"الدرع المضاد للصواريخ" يعود ليهدد العلاقات الأمريكية الروسية



*كوندليزا رايس تبدأ جولة أوروبية لتوقيع اتفاق بالأحرف الأولى لنشر الصواريخ في تشكيا وبولندا*


واشنطن- وكالات- عادت قضية "الدرع المضاد للصواريخ" لتهدد بتوتير العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا من جديد، عشية توجه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس الى تشيكيا لتوقيع اتفاق بشأن نشر الدرع.
ولم يستبعد مسؤولون أمريكيون ان تتوقف رايس الاسبوع المقبل في بولندا ايضا لاحتمال التوقيع بالاحرف الاولى على اتفاق مماثل لا يزال قيد التفاوض، يسمح بنشر عشرة صواريخ اعتراضية على الاراضي البولندية لاكمال رادار يفترض نصبه في جمهورية تشيكيا.
لكن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك كرر الجمعة مطالب بولندا في المجال الامني، وأكد استمرار المفاوضات في هذا الشأن.
وتزعم الولايات المتحدة انها ترغب بنشر منظومة الدرع المضادة للصواريخ في دول اوروبا الوسطى بحلول 2011- 2013، "للتصدي لأية هجمات محتملة من دول مثل ايران"!!
لكن روسيا نددت بهذا المشروع الذي يمثل، في نظرها، تهديدا لأمنها. وقالت في وقت سابق إنّه لو كانت الولايات المتحدة تخشى التهديدات الإيرانية بالفعل لكانت قد وافقت على مقترحها بالحصول على بيانات عن عمليات إطلاق الصواريخ من محطة رادار روسية ومحطة رادار ثانية تديرها روسيا في أذربيجان. وذلك بدلا من نصب الدرع في وسط أوروبا.
وتغطي محطة رادار (قابالا) وهي من اكبر المحطات في العالم وتقع في شمال اذربيجان المحيط الهندي والشرق الاوسط ومعظم شمال افريقيا ويمكنها رصد الصواريخ التي تطلق من هذه المواقع.
غير ان مسؤولين أمريكيين أكّدوا مرارًا ان وجود رادار في جمهورية التشيك وصواريخ مضادة في بولندا يتيح موقعين مثاليين للتصدي لتهديدات صاروخية من ايران والشرق الاوسط، ورفضوا قبول المقترح الروسي كبديل للدرع الصاروخية.
ويقول روبرت بل نائب رئيس شركة "ساينس ابلبيكشنز انترناشيونال كورب" لتكنولوجيا الامن الأمريكية، تصلح كإضافة. ولكن كبديل فإنها تثير عدة قضايا ليس اقلها هندسة الاعتراض.
وتتميز مبادرة الدرع الصاروخية بتطوير منظومات اعتراضية قادرة على صد أية صواريخ باليستية جوالة قد تطلقها بلدان "مارقة"، حسب وصف واشنطن، على الأراضي الأمريكية من خلال إطلاق صواريخ اعتراضية تحمل ما يسمى بكبسولات التدمير الذكية ذات القدرة على المناورة للتصدي للرأس الحربي الهجومي.
وتنطلق كبسولات التدمير المناورة من مقدمة الصاروخ الاعتراضي على مسافة عالية جدا من سطح الارض عند تخوم الفضاء ويعتمد مدى نجاح المنظومة بكاملها على قدرة كبسولة التدمير على اصابة الرأس الحربي للصاروخ المهاجم اصابة مباشرة، وهو ما يشبه بالفعل محاولة صد رصاصة باطلاق رصاصة أخرى عليها.
ويرى عدد من الخبراء انه في حال إبرام هذه الاتفاقات مع دول أوروبا الوسطى فيمكن ان تتوقع واشنطن تعاونا اقل من جانب موسكو في ملفات ساخنة مثل الملف النووي الايراني.
وتوقع اناتول ليفين البروفسور في الكلية الملكية في لندن والمستشار في مركز الابحاث "نيو أمريكا فاونديشن" في واشنطن "ان النية الحسنة الروسية لمساعدة الولايات المتحدة عندما تحتاج لموسكو ستتراجع أكثر".
وستغادر رايس واشنطن غدًا الاثنين لبدء جولة اوروبية تقودها الى "جمهورية تشيكيا لتوقيع اتفاق حول منظومة الدرع المضادة للصواريخ"، كما صرح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية شون ماكورماك.
وذكرت الصحف التشيكية ان رايس ستصل الى براغ في الثامن من تموز الجاري.
وكان الحلف الاطلسي وافق اثناء قمته في نيسان الماضي في بوخارست على هذا المشروع لنصب رادار اميركي على الاراضي التشيكية.
لكن الرأي العام في تشيكيا وبولندا يعارض بأغلبيته هذه المنظومة الدفاعية.
واعتبرت بولندا الردود الأميركية حيال قلقها بشأن أمنها الذاتي بأنها "غير كافية" وطالبت في مقابل موافقتها بوجود دائم لانظمة دفاعية جوية من نوع باتريوت.
واوضح رئيس الوزراء البولندي ان "اقامة الدرع يخلق تهديدات جديدة وان لم يكن بامكان الدرع الرد على جميع هذه التهديدات فنحن بحاجة لعناصر تقنية أخرى، مثل صواريخ باتريوت على الارض البولندية"، متحدثا عن مطالب واقعية وصحيحة.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت سابقا انه في حال فشل المفاوضات مع وارسو فقد تكون ليتوانيا بديلا لبولندا لإقامة بطارية مضادة للصواريخ.
وفي مسعى لتهدئة مخاوف الروس بسبب مشروع الدرع المضادة للصواريخ على مقربة من أراضيها عرضت واشنطن على موسكو في الأشهر الأخيرة إمكانية مراقبة المواقع في أوروبا الوسطى والتعاون في مجال الدفاع المضاد للصواريخ بوجه العموم، لكن بدون تحقيق نجاح على ما يبدو.
وكتبت صحيفة واشنطن بوست في مقالة افتتاحية مؤخرا تقول ان هذا الملف سيلقى على عاتق الرئيس الأمريكي المقبل الذي سينتخب في تشرين الثاني المقبل.
وذكرت الصحيفة ان ادارة الرئيس جورج بوش "تتسرع في إبرام اتفاقات سابقة لاوانها ومكلفة" مع التشيكيين والبولنديين مع الاقرار في الوقت نفسه بأن هذا النظام المضاد للصواريخ قد يكون مفيدا.

الأحد 6/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع