*لقاء مثمر بين قائمتيّ "يافا" و"المدينة لنا جميعا" والاتفاق على مواصلة التعاون نحو الانتخابات الموشكة لبلدية تل أبيب- يافا *
يشهد الشارع اليافيّ مؤخرا- ومع اقتراب موعد الانتخابات للسلطات المحلية- حراكا سياسيا هاما أدى إلى اللحظة إلى تشكيل قائمة "يافا" العربية- اليهودية، والتي يقف على رأسها المرشح الجبهوي عمر سكسك.
ومع الإعلان عن تشكيل هذه القائمة، سارعت حركة "المدينة لنا جميعا" إلى الاتصال بها وبنشطائها بهدف تعزيز التعاون على تحقيق الهدف المشترك: ضمان إيصال ممثل عربي واحد على الأقل لمجلس تل أبيب يافا البلدي، ممثل عربي يطرح بحس وطني صادق ومخلص القضايا الحقيقية التي تهم يافا ومواطنيها العرب على وجه الخصوص.
الاتصال غير الرسمي بين القائمتين ونشطائهما توّج هذا الأسبوع بزيارة قام بها أعضاء لجنة التنسيق لحركة "المدينة لنا جميعا"- والبالغ عددهم نحو أربعين ناشطا- إلى النشطاء في قائمة "يافا" وعقد لقاء ودي وحميميّ في مدينة يافا.
افتتح اللقاء وأداره د. ثابت أبو راس، عضو جبهة يافا ورئيس "منتدى الدمقراطية" في حركة "المدينة لنا جميعا"، مشيدا بهذا اللقاء ومشددا على ضرورة التعاون ما بين القائمتين.
وبعد جولة سريعة من التعارف قدّم، الناشط اليافيّ، عبد سطل، محاضرة عن مدينة يافا بين الماضي والحاضر وما يحمله المستقبل من مخاطر.
*يافا عروس فلسطين ترفض أن تتحول حيا مهملا*
استهل عبد سطل محاضرته الموسعة حول مدينة يافا، بالإشارة إلى المكانة التاريخية المرموقة التي حظيت بها هذه المدينة كعاصمة ثقافية وتجارية أكسبتها وبحق لقبيّ "عروس فلسطين" و"بوابة الشام".
ثم توقف عند النكبة ومخططات تهجير أهلها واتباع سياسة تضييق الخناق عليهم بهدف إخلائها منهم.
وأكد بأن الوجود العربي في مدينة يافا بات مهددا بشكل خطر خاصة في ظل المحاولات المنهجية لطمس المعالم العربية للمدينة وتحويل تل أبيب- يافا من مدينة مختلطة إلى مدينة يهودية تحاصر حي فقر عربي اسمه يافا.
وتم الإشارة أيضا إلى تحديين مركزيين يهددان البقاء العربي في يافا: أوامر إخلاء المنازل لـ 600 عائلة عربية، وتهديد حق أبناء الجيل الثالث من البقاء في منازل عائلاتهم وإيراثها لأبنائهم- الأمر الممنوع وفق قانون "المستأجر المحمي" الجائر.
والتحدي الثاني هو انعدام الخدمات البلدية بشكل شبه تام ما أدى إلى انتشار الآفات السلبية في المدينة وضرب بشكل خاص التحصيل التعليمي لأبناء المدينة.
وتحدث أيضا عن يافا والظروف القاسية فيها بشكل عام وظروف العرب بشكل خاص كل من عمر سكسك، أمير بدران، جابي عابد وعوفير شنيتسر.
وتوقف المتحدثون عند ما يتعرض له أبناء يافا من حصار خانق، فمن جهة يمنعون من امتلاك المنازل وبقائهم فيها مهدد ومن جهة أخرى تتبع سياسة من قبل العديد من "لجان الأحياء" المجاورة بهدف منع بيع المنازل للمواطنين العرب ما لا يبقي أمامهم خيارات إلا التفكير بالرحيل.
وأشاروا مقابل الحديث عن المصاعب على اصرار يافا بأبنائها العرب على البقاء والحفاظ على هويتهم وطابع المدينة وتوقفوا عند عدد من المشاريع اليافية المحلية لكسر سياسة التطويق والخنق، ومنها إقامة الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا وإقامة المدرسة الثانوية للتربية الدمقراطية وآخر هذه المشاريع العودة لتوحيد الشارع اليافي في قائمة "يافا" لضمان عدم بعثرة أصوات أبناء المدينة.
*الوحدة الوطنية للأقلية انجاز هام وحيوي*
هذا واعترف عدد كبير من أعضاء لجنة التنسيق في حركة المدينة لنا جميعا بأن هذه هي المرة الأولى التي يتعرفون بها على قصة مدينة يافا الحقيقية ومن منظور أبنائها.
وفي تعقيبه على المحاضرة، تحدث بروفيسور داني رابينوفيتش، فحيا القائمين على قائمة "يافا" على مبادرتهم لتوحيد الشارع العربي في يافا مؤكدا على أهمية الوحدة الوطنية بالنسبة للأقليات ومشددا على ضرورة أن تتواصل هذه الأقلية مع القوى اليسارية التقدمية والتعاون معها بهدف افشال المخططات السلطوية بعزلها وأكد بأن حركة "المدينة لنا جميعا" شريكة بهذا الهدف وبأنها راغبة بالتعاون مع "يافا" والقائمين عليها، إن كان عشية الحملة الانتخابية أو غداتها، وهو ما أثنى عليه وأكده أيضا النائب الجبهوي د. دوف حنين في اللقاء.
وأما شارون شاحف، مركزة عمل الحركة فقد قالت في حديث صحفي معنا "حركة المدينة لنا جميعا، ومنذ بداية المشوار، منذ كانت مجرد فكرة في الصيف المنصرم، رأت بأن الاهتمام بالقضايا اليافية وطرحها بقوة على جدول الأعمال في تل أبيب يافا، أمر استراتيجي ومبدئي وكنا على ثقة بأن هذا الأمر لن يتم إلا من خلال ضمان تمثيل عربي في المجلس المحلي".
وأضافت شاحف "نعترف بأن النواة الصلبة والأولية للحركة ضمت عددا قليلا من النشطاء اليافيين، وهذا الأمر أدى إلى ضعف في القسم المتعلق بيافا في برنامجنا إلا أن توسع دائرة النشطاء اليافيين انعكس إيجابيا على البرنامج واغنائه وهو ما زال مفتوحا للتعديل والتغيير".
كما أشارت شاحف إلى أن البرنامج بصيغته الأولية أخذ عن برنامج "قائمة كلنا من أجل يافا" التي نجحت سابقا بايصال الناشط الجبهوي، نسيم شقر إلى عضوية البلدية.
وأكدت على ضرورة تكثيف العمل المشترك بكل ما يتعلق بقضايا يافا والمواطنين العرب خصوصا قائلة "في الحركة حوالي 90% من الأعضاء، غير حزبيين أو مسيسين وهذا هو نشاطهم السياسي الأول الذي وصلوا إليه بشكل عام انطلاقا من ظروف معيشتهم ورغبتهم بتحسينها، لكنهم –وأنا منهم- مروا وخلال فترة قصيرة بعملية صقل لهويتهم السياسية جعلتهم ينظرون إلى الأمور بمنظار أوسع يتجاوز قضاياهم الشخصية: إيجار الشقة وإيجاد أماكن العمل وجودة البيئة، ليروا مثلا أهمية العمل العربي اليهودي المشترك بعدما كانوا لسنوات طوال ضحايا سياسة الفصل القومي ولم يعرفوا من يافا إلا محلات الحمص والكراجات الرخيصة..".
*"يافا": همنا أن نرفع صوت المواطن العربي*
وللتعرف أكثر على قائمة "يافا" اتصلنا برئيس القائمة عمر سكسك إلا أنه فضّل أن نتحدث مع الناطق بلسانها، المحامي أمير بدران، والذي بادرنا أولا إلى سؤاله عن هذه القائمة ونشأتها فأجاب: "قائمة يافا نشأت قبل أكثر من خمس سنين، وخاضت الانتخابات المحلية المنصرمة حيث شكلت في حينها استمرارا لكتلة "كلنا من أجل يافا"، والفكرة الأساسية من القائمة هي توحيد الشارع العربي في يافا إلى جانب القوى اليسارية اليهودية على المستوى المحلي، وهي اليوم قائمة بقيادة جبهة يافا الدمقراطية وبتحالف مع التجمع الوطني الدمقراطي ودعم من الحركة الاسلامية بشقها الشمالي كما نأمل أن يحسم الشق الجنوبي للحركة الاسلامية موقفه وينضم إلينا بدل الوقوع في الخطأ الذي ارتكبوه في الانتخابات السابقة".
وأضاف بدران "إلى جانب الاهتمام بقضايا المواطنين العرب في يافا نريد طرح قضايا أحياء الفقر اليهودية في المدينة وإلى مد جسور التعاون مع النشطاء فيها لكسر العزلة، وهدفنا إيصال مرشح عربي إلى البلدية لطرح مواقفنا والتأثير".
وحول القدرة على التأثير، حدثنا بدران عن حادثة وقعت معه في الانتخابات المنصرمة حيث كان يقف في رأس قائمة "يافا"، وقال: "في الانتخابات المنصرمة، كنت المرشح الأول في القائمة وتلقيت دعوة إلى مؤتمر صحفي بادرت إليه جمعية حماية الطبيعة، والبرنامج كان كالتالي: تطرح على المرشحين عدة أسئلة قبل المؤتمر بعدة أيام ويأتون للإجابة عليها أمام وسائل الاعلام. كان هنالك عشرة مرشحين وكنت آخر من سيجيب. طُرح السؤال الأول وأجاب عليه المرشحون التسعة كل من وجهة نظره ولما جاء دوري انتقدت بحدة عدم تطرق أي منهم لقضايا يافا، وفي الإجابة على السؤال الثاني كلهم بدأوا الحديث بالإشارة إلى يافا وقضاياها."
وأضاف بدران "طبعا، الإجابات بعد "البهدلة الأدبية" كانت مبتذلة ومنافقة إلى حد بعيد فقد كانت أمامهم عدة ايام للتفكير بالاجابات لكن أيا منهم لم يفكر مجرد تفكير بادراج يافا وقضاياها وهذا هدفنا: لسنا اليوم بقوة نستطيع فيها التأثير على الائتلاف البلدي مثلا لكننا مصممون على إثبات وجودنا وطرح قضايانا في كل ميدان."
وعن الخارطة الانتخابية في يافا، أفدانا بدران بأن قائمة "يافا" تمكنت من توحيد الشارع المحلي باستثناء قلة اختارت الذهاب وراء مرشح "ميرتس" العربي، وعبّر عن أمله بأن تجتاز هذه القائمة من إيصال مرشحها لعضوية البلدية علما أنها حصلا في الانتخابات المنصرمة على 2050 صوتا ونقصها نحو 450 صوتا لدخول البلدية.
*"المدينة لنا جميعا": اهتمام خاص بيافا*
وفي عودة إلى "المدينة لنا جميعا" نذكر بأنها حركة فوق حزبية انطلقت فكرتها للمرة الأولى قبل نحو عامين بيوم دراسي مشترك لفرعي الجبهة في تل أبيب يافا، إلا أن الأمور بدأت تتحرك في الصيف المنصرم وأعلن عن إقامتها بمؤتمر جماهيري حاشد في كانون ثاني هذا العام، وبمشاركة المئات من المعنيين.
وتعمل هذه الحركة ذات التوجهات اليسارية اجتماعيا وسياسيا على طرح بديل "يحرر المدينة من سيطرة رأسالمال ويعيدها إلى المواطنين لتكون مدينة للجميع حقا".
ومن بين المبادئ المركزية لهذه الحركة العمل على ضمان المساواة التامة بين سكان المدينة العرب واليهود والحفاظ على الطابع المميز لمدينة يافا.
وقد وضعت هذه الحركة نصب أعينها التعاون مع الفئات اليافية منذ انطلاقتها.
د. حنين في مؤتمر انطلاق حركة "المدينة لنا جميعا"
وكانت قد عقدت عدة اجتماعات بين نشطاء في هذه الحركة وآخرين من يافا فقبل نحو عام كان النائب الجبهوي د. دوف حنين والناشط في حركة أطباء لحقوق الانسان د. داني فيلك قد طرحا الفكرة المجردة أمام كادر جبهة يافا في اجتماع خاص وقبل ثمانية أشهر عقد اجتماع آخر في مقر الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا بمشاركة د. حنين وبروفيسور رابينوفيتش.
كما أن الحركة وجهت بيانا عاما إلى النشطاء اليافيين لحثهم على التعاون معها، ومما جاء في هذا البيان "إننا نعلم بأن مدينتنا هي عبارة عن ضم غير بسيط لمدينتين مختلفتين. في هذا الضم، بقيت يافا طيلة كل السنوات، وبسبب التمييز العنصري، مدينة تابعة- ساحة خلفية مهملة. "تطوير يافا"، الذي تكثر الأحاديث عنه مؤخرا، لا ينفذ لصالح سكانها إنما لصالح مبادرات المقاولين التي تتطلب بالذات زج هؤلاء المواطنين إلى الخارج. إننا نرى بنضال الجماهير العربية في يافا ضد هدم البيوت وطرد السكان، ومن أجل تطوير يافا في إطار التمييز المصحح ومن خلال الحفاظ الأطر الإجتماعية، والثقافة العربية في المدينة- نضالا مركزيا وهاما في المدينة."
"إننا نريد أن نغير معا هذا الوضع. نريد شراكة يهودية- عربية حقيقية في المدينة ونقصد تنفيذها أيضا في "المدينة لنا جميعا. يهمنا بأن يسمع صوت سكان يافا العرب بواسطة تمثيل حقيقي داخل مجلس بلدية تل أبيب- يافا. يهمنا ألّأ يكون هذا الممثل أو الممثلون هناك وحدهم إنما جزء من قوة دمقراطية اجتماعية- بيئية قوية ومؤثرة".
(يتبع)
تقرير خاص بـ "الاتحاد"
السبت 12/7/2008