"زنوس" تكشف المسكوت عنه بالمسرح التونسي



* مسرحية تشهّر بالفوضى والتهميش والوضع المتردي الذي يعتري ميدان المسرح التونسي*

تونس - تجول مسرحية "زنوس" التي بدأت عروضها أخيرا في كواليس المسرح وخفايا حياة الممثلين وعلاقاتهم فيما بينهم، وتطرح تساؤلات عن دور المبدع ووضعه. المدهش في هذا العرض المسرحي أنّ الممثلين يدخلون الركح لأداء دورهم المتمثل في تحريك دمى متكلمة، لكنّ هذه الدمى تخرج عن النصّ وعن الحكاية الأصلية لتتوجه للجمهور وتتشابك مع محركيها.
"زنوس" هي كلمة من اللهجة التونسية مشتقة من أجناس، وتطلق للتعبير عن احتقار وعدم اعتبار الشخص إنسانا. وهي صفة ألصقها المخرج بالممثل في تونس الذي ليس له إلى حد الآن وضع قانوني أو تصنيف اجتماعي واضح.
تنطلق المسرحية بتوجيه المخرج أمره للممثلين بتحريك الدمى، لكنّ الدمى تتساءل عن كيفية الشروع في أداء الدور ثم يتم التوافق بينها بالانطلاق بقصّة عادية. ولكن تخرج الدمى عن النص ويدور حوار مضمونه التعبير عن عدم الرضا والتذمّر من الدور الذي تؤدّيه من المحرّكين ومن المخرج الذي يطلب منها العمل يوميا.
وهكذا يفقد الممثلون السيطرة على الدمى لتصبح هي المحرّكة وتحكي حكاية الوضع المتردي للمسرح في تونس من خلال فضح ظروف إنجاز العمل وظروف العرض.
بعد ذلك يحصل الاشتباك بين الطرفين (الدمية ومحركها) وينتهي بتمازج شخصية الدمى والمحركين ويطلع الجمهور على الحياة اليومية للممثلين وعلاقاتهم فيما بينهم وعلى واقع المسرح التونسي.
يدور الجدل بين المحرك ودميته حول جدوى كل منهما، تشكك الدمية في فاعلية المحرّك وقدرته بل تصرّح بسلبيته، وتطرح تساؤلات: ماذا لو انفصلا؟ ماذا لو أقر كل منهما باستغنائه عن الآخر؟ ماذا لو حرّكت العروسة المحرك؟
تكشف المسرحية عن دمى/ زنوس سليطة اللسان تحمل كل منها تصورا للمبدع كيف يجب أن يكون. تحكي حكاية تفضح بها المسكوت عنه وتشهّر بالفوضى والتهميش الذي يعتري ميدان المسرح. وتكشف أمام الجمهور للمتقبل البسيط آليات اللعبة المسرحية ليدخل عالم المسرح من الكواليس.
يقول مخرج المسرحية وكاتب نصّها صالح حمّودة في تقديمه لمسرحيته. "في كل مرّة "يفيض فيها الكأس" ويوشك صدر المبدع على الانفجار تطل علينا الزنوس". وهكذا طيلة ساعة ونصف الساعة مدة العرض تنطق الدمى بلسان حال المهنة وتظل كذلك إلى أن يسكتها المحرك خوفا أوعجزا.

الأحد 6/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع