*المعارك التي تلت المؤتمر الخامس عشر للحزب* مر الحزب بعد الانشقاق بظروف مالية صعبة، خاصة وأنّه كان على أبواب معركتين انتخابيتين وكل هذا بدون ميزانية مالية واضحة للحزب* بعد أن أخذ المنشقون الاسم والحرف، سجلت قائمة الحزب لانتخابات الكنيست باسم "القائمة الشيوعية الجديدة" واخذت الحرف "واو" رمزا لها* في تلك الفترة أقيمت مهرجانات انتخابية ضخمة للترويج للحزب، ولنشر الحرف والاسم الجديدين، ولجمع التبرعات*
أصبح الحزب الشيوعي الاسرائيلي بعد المؤتمر الخامس عشر في واقع جديد، واقع صعب جدا بعد ان استولت الكتلة المنشقة على نوادي الحزب في تل ابيب وعلى اموال الحزب، ولذلك وقفنا امام وضع مأساوي نتيجة لهذه الضربة المؤلمة في مختلف المجالات السياسية والتنظيمية والمالية. ففي المجال السياسي كان على الحزب ان يرد على الهجمة التي جاءت من الداخل ومن الناحية التنظيمية كان عليه واجب اعادة تنظيمه بعد ان خسر كوادر ليست قليلة في الناحية اليهودية، ولكن الاصعب ايضا كانت الناحية المالية خاصة وانه كان في تلك الفترة مقبلا على معركتين انتخابيتين هامتين، اولاها، انتخابات الهستدروت النقابية وانتخابات الكنيست البرلمانية حيث انها ستجري انتخابات الهستدروت في تاريخ 29.9.1965، أي بعد اقل من شهرين من انعقاد المؤتمر، وثانيها انتخابات الكنيست في اوائل شهر تشرين الثاني من العام ذاته، أي بعد مرور ثلاثة اشهر على المؤتمر، وكل هذا بدون ميزانية مالية واضحة للحزب. وكذلك كانت هناك معركة على اسم الحزب حيث قدم الرفاق المحامون حنا نقارة وابراهام ملامد وغاري كفير نيابة عن الحزب الشيوعي، التماسًا الى محكمة الصلح في تل ابيب ضد كلتة المنشقين مكونس- سنيه التي استولت بالقوة على ممتلكات الحزب في تل ابيب. وأبدت المحكمة ق رأيها على انه من الضروري اولا في ان تبحث في من هو الحزب الشيوعي في اسرائيل لكي، حسب رأيها، تستطيع ان تتمكن من البت في الطلب المقدم ضد المنشقين. وامام هذا الواقع وقف المحامي حنا نقارة واعلن ان "الحزب الشيوعي الاسرائيلي لن يسمح لأية محكمة كانت حتى لمحكمة الاستئناف العليا، ان تقرر من هو الحزب الشيوعي" وقال: "ان المقرر في هذا الامر هو خط الحزب السياسي وجماهير الشعب العامل" وقال ايضا ان موكله الحزب الشيوعي الاسرائيلي يرفض الدخول في أي بحث من هذا النوع، وفي اليوم التالي اصدروا بيانا الى المحكمة ووزعوه على الصحف واعلنوا فيه وقف السير في هذه القضية.
ونتيجة لهذا الوضع الجديد كانت هناك كذلك معركة على اسم الحزب في الكنيست، ولكن وبما ان الكتلة في ذلك الوقت كانت مكونة من خمسة اعضاء ثلاثة منهم كانوا من المنشقين وهم مكونس وسنيه واستر فلنسكا والرفيقان توفيق طوبي واميل حبيبي، وعلى اساس انهم هم الاكثرية في الكتلة البرلمانية فقد اخذوا الاسم أي اسم الحزب الشيوعي والحرف الذي كان حرف "ق" في ذلك الوقت، وهكذا كان الحزب مضطرا ان يقترح اسما جديدا وحرفا جديدا. وعلى هذا الاساس سجلت القائمة لانتخابات الكنيست باسم "القائمة الشيوعية الجديدة" واخذت الحرف "واو" رمزا لها. وهنا كان على الحزب خلال اقل من ثلاثة اشهر ان ينشر بشكل واسع اسم القائمة وحرفها لانتخابات الكنيست والهستدروت قطريا ولم يكن هذا الامر سهلا بالمرة، وامام هذا الواقع الصعب عمل رفاق الحزب واصدقاؤهم وكذلك الشبيبة الشيوعية ليل نهار من اجل تعريف الجماهير على هذا الواقع الجديد الذي نتج عن تآمر السلطة والمنشقين على الحزب الشيوعي اليهودي العربي. وامام هذا التحدي الكبير كانت منطقة الناصرة كعادتها هي السباقة في العمل الجماهيري الواسع حيث كانت قد دعت الى عقد مهرجان جماهيري افتتاحا للمعركة الانتخابية وبالفعل اقيم اضخم مهرجان انتخابي شهدته مدينة الناصرة في ذلك الوقت وكانت قد اعلنت فيه ان الشعب اختار حرف "واو"، "واو" القسم، مقسمين: لن نلين، لن نتراجع عن ارضنا وحقوقنا ومستقبلنا، وفي هذا المهرجان الجماهيري الضخم، اصدر الحزب الشيوعي نداءه الى جماهير الشعب وقال فيه: "ان حزبكم، في المعارك المصيرية القادمة، في امس الحاجة الى المال والرجال" وعلى اساس هذا النداء تبرع الحضور نقدا بمبلغ اكثر من ستة آلاف ليرة في ذلك الوقت، وهو مبلغ كبير وكذلك انضم الى صفوف الحزب الشيوعي والشبيبة الشيوعية واحد وعشرون عاملا وشابا، وكان من بين هؤلاء الدكتور رشيد سليم وطيب الذكر الرفيق المحامي عبد الحفيظ دراوشة والذي استمرت عضويته في الحزب الشيوعي حتى آخر أيامه، والاثنين كانا قد ألقيا كلمات في هذا المهرجان الجماهيري الضخم وكل واحد منهم كان قد اعلن في نهاية كلمته عن انضمامه الى صفوف الحزب الشيوعي الاسرائيلي. وهكذا كان عمليا رد الفعل الايجابي تلبية للنداء الذي وجهه الحزب الى الجماهير. وكان قد عقد هذا المهرجان بتاريخ 11.9.1965 في الساحة حيث أقيم لاحقًا بيت الصداقة وكان قد حضر هذا المهرجان الالوف من الناصرة ومن قرى منطقة الناصرة.
بعد هذا المهرجان الافتتاحي عقدت عدة مهرجانات في مناطق وقطاعات حزبية منها في كفرياسيف والقرى التي حولها وكذلك في كفر قاسم وفي عرابة البطوف باشتراك سخنين ودير حنا وفي مهرجان البطوف اشترك في ذلك الوقت اكثر من الف انسان وفيه ايضا جمع مبلغ يقارب الالف ليرة.
ان معركة انتخابات الكنيست التي جرت في سنة 1965 في الحقيقة كانت معركة هامة ومصيرية بالنسبة للحزب الشيوعي او كما سميت القائمة "القائمة الشيوعية الجديدة" وحرفها "واو". ونتيجة لهذا الواقع الذي وجدنا فيه بذل الرفاق في الحزب والشبيبة والاصدقاء في كل مكان جهودا كبيرة وهامة من اجل تحقيق النجاح وتقزيم المنشقين وكذلك من اجل الاثبات للرأي العام المحلي والعالمي من هو الحزب الشيوعي الحقيقي في هذه البلاد. وفي الوقت نفسه من اجل المحافظة على اسم وتاريخ هذا الحزب العريق، وبالفعل استطاع الرفاق والاصدقاء ان يحققوا نجاحا هاما في هذه الانتخابات، حيث حصل حزبنا على ثلاثة مقاعد في الكنيست بالرغم من كل ابواق التحريض والهجوم المنفلت من هذه الاجهزة التي تجندت في تلك المرحلة ضد حزبنا الشيوعي اليهودي العربي، والدعم الكبير الذي حصل عليه المنشقون من اجهزة السلطة، وبالرغم من الطروف الصعبة التي عمل بها الحزب وقلة الموارد المالية التي كانت ضرورية وهامة في المعركة، نبذت الجماهير العربية والقوى الدمقراطية اليهودية الواعية كل اساليب التحريض الارعن ودعمت بشكل واع ومسؤول قائمة الحزب الشيوعي اليهودي العربي وليس قائمة المنشقين، حيث انه مقابل النجاح الهام الذي حققناه، فان كتلة المنشقين بالكاد حصلت على مقعد واحد في هذه الانتخابات، وهذه النتائج من الناحية العملية كانت ضربة كبرى لهم ولنهجهم القومجي والانتهازي.
لقد كان هناك امتحان سبق امتحان انتخابات الكنيست حيث كانت قد جرت في 19.9.1965 الانتخابات النقابية للهستدروت، حيث حصلت قائمة الحزب على اكثر من 25% من اصوات العمال العرب، وهذا بالرغم من كل العراقيل التي وضعتها قيادة الهستدروت لمنع انضمام العمال العرب الى الهستدروت، الا اننا كنا قد حققنا ايضا في هذا المجال نجاحا هاما.
امام كل هذه النجاحات الهامة التي حققها الحزب وهذه النتائج الواضحة في انتخابات الهستدروت والكنيست، كان قد بدأ العمل من اجل انجاز مهمة اخرى من قبل قيادة الحزب المركزية وهي مهمة المعركة على اسم الحزب ودوره في المجال المحلي والعالمي وبشكل خاص في الحركة الشيوعية العالمية، خاصة وان هناك بعض الاحزاب الشيوعية كانت لا تزال على علاقة مع المنشقين نتيجة للعلاقة الشخصية التي كانت تربطهم مع صموئيل ميكونس الذي كان حتى ذلك الوقت ولفترة طويلة سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي.
ان نتائج الانتخابات للهستدروت والكنيست كانت بداية انهيار كتلة المنشقين وفضحها حيث ان هذه النتائج قد اسهمت نسبيا في رؤيا جديدة من قبل قادة الاحزاب الشيوعية في العالم خاصة وانها قد برزت بوضوح اتجاهات هذه الكتلة القومية والانتهازية عندما بدأت "تغرد" ضمن الاجماع القومي الصهيوني. واستمرت انزلاقات هذه الكتلة حيث بدأت تأخذ مواقف ضد الاتحاد السوفييتي، وكذلك موقفها من قائد الحزب الشيوعي البلغاري ومن البيان المشترك الذي صدر مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر والذي فيه ينتقدان الامبريالية والصهيونية، كل هذه المواقف قد عجلت في فضحهم ونبذهم من قبل الحركة الشيوعية العالمية، وفي الواقع منذ اواسط سنة 1966 كانت هذه الكتلة المنشقة قد اصبحت معزولة ومنبوذة من قبل الاحزاب الشيوعية في العالم، ولكن التعرية الكاملة والنهائية لهذه المجموعة جاءت بعد الحرب العدوانية على الشعوب العربية في سنة 1967 حيث وقفت هذه المجموعة بشكل واضح مع الاجماع القومي الصهيوني، وبعد هذا الموقف القومجي والانتهازي الواضح، قطعت جميع الاحزاب الشيوعية في العالم علاقاتها كاملة مع هؤلاء المنشقين، ولم تمض فترة طويلة حتى ذابت هذه المجموعة الانتهازية واندمجت اشلاؤها في حزب "مبام" ومن بعدها في "ميرتس"، ومنذ سنوات طويلة لا يوجد لهم ذكر ولا أثر بالمرة لانه مثل ما قال مثلنا العربي "من هالابر المخرمة في سدة معرمة"، أي بمعنى انه لا يوجد على الساحة الاسرائيلية متسع لاحزاب اخرى قومية لانه يوجد الكثير منها، وهذا عمليا هو مصير كل الانتهازيين وكل الذين حاولوا ويحاولون التطاول على وحدة الحزب الاممية لأنّ هذه الوحدة هي احدى المميزات الاساسية لحزب شيوعي في مثل هذه البلاد.
من هنا يجب رؤية الاهمية التاريخية لدور الرفاق اليهود في تلك المرحلة وبشكل خاص قادة الحزب من امثال ماير فلنر وساشا حنين ووولف ايرلخ ويهوشع ايرغة وروت لوبتش وبنينا فاينهاوز وعوزي بورشطاين وبنيامين غونين وغيرهم الذين كان لهم دور هام وتاريخي في الحفاظ على وحدة الحزب الاممية اليهودية العربية، حيث استطاعوا ان يجذبوا عددا غير قليل من الرفاق اليهود الى الموقف الاممي الصحيح، وكذلك كان هناك دور خاص ومميز للرفاق الشباب اليهود في تلك المرحلة بالإضافة للرفيق بنيامين غونين والذي كان أحد قادة الشبيبة الشيوعية في ذلك الوقت، من أمثال الرفاق يورم وتمار غوجانسكي الذين كانا قد أنهيا دراستهما الجامعية في معاهد الاتحاد السوفييتي وعادوا الى البلاد في تلك المرحلة والرفيق نيسيم براخا والرفيق يوشكا فليرشتاين والرفيق درور إيرغا وغيرهم من الرفاق الشباب اليهود الذين حافظوا على استمرارية الشبيبة الشيوعية بصفتها تنظيم شبابي يهودي عربي أممي ولتستمر بأخذ دورها الخاص بين الشباب اليهود والعرب في هذه البلاد.
امام هذا الواقع الجديد الذي نشأ بعد الانقسام وبعد هذه المعارك التي خاضها الحزب، وبعد خسارة اكثر من نصف الكوادر الحزبية في الوسط اليهودي في تلك المرحلة الصعبة، اصبح من الاهمية والمهمة الكبرى التي وضعها الحزب امامه وامام الشبيبة الشيوعية التأكيد اكثر على تقوية التنظيم الحزبي وتوسيع نفوذه بين الجماهير بشكل عام والجماهير العمالية بشكل خاص في الوسطين اليهودي والعربي، وكذلك مهمة العمل على تقوية وتوسيع صفوف الشبيبة الشيوعية بين الشباب، وتعميق العلاقة بين فروع الشبيبة الشيوعية اليهودية والعربية، وعلى اساس هذا البرنامج دعا فرع الشبيبة الشيوعية في عرابة اعضاء الشبيبة الشيوعية من منطقة تل ابيب لزيارة فرع عرابة وفعلا لبت منطقة تل ابيب الدعوة، وحضر لزيارة فرع عرابة اكثر من خمسين رفيقة ورفيقًا، وقام الرفاق من عرابة باستضافة الرفاق في بيوتهم بعد ان قضوا جميعهم سهرة رفاقية جميلة تبادلوا فيها خبرات العمل. وفي اليوم الثاني قام رفاق الشبيبة في عرابة بأخذ رفاق تل ابيب في جولة داخل عرابة ومن ثم جولة الى سهل البطوف وبعدها عادوا الى النادي وهناك تبادل الضيوف والمضيفون الكلمات والهدايا، وفي المساء سافر الوفد الضيف عائدا الى منطقته يحمل اجمل الانطباعات من مثل هذه الزيارة، وكانت هذه الزيارة في اواسط شهر اب من العام 1966، وهي ضمن نشاطات اخرى اعدت على شرف مؤتمر منطقة الناصرة للشبيبة الشيوعية الذي عقد بتاريخ 17.9.1966. وعلى اساس هذا البرنامج الذي وضع عقدت الكثير من الحلقات التثقيفية والندوات الثقافية والرحلات للتعرف على معالم البلاد واقامة الفرق الرياضية وكذلك اقيم مهرجان رياضي لفرق كرة القدم لقطاعي البطوف وشفاعمرو شاركت فيه اربع فرق رياضية على ملعب عرابة وكل هذا على شرف مؤتمر منطقة الناصرة للشبيبة الشيوعية.
ان كل هذه النشاطات التي قامت بها فروع الشبيبة الشيوعية اعطت زخما جديدا للحركة الشبابية ولزيادة دور الشبيبة الشيوعية بين جمهور الشباب. وبدأت فروع الشبيبة تزداد تأثيرا واتساعا بين الشباب وكذلك برزت كقوة شبابية الاكثر تنظيما والاكثر انضباطا والتي تأخذ على عاتقها مسؤولية توجيه الشباب الى الطريق النضالي الصحيح والاكثر ثورية وتقدمية.
وفي سنة 1966 فتحت ابواب جديدة من اجل تشجيع الشباب الطلاب للانضمام الى صفوف الشبيبة الشيوعية حيث فتح في تلك المرحلة باب التعليم الاكاديمي لاعضاء من الشبيبة الشيوعية في الاقطار الاشتراكية للدراسة الجامعية هناك، ومما لا شك فيه ان هذا الامر الجديد كان احد المحفزات الجديدة للشباب من اجل الانضمام الى صفوف الشبيبة الشيوعية والى توسيع صفوفها بين الطلاب الثانويين بشكل خاص وبين الشباب بشكل عام. وكانت اول منحة للدراسة الجامعية في الاقطار الاشتراكية حصل عليها فرع الحزب الشيوعي في عرابة الى جمهورية تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية في سنة 1966 للشاب محمود موسى بدارنة وبعدها تعاقبت هذه المنح في كل سنة حيث كان يخرج للدراسة في الاقطار الاشتراكية من عرابة البطوف رفيق او اثنين واحيانا ثلاثة رفاق، ووصلت المنح التي حصل عليها فرع عرابة البطوف الى اربعين منحة أي انه عن طريق الحزب والشبيبة الشيوعية في عرابة اصبح هناك اربعون اكاديميا من اطباء ومهندسين وعلماء نفس ومحامين وغيرهم هذا من عرابة فقط، وكذلك الحال في باقي مدننا وقرانا العربية.
ان عملية فتح المجال امام الشباب للدراسة في الاقطار الاشتراكية عن طريق الحزب الشيوعي قد ادى بالسلطات الى تخفيف بعض القيود على قبول الطلاب العرب في الجامعات الاسرائيلية الامر الذي ادى الى زيادة نسبة الطلاب العرب في هذه الجامعات. وفي الوقت نفسه ادى هذا الواقع الى تحمس العديد من الشباب للسفر الى مختلف الاقطار في العالم للدراسة الجامعية. كل هذا ادى بشكل طبيعي الى زيادة المثقفين والاكادميين بين الجماهير العربية في اسرائيل وكذلك الى زيادة وزن الجماهير العربية من حيث التأثير والمكانة السياسية الاجتماعية في داخل اسرائيل.
ان هذا الواقع الجديد الذي نشأ نتيجة لاتساع المجال امام شبابنا من اجل التعليم الاكاديمي في الاقطار الاشتراكية وغيرها من دول العالم والتحولات السياسية والاجتماعية بين جماهيرنا العربية داخل اسرائيل ادى ايضا في الوقت نفسه الى تعميق الوعي السياسي والاجتماعي بين جماهيرنا الامر الذي ادى الى اعطاء دفعة جديدة لتطور هذه الجماهير. ومن الناحية العملية وفي تلك الفترة بالذات بدأت مرحلة جديدة متطورة اكثر في الانتقال من وضع جماهيري صعب عاشته هذه الجماهير في الخمسينيات واوائل الستينيات، وهذا نتيجة لزيادة عدد الاكادميين والمثقفين النوعية، الذين شعروا من جديد بأهمية دورهم التاريخي في التأثير على الاحداث الجارية في داخل البلاد وفي هذه المنطقة ايضا. وجاء هذا الشعور بعد تعميق الثقة بالنفس واننا لم نعد مجموعة جماهيرية ضعيفة بل اصبحنا مجموعة قوية.. اصبحنا شعبا متكاملا عنده كل مقومات الحياة المتكاملة، وهذا الامر في تلك المرحلة كان نقلة نوعية جديدة في مرحلة من مراحل التطور والتقدم، التي وصلت اليها جماهير شعبنا من مراحل تطورها وزيادة قوتها السياسية والاجتماعية وتأثيرها في الاحداث عندما سطرت في يومها البطولي في الثلاثين من اذار سنة 1976 يوم الارض الخالد والذي كان عمليا انتفاضة جماهيرية ثانية اكثر جماهيرية وبطولية لهذه الجماهير بعد انتفاضتها الاولى في احداث ايار سنة 1958، وسوف آتي بتفصيل وتحليل اكثر واعمق عن مغزى ومعنى يوم الارض الخالد واثره الايجابي على تطور جماهيرنا المستقبلي في هذه البلاد عندما اصل الى تلك المرحلة.
توفيق كناعنة
السبت 12/7/2008