التعبير عن ألمه، وهو ما يخيفهم إذ ان أبناء شعبنا وعندما يتألمون من الصميم، يجدون طريقهم الواحدة المؤدية إلى ساحات النضال، وهو أسوأ أحلام السلطة الذي يتحقق في كل قرية وقرية. اعتقدوا أنه من الممكن القيام بحملة "تأديب" "هولاكية" لشباب البقيعة الأشاوس، لكن الجميع يعلمون من هو الذي "تأدب". واعتقدوا أنهم يستطيعون مصادرة ما تبقى من أراضي الكرمل، ولكن أبناء الدالية وعسفيا يسطرون يوميا أروع صفحات الصمود والبقاء. واعتقدوا أنهم إذا ما أحرقوا أرشيف الكواشين العثماني في تركيا، فسيتنازل أهالي عائلة غبيش في يركا عن أرضهم، وكأن مئات السنون من التواصل مع الأرض مرتبطة فقط بورقة تسمى الكوشان. واعتقدوا أن حل مجلس يركا سيزيد الخلاف بين الأهالي، ولكنهم موحدون اليوم أكثر من أي وقت مضى. وعن زابود بيت جن لا أحد في قيادة شرطة الشمال يريد أن يسمع ولو كلمة واحدة لأنه يتذكر عشرات سيارات البوليس الملقاة في الوديان. إن لم تكن هذه الأحداث استفاقة، فكل العالم نيام. انطلاقة هي مطلب الجمهور الأساسي في هذه المرحلة، ولكي ننطلق بقوة في الاتجاه الصحيح يجب على لجنة المبادرة الدرزية أن تكون الموجه لهذا الطريق، لأنها الجسم الأعرق والأجدر والمجرَّب المجرِّب. أعتقد بأن الطائفة العربية الدرزية، عاشت بعد جرائم البقيعة ومع تكاثف المواجهات مع السلطة ومخططاتها نقطة تحول جدية، تتطلب منا الارتقاء إلى مستوى التحدي، فإذا ما استطعنا استغلال الوضع الناشئ مؤخرا تمكنا، بالكثير من الجهود، من اخراج طائفتنا من الفخ الذي أوقعتها فيه السلطة: فخ سلخ المواطنين الدروز عن شعبهم العربي واكذوبة حلف الدم!! هذه الآفاق المتفائلة تضع لجنة المبادرة الدرزية أمام تحديات مصيرية، وتتطلب منها تطوير بنيتها التنظيميمة وتعزيز حضورها الجماهيري والاعلامي ووضع برامج واستراتيجيات لانطلاقة متجددة بعملها. علينا ألا ننسى أن لجنة المبادرة الدرزية مركب حيوي وهام للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، وبالتالي فإن أحد الشروط الأساسية لتطويرها هو بحصولها على دعم الجبهة بكل الطرق ودفعها إلى الأمام في كل مناسبة. وهذا نداء لطرح هذه القضية على الهيئات ودرساتها إلى العمق بكل جدية ومهنية، لكنني في المقابل أؤكد بأن هذا الواجب لا يقتصر على القيادات، فكل عضو في كوادر الجبهة يستطيع أن يساهم بدعم لجنة المبادرة، إن كان بتنظيم المحاضرات والندوات بمشاركة أعضائها لاطلاع كل جمهورنا العربي على آخر التطورات في القرى المعروفية أو باقتناء منشوراتها (وآخرها كتاب توثيقي عن أحداث البقيعة بعنوان "عن بقيعة الصمود"). الجبهة هي مشروع حياة لجماهيرنا، ولأن حياتنا لا يمكن ان تتم إلا على أرضنا وفي مسكننا، فهنا هي معركتنا المركزية اليوم على مستوى الجماهير العربية بشكل عام وفي قرانا المعروفية بشكل خاص. ونقول بكل الثقة بان الجبهة بطاقاتها المهنية والجماهيرية وبلجنة المبادرة الأقدر على خوض هذه المعارك باخلاص وشجاعة مسؤولة لا تعرف التخاذل ولا المهاترة. الجبهة أثبتت نفسها في هذا الميدان، فهي الأقدر على تجنيد الناس، تنظيمهم وتحريضهم ضد الغبن اللاحق بهم، كما أنها تحظى بقدرات مهنية مميزة، الأمر الذي ينعكس بشكل خاص على النشاط البرلماني والجماهيري للنائب الجبهوي د. حنا سويد، إذن فلنخض هذه المعركة بما نستحقه من ثقة.. (البقيعة)* الكاتب عضو سكرتارية قطرية في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولجنة المبادرة العربية الدرزية.سامر سويد السبت 12/7/2008 |