ألمعرفة خبز وجودنا ؟!!



بداية، لا بدّ ان نؤكد، ونحن نتناول موضوع اهمية المعرفة بالنسبة للانسان، انها تشمل كل نشاط يقوم به العقل الانساني، وبأنها رافعة التفاعل القوية بين الافراد، مما جعل حاجتنا اليها ضرورية وملحّةً في كل عصر.
ولوعي سقراط بهذه الحقيقة، اطلق مقولته المهمة"اعرف نفسك بنفسك"، وكان يرددها في حجرات الدرس، في الاسواق وفي الشوارع، حاثّا مستمعيه على وجوب الغوص في النفس وكشف مستوراتها ومكنوناتها.
لكن، قارئاتي قرائي من اجل الدقة والامانة التاريخية، يجب ان نضيف بان فيلسوفنا لم يأت بها من عنده، بل هو قرأها على جدران معبد دلفي في اثينا- هذا ناهيك ان المعرفة كانت وثيقة الصلة بالانسان الاول، واسمه:آدم، لان شهوته بداية كانت هي المعرفة، وتجسّد ذلك في لهفته على"شجرة المعرفة" ليميّز بين الخير والشر، مع انها كانت محرّمة، الا ان توقه الجامح الى المعرفة، جعله يضرب بالوصية الالهية عرض الحائط- وعليه فشهوته الى المعرفة سبقت شهوة الجسد وغيرها من غرائز الطبيعة الانسانية، فدفع ثمن هذا بالخروج من جنة عدن الى حياة الارض!!
ولان المعرفة صديقاتي اصدقائي هي البرهان على وجودنا الحقيقي خاصة في هذا الزمن الهجين، الذي وحّدنا جميعا، دما وفجيعة، وقد"منّت" علينا بهذا"الاتحاد"، نفس قوى الشر والموت، التي تريدنا ان نرى باستمرار المعاناة امرا طبيعيا!!
أقول، لاننا نعيش زمن التراب والسقوط هذا، لا بد ان نجدد عملية الحفر في ذواتنا، لماذا!! كي نعود ونكتشف ان عالمنا الداخلي عالم مقاوم ومناضل ومكافح عنيد، ويرفض بجدارة وامتياز القهر والظلم وسلب الحقوق والبقاء ضحكة ناشفة على جدران الامل واشراقة ذابلة على وجه الصباح.
وكل ما يتوق اليه، هو الاتحاد مع صنوه وشقيقه العالم الخارجي، الآخر والبديل، لانه بذلك يحقق هدفه الكبير، بالعودة الى كامل الحضور والألق، وجعل حلمه بحياة افضل يكتمل كالبدر، الذي تختفي نجومه وتغيب، ثم تعود وتولد من جديد.
فصباح الخير لكل اركيولوجي عربي، سيوقظ ادوات التنقيب من جديد، ليستأنف عملية الحفر في الذات، ليصل بها ومعها الى ضفاف حياة الحرية والكرامة والاستقلال والازدهار...
رشدي الماضي
الثلاثاء 8/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع