(حالة العلاقات الاستراتيجية مع الهند)
ان تطبيع اسرائيل يجب أن يسبق التطبيع معها، والتعاون مع اسرائيل يجب أن يكون مشروطا بتطبيع ممارساتها من جهة، وتطبيع الظروف التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني وممارسة حقوقه القومية المشروعة من الجهة الاخرى.
ان كلا من اسرائيل والهند الرسميتين تتلهيان بالترويج للفكرة العبثية وكأن عملية التطبيع المتلهفة بين الدولتين، هي نتاج طبيعي للطابع الدمقراطي المشترك بين "الدموقرطية الوحيدة في الشرق الاوسط" كما تحب اسرائيل أن تعرض نفسها، وبين أكبر دمقراطية في العالم. على اعتبار أن مصداقية هذا التطبيع والتعاون الاستراتيجي والعسكري المشبوه بين الدولتين نابعة عن البعد "الاخلاقي والدمقراطي". حتى يكاد لا يتناول تحليل في اسرائيل، مسألة العلاقات الاستراتيجية أو مسألة العلاقات العسكرية المتطورة وتجارة الاسلحة بين الهند واسرائيل الا وعزاها الى العمق الاخلاقي والقيمي السامي، المتصاعد بين "الحضارتين القديمتين"، "غير المسلمتين" "الملتزمتين بحقوق الانسان والقيم الانسانية العليا" والمتحالفتين مع "الدمقراطية الاعظم" في العالم، ألا وهي الولايات المتحدة الامريكية تحت ادارة بوش وفي اطار ما يسمى "الحرب ضد الارهاب الاسلامي"!
ولكن اذا كان لا بد من استحضار البعد الاخلاقي والقيمي والدمقراطي في هذا السياق، فلا مناص من استحضار ملفات التعاون الاستراتيجي والعسكري الظلامي وغير الاخلاقي المشبوه، والذي لا يشّرف بالضرورة دولة في مكانة الهند، الذي كانت اسرائيل قد أقامته تاريخيا مع أسوأ الانظمة وأكثر الدكتاتوريات دموية ومعاداة للدمقراطية في شتى أنحاء العالم، بدءا من التعاون الاستراتيجي النووي وعلاقات تجارة الاسلحة، مع نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا، وعلاقات التعاون الاستراتيجي الوثيق مع ديكتاتورية بينوشيت الفاشية في التشيلي، والدكتاتوريات العسكرية في الارجنتين، ونظام الطاغية سوموزا في نيكاراغوا ومختلف ديكتاتوريات "الجنراليزمو" في امريكا اللاتينية، التي استندت الى التعاون الاستراتيجي مع المؤسسة الاسرائيلية في ملاحقاتها الفاشية لتصفية المعارضة السياسية اليسارية وقياداتها جسديا واختطافها واخفائها، بما فيها نشطاء اليسار والمعارضة من اليهود في هذه البلدان. اضافة الى علاقات التعاون الاستراتيجي مع أكثر الانظمة القمعية في آسيا وافريقيا من شاه ايران وحتى عيدي أمين.
ومن باب اّخر، أتساءل، هل من الطبيعي مواصلة استعمال "الدمقراطية"، و"حقوق الانسان" و"القيم العليا"، مميزات لتوصيف اسرائيل بعد واحد وأربعين عاما من الاحتلال المتواصل للمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، وما رافقه من تدهور دمقراطي خطير في اسرائيل ذاتها، وبعد ستين عاما من النكبة المستمرة والتنكر المتواصل للحقوق القومية المشروعة للشعب الفلسطيني؟ ان وراء هذا التشويه المقصود لمفاهيم "الدمقراطية وحقوق الانسان"، ترويج للوهم وكأن السياسة الهندية والسياسة الاسرائيلية الاحتلالية العدوانية سيان.
وتتجاهل المؤسسة الرسمية الهندية التناقض الحاد بين الموقف الهندي التقليدي الشعبي والرسمي، الداعم للقضية العادلة للشعب الفلسطيني، وبين تعاونها الاستراتيجي مع المؤسستين السياسية والامنية الاسرائبلية ووكالاتها الاستخباراتية، المسؤولة على مدار السنوت الاحدى والاربعين الماضية عن ادارة الاحتلال وفظائعه اليومية، من حصار وتجويع وجدار عزل عنصري واغتيالات وبؤس وجرائم حرب ضد المدنيين- من الاطفال والنساء والرجال وحتى عائلات فلسطينية بأكملها!
ان ضحايا الاحتلال والحروب العدوانية الاسرائيلية، من بين المدنيين الفلسطينيين أو اللبنانيين لا يسقطون نتيجة خلل في الحرب أو في ممارسات الاحتلال. انهم في أقل تقدير ضحايا "لاخطاء" منهجية متكررة ومبيتة، والحقيقة أن الاستراتيجية التي تلتزمها المؤسسة الامنية الاسرائيلية تقوم على تشريع العقوبات الجماعية وعلى جباية ثمن باهظ من دماء المدنيين وأرواحهم، بهدف اجبارهم على اغلاق أحيائهم السكنية في وجه مقاتلي المقاومة وعزلهم. وتتعامل الاستراتيجية الاسرائيلية مع هذه الفظائع، كاجراءات ضرورية لبناء "الردع" الاسرائيلي في "الحروب غير المتماثلة" وتعتبرها على الملأ، خيارا استراتيجيا واعيا، وجزءا لا يتجزّأ من ادارة هذا النوع من الحروب.
وعلى نفس المنوال فان تدمير الاقتصاد الفلسطيني وتدمير البنية التحتية للحياة اليومية المدنية والاقتصادية للمناطق المحتلة، ليست نتيجة ثانوية مرافقة للاحتلال او ناتجة عن مقاومته، وانما هي وجهه الحقيقي واحد أهدافه الرئيسية في محاولته الاحتفاظ بالمناطق الفلسطينية المحتلة، في حالة من التبعية المطلقة لاسرائيل والاعتماد الكامل على دولة الاحتلال .
*الهند الضمانة لانقاذ الصناعات العسكرية الاسرائيلية!*
تولي إسرائيل للتعاون الاستراتيجي مع الهند موقعا متميزا جدا في إطار أولوياتها الإستراتيجية. ولا يقتصر هذا التعاون على مجال التجارة العسكرية وحدها، على الرغم من أن التجارة العسكرية والتكنولوجيا المتطورة تشكل عنصرا بالغ المركزية
في التعاون الاستراتيجي غير المسبوق بين البلدين. إن انعكاسات تطور هذه العلاقات ليست في طبيعتها مسألة تخص العلاقات الثنائية بين الهند وإسرائيل وحدهما، بل إنها تطال أطرافا كثيرة أخرى في المنطقة وخارجها.
ويؤكد ذلك الاستنتاجات التي خلص إليها عدد من الدراسات الإستراتيجية الهندية والإسرائيلية التي تناولت الموضوع . الباحثان الإسرائيلي شيرمان والهندي سوندهاي توصلا في دراسة مشتركة نشرت في العام 1999، تحت عنوان: "العلاقات الإستراتيجية الهندية- الإسرائيلية" (معهد أريئيل للدراسات الإستراتيجية) إلى استنتاج واضح يقول: "إن على إسرائيل من أجل أن تحافظ على تفوقها التكنولوجي على خصومها، أن تحتفظ بصناعاتها العسكرية بشكل متميز". الباحثان الاستراتيجيان الاسرائيليان، كلاينمان وبيداتسور أشارا الى أن "تطوير أنظمة وأسلحة جديدة دون الحصول على طلبيات تضمن التمويل من المؤسسة الامنية الإسرائيلية، يتطلب استثمارات اكبر بكثير من تلك التي تستطيع الصناعات العسكرية تمويلها بنفسها... (وبناء على ذلك) يبقى أمام الصناعات العسكرية الإسرائيلية خياران: إما التخلي عن الجهود لتطوير أنظمة أسلحة متقدمة جديدة، وإما إيجاد شريك أجنبي يكون معنيا بتمويل كلفة تطويرها، مقابل ترتيبات لضمان اشراكه المفترض في البرنامج".
وكانت تقديرات ايلان بيران، الذي شغل في حينه منصب مدير عام وزارة الامن الاسرائيلية، أكثر وضوحا: "من أجل ان تصمد الصناعات العسكرية ("الدفاعية" وفق استعماله) وتكون قابلة للحياة، فانها لا تستطيع أن تعتمد على السوق الاسرائيلية، بل عليها أن تخصص 75% من مبيعاتها للتصدير". ومن هنا، يضيف: "حتى لو تعذّر توفر شريك ثالث لتصدير الصناعات العسكرية، فإنّ الهند تبقى سوقا هائلة بالنسبة لاسرائيل"..."ان ضمان قيام الهند باقتناء المعدات الاسرائيلية يوفر حلا جذابا لتخفيف الاعباء التمويلية في مجال بحث وتطويرالاسلحة والانظمة المتقدمة". (صحيفة غلوبس؛ 14.12.1997).
ان حقيقة أن الهند تحولت منذ نشر هذه التحليلات الى أكبرمشتر للسلاح من اسرائيل، بحيث تستثمر في شراء المعدات العسكرية الاسرائيلية أكثر مما تستثمر المؤسسة العسكرية الاسرائيلية نفسها في اقتناء المعدات الاسرائيلية، تجعل من الهند عاملا حاسما في الحفاظ على الصناعة العسكرية الاسرائيلية وفي عسكرة الصناعة الاسرائيلية. ان هذه الحقيقة، لا يجوز حصر أبعادها في العلاقات الثنائية بين البلدين فقط، لكنها تنعكس بشكل خاص على ضحايا احتلالات اسرائيل وحروبها بشكل رئيسي.
ان الهند التي بلغت قيمة مقتنياتها العسكرية من اسرائيل في العام 2006 أكثر من 1,6 مليار دولار، قد رفعت حجم مداخيل "الصناعات الحربية الاسرائيلية" الى أعلى مستوى لها منذ انشائها، مسجلة دخلا بقيمة 4,4 مليار دولار في العام نفسه. وبذلك بلغت قيمة المقتنيات الهندية من إسرائيل، من أسلحة ومعدات عسكرية على مدار السنوات الخمس السابقة ما قيمته خمسة مليارات دولار، وتحولت بذلك إلى أكبر مشتر للمعدات العسكرية الإسرائيلية. إن حجم التجارة العسكرية الاسرائيلية مع الهند، كان سببا رئيسيا في بروز إسرائيل كواحد من أكبر خمسة مصدرين للعتاد الحربي في العالم، وهي تتحول إلى أكبر مزوّد أسلحة للهند، التي تشمل مقتنياتها العسكرية من إسرائيل بعضا من أكثر أنظمة السلاح سرية وتطورا، وأكثرها حساسية والتي تقوم الولايات المتحدة نفسها على تمويل تطويرها في اسرائيل وتتحكم بحرية تصرف اسرائيل بها. تشمل أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ وانظمة رادار متطور وطائرات بدون طيار وطائرات فالكون للتجسس والانذار المبكر.
ان هذا يشكل بعدا واحدا فقط من أبعاد التعاون الاستراتيجي والتطبيع المتلهّف الذي تنتهجه الهند الرسمية مع المؤسسة الامنية الاسرائيلية، في السنوات الاخيرة.
منذ الزيارة التي قام بها الى اسرائيل أواسط العام 2000، وزير الداخلية الهندي الاسبق في حكومة اليمين أدفاني، دأب الوزير الذي يشكل قطبا يمينيا بارزا في السياسة الهندية، على صياغة اتفاقات تعاون استراتيجي وشراكة استخباراتية مع الموساد الاسرائيلي، وتوقيعها خلال لقاءات أجراها في حينه مع رئيس الموساد ووزراء اسرائيليين لهم صلة في الموضوع. ومن المثير للقلق ان سقوط حكومة اليمين في الهند واستبدالها بحكومة حزب المؤتمر، لم يؤد الى التراجع عن هذه الاتفاقات المخابراتية المشبوهة. ووفقا لدراسة أجراها الباحث الاستراتيجي الهندي كابيلا "علاقات الهند- اسرائيل 1.8.2000": "ان اسرائيل تدعم جهود الهند في محاربة الارهاب. ولهذا الغرض ستقوم وكالات المخابرات الاسرائيلية بفتح مكاتب لها في نيودلهي تقوم على نسق الاتفاقية القائمة مع الاف. بي. أي الامريكية". ومقابل تواجد المخابرات الاسرائيلية في الاراضي الهندية، تمد اسرائيل الهند بمعلومات حول باكستان والحركات الكشميرية المعارضة.
ان مثل هذا التعاون القريب مع الوكالات الامنية الاسرائيلية في اطار ما يسمى "الحرب على الارهاب" يضع علامة سؤال حول أخلاقية هذه السياسة الامنية، وحول مدى استقلالية السياسة الخارجية الهندية. ان اسرائيل ليست الجواب على الارهاب. وسياسات الاحتلال والقمع والحروب التي تنتهجها ضد الشعب الفلسطيني، وضد الشعوب في الشرق الاوسط، ليس فقط انها تستنهض الارهاب وتستثيره، وانما هي جزء منه. مثلما ان الحرب التي أعلنها الرئيس بوش في أعقاب هجمات 11 أيلول 2001، أكثر مما كانت "حرب الدمقراطية على الارهاب"، فانها كانت حربا ارهابية على الدمقراطية، والحرية وحقوق الانسان والاستقلال والكرامة الوطنية، ليس فقط في العراق وأفغانستان، وفي أبو غريب وغوانتنامو، وانما في العالم بأسره، بما في ذلك في الولايات المتحدة نفسها.
ان زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اريئيل شارون الى الهند في العام 2003، في وقت اشتد فيه العدوان الاسرائيلي الاحتلالي على الشعب الفلسطيني، وأعيد احتلال المدن والبلدات الفلسطينية من جديد، وحوصر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقاطعته، دشنّت مرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين اسرائيل والهند، كشفت القناع عن الطابع الثلاثي للحلف الاخذ بالتشكل في المحيط الهندي وفي مركزه الولايات المتحدة واستراتيجياتها الكونية الكبرى، في سياق ما يسمى "الحرب على الارهاب". ويدعو هذا التحالف الثلاثي، "الى القيام بجهد مشترك لمحاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية". ان هذا الثلاثي الولايات المتحدة والهند واسرائيل، لا يأتي بأيد نظيفة للقيام بهذه المهمة. ان أيديه ملطخة بالاشعاعات النووية ومختلف أسلحة الدمار الشامل، وتفتقد الى أبسط أشكال المصداقية.
وبرز تناقض صارخ بين ما تعلنه الهند الرسمية عن علاقات اقتصادية وسياسية طيبة مع ايران من جهة، ومع قيامها باطلاق قمر تجسس اسرائيلي من محطة اطلاق هندية بالتعاون مع وكالة ابحاث الفضاء الهندية، من دون أن تخفي اسرائيل أن مهمة القمرالصناعي الاساسية (واحد من خمسة أقمار) التجسس على ايران بهدف الاعداد لشن حرب عليها.
ان الولايات المتحدة الامريكية عندما تشجع الهند واسرائيل على رفع مستوى التعاون الاستراتيجي بينهما في المحيط الهندي، وفي خدمة استراتيجيتها ومصالحها هي، فانها تستغل هذه العلاقات، لمنع احراج العلاقات الاستراتيجية الامريكية المتلونة التي تحتفظ الولايات المتحدة بها وترعاها مع الهند النووية من جهة، ومع غريمتها النووية الباكستان، في الوقت ذاته. (أخبارالبي. بي. سي. 11.9.2003).
*اسرائيل تفتش عن عمق استراتيجي في قاع البحار!*
ان الاهتمام الاسرائيلي المنصب على تطوير تحالف استراتيجي مع الهند، في مركزه تطوير قوة بحرية نووية لدى البلدين، ووضع الاساس لاستراتيجية "الضربة النووية الثانية"، يأخذ منحى ضمان التحكم المشترك "بالمحيط الهندي" بالتعاون مع الولايات المتحدة وفي خدمة استراتيجياتها في المنطقة، بما فيها بناء قوة يكون بمقدورها أن توازي القوة المتصاعدة للصين وتضييق الخناق عليها، وتدبّر أمور دول المنطقة التي أطلق عليها الرئيس بوش اسم "الدول المارقة". واعلنت اسرائيل ان تعاونها العسكري مع الهند يحقق للولايات المتحدة ثلاثة أهداف: استكمال تطويق ايران من الجنوب الشرقي، تمهيدا "لاخضاعها للسيطرة الامريكية" كما كانت تحلم بعد الاحتلال الامريكي للعراق، وثانيا- احتواء الصين، وهي القوة المرشحة لمنافسة الولايات المتحدة في القرن الحالي. وثالثا- قمع الاصولية الراديكالية في المنطقة.
ومنذ العام 2003 يتركز الاهتمام الاسرائيلي بإيران، على سواحل المحيط الهندي وبحر العرب. وقد عملت اسرائيل بدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة على زيادة قدراتها الجوية والبحرية لهذا الغرض. وبموازاة قدراتها الجوية بنت اسرائيل اسطولا بحريا استراتيجيا يمخر المحيطات. ويعتبر المحللون الاستراتيجون الاسرائيليون منذ سنوات، ان "مهمة الاسطول الحربي الاسرائيلي تتمثل في زيادة عمقها الاستراتيجي بعيدا وراء البحار" ( زئيف شيف- هآرتس 31.5.2000)".
وعلى العموم فان الدوائر الاستراتيجية الاسرائيلية تهتم بشكل متزايد بالمجال البحري، من أجل ضمان العمق الاستراتيجي من جهة، ومن أجل نشر قواعد قادرة على انزال "ضربة نووية ثانية" عمادها غواصات كامنة في أعماق البحار. (شلومو ايرل، "البحركعمق استراتيجي"، معرخوت، نيسان 2003).
وعندما يدورالحديث عن "ضربة ثانية" فان المقصود مفهوم أوسع من مجرد الانتقام على ضربة أولى- نووية كانت أو غير نووية. وما يجري تصويره على أنه اجراء دفاعي، سرعان ما يتكشف كتهديد عدواني. وبناء على هذه المفاهيم المقلوبة فان "تضييق العمق الاسرائيلي الاستراتيجي، الناتج عما يفترض أن يكون عملية سياسية، هو الذي يضطر اسرائيل الى التفتيش عن عن عمق وراء البحار".
وكانت الغواصات الاسرائيلية الثلاث المزودة بالقدرة على اطلاق صواريخ باليستية بعيدة المدى، قادرة على حمل رؤوس نووية، وقادرة على المكوث في البحر لفترات طويلة، قد شوهدت في مياه المحيط الهندي (ورصدت وهي تجري تجارب على اطلاق صواريخ "أريحا" بعيدة المدى (ع. م.)). "ان الهند ليست ولن تكون ممتعضة من أي تواجد عسكري اسرائيلي أكثر كثافة في المحيط الهندي". (اينبار: "العلاقات الاسرائيلية الهندية، 2004- "الهند تساعد الاسطول الاسرائيلي" مركز بيغن- سادات للدراسات الاستراتيجية).
ان اسرائيل التي حصلت في العقد الاخير من المانيا على ثلاث غواصات قادرة على حمل رؤوس نووية، طلبت التزود بثلاث غواصات اضافية أخرى مؤخرًا. وتناقلت الصحف العام الماضي خبرا مفاده أن الجيش الاسرائيلي قررالتزود بحاملة طائرات. كما أن اسرائيل وبالتواطؤ مع الولايات المتحدة قد طورت صواريخ أمريكية بحرية لتنصبها على غواصاتها وقواربها الحربية، بعد أن لاءمتها لتحمل رؤوسا نووية.
لقد بات واضحا أن هذه الغواصات الخطيرة ليست معدة للغوص في أعماق مياه نهر الاردن، ولا حتى في مياه البحر الميت، وانما تعكس الدور الخطير والعدواني الذي تضطلع به اسرائيل في اطار الاستراتيجية الامريكية الكونية والشرق اوسطية، في المرحلة الجديدة من "الحرب" الارهابية "ضد الارهاب".
* من محاضرة قدمها في الهند
عصام مخول
السبت 5/7/2008