براغ- وكالات- توجهت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى أوروبا مساء أمس للتوقيع على اتفاقية لـ"الدفاع" الصاروخي في العاصمة التشيكية براغ تتعلق بنصب رادار أمريكي على الأراضي التشيكية. وتلتقي رايس في جولتها- التي تستمر أربعة أيام- كبار المسؤولين التشيكيين والبلغاريين والجورجيين لبحث عدد من القضايا الثنائية التي تهم أوروبا والولايات المتحدة. وترغب الولايات المتحدة بنصب الرادار في جمهورية التشيك وصواريخ اعتراضية في بولندا بزعم حماية نفسها وحلفائها من هجمات قد تشنها دول "مارقة" (كما تدعوها الولايات المتحدة) من بينها إيران على حد تعبيرها. ويصطدم التوقيع التشيكي على المعاهدة بمعارضة شديدة من الرأي العام المحلي. فمن المتوقع أن تشهد التشيك مظاهرات ضد المعاهدة تنظمها الحركات السلمية التي ضاعفت تحركاتها بتنظيم مسيرات وإضرابات عن الطعام واحتلال الموقع العسكري المخصص للرادار. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ثلثي التشيكيين يرفضون مشروع الرادار. وارتفعت الآراء الرافضة إلى 68% في أيار الماضي. وبين الاستطلاع أن أكثر من 70% من المستجوبين يطالبون باستفتاء بشأن المسألة، فيما رفضت الحكومة إجراء أي استفتاء شعبي في الموضوع واختارت البت في المسألة في البرلمان. وقد اقترح رئيس الوزراء الليبرالي ميريك توبولانيك المؤيد للولايات المتحدة منذ تعيينه على رأس الحكومة المشاركة في المنظومة "الدفاعية" الأمريكية. وفي رأي مؤيديه يعتبر هذا الخيار استراتيجيا بالنسبة لجمهورية التشيك بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لكن لا شيء يضمن حتى الآن أن تحظى المعاهدة بموافقة الأصوات المطلوبة للتصديق عليها. وترى المعارضة الاشتراكية الدمقراطية أن الاتفاقية تتعارض مع التعهدات الأوروبية للجمهورية التشيكية ومبدأ الدفاع الأوروبي المشترك. ويرجح مسؤولون أمريكيون أن تزور رايس أثناء جولتها وارسو إذا تسنى الانتهاء من اتفاق مع السلطات البولندية في الوقت المناسب. وفي المقابل تنظر موسكو بعين الريبة إلى نظام "الدفاع" الصاروخي الأمريكي وترفضه خشية أن يتم توسيعه لتحييد قوات ردعها النووية. فقبيل وصول رايس إلى براغ توقع خبراء سياسيون أن تشهد العلاقات الأمريكية الروسية توترا جديدا، وبينوا أنه إذا ما نجحت واشنطن في تحقيق مساعيها لنشر منظومة الدرع الصاروخي في دول أوروبا الوسطى بحلول عامي 2011 و2013، فإنه يتعين عليها أن تتوقع تعاونا أقل من جانب موسكو في ملفات ساخنة مثل الملف النووي الإيراني. ولم تفلح التطمينات الأمريكية في تهدئة قلق موسكو من مشروعها الجديد، رغم أنها عرضت عليها إمكانية مراقبة المواقع في أوروبا الوسطى، والتعاون في مجال الدفاع المضاد للصواريخ عموما، في حين اعتبرت روسيا المشروع الأمريكي تهديدا لأمنها. وتأتي زيارة رايس العاصمة الجورجية بعد أسابيع من تصاعد التوتر بين تبليسي وإقليم أبخازيا المنشق عن جورجيا. وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها في حزيران الماضي بعد أن أرسلت روسيا مزيدا من القوات إلى المنطقة دون موافقة الحكومة الجورجية. وذكر السفير الروسي المعتمد في براغ ألكسي فيدوتوف أول أمس بمخاوف موسكو "الكبيرة" على حد قوله، وقال إن هذه المخاوف لم تهدأ و"كل العالم يمكن أن يتصور أن روسيا ستتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية أمنها".