إشتدت عليه الورطة الفجائية أو قل الزحمة الثقيلة الفجائية وهو يسير على قدميه كعادته في رياضته المسائية المشي المنظم في ذلك الشارع الرئيسي الكبير المكتظ بالمحلات التجارية المختلفة والسكنية والمارين معا.. إشتدت عليه تلك الزحمه الثقيلة كثيرا وأوشكت ان تسقط في سرواله.. وتلغمطه تماما وتفوح من داخل ثيابه رائحة كريهة جدا.. يا لها الآن من حالة مزرية ومحرجة جدا ومربكة ايضا في آن معا خصوصا لواحد مثله شيخ متقدم بالسن كثيرا ومعروف ايضا بين الناس ومحترم وسمعته مثل المسك الطيبة.. يا لها من فضيحة كبرى الان ما بعدها فضيحة.. يا لها من عزارة مشينة وعليها شهود.. يا لها من شماته ما بعدها شماته.. يا لها من سمعة سيئة جدا ما بعدها سمعه.. يا لها من صيت سيئ جدا وعاطل ايضا.. بصقة تحت حجر لا يمكن ان تختفي على الاطلاق كما يقولون.. وورطة محرجة ومربكة ايضا من هذا النوع الثقيل لا يمكن ان تختفي ابدا مهما حاول ان يتستر ويتكتم عليها ويخفيها.. سوف تذاع بكل تأكيد وتنتشر بين الناس عاجلا ام آجلا مثل النار في الهشيم وتتناقلها الالسن السليطة وتفلفلها وتبهرها ايضا.. سوف تصل بكل تأكيد الى أذني جارته ام الزنابير لتراها تحمل بدورها البوق والدف والطبل ايضا وتجرسه.. وتشرشحه في الحي كله الذي يعيش فيه وفي البلدة كلها ايضا وتنشر عرضه على صنوبر بيروت كما يقولون.. سوف يطلق عليه من الآن وصاعدا بأبو شخة وأبو كذا وكذا.. واللقب السيئ والمشين في كثير من الاحيان يغلب على الاسم ويلازمه طيلة حياته.. ما إجت الملعونة بنت الملعونة تشتد عليه وتضغط وتحرجه وتربكه كثيرا إلا في هذا الشارع المكتظ بالمحلات التجارية والسكنية والمارين ايضا.. ما إجت بنت الهيك والهيك توقتها وتحرجه وتربكه كثيرا إلا في مثل هذا الوقت بالذات الذي يتكاثر فيه المارون ايضا.. لا يوجد في هذا الشارع مرحاض عمومي ليدخل اليه ويتخلص من هذه الورطة الكبيرة وهذه الزحمة الثقيلة ويستر على نفسه.. إنه أول مرة في حياته يتعرض الى ورطة كبيرة وزحمة ثقيلة كهذه الورطة وكهذه الزحمة الثقيلة في شارع كبير كهذا الشارع مزدحم بالمحلات التجارية والسكنية والمارين معا.. ليتها إشتدت عليه وضغطت وهو قرب مطعم "أبو حمامة" لكان قد دخل الى احد مراحيضه وتخلص من هذه الورطة وهذه الزحمة الثقيلة على السكيت كما يقولون.. ليتها إشتدت عليه وضغطت وهو في داخل تلك الحديقة العامة التي كان يتنزه فيها قبل قليل لكان قد توارى في داخل اي "جب" شجري وارف وأسقطها على السكيت ولا مين شاف ولا مين درى كما يقولون.. ليتها وليتها.. انه لا يعرف أي واحد من اصحاب هذه الحوانيت في هذا الشارع ليقفز اليه ويطلب منه ان يسمح له بالدخول الى مرحاضه الخاص ويتخلص من هذه الورطة وهذه الزحمة الثقيلة.. انه لا يعرف ايضا أي واحد من سكان هذا الشارع ليقرع باب منزل ويطلب منه أن يسمح له بالدخول الى مرحاض منزله الخاص ويتخلص من هذه الورطة وهذه الزحمة الثقيلة.. إنه وإنه.. ما في أصعب على الانسان كل إنسان ان يقع في مأزق كبير وفي ورطة كبيرة وفي زحمة ثقيلة كهذا المأزق وكهذه الورطة الكبيرة وكهذه الزحمة الثقيلة التي وقع هو فيها الآن ولا يعرف كيف يتخلص منها.. ماذا تراه يفعل أخونا الآن..؟ أجل ماذا تراه يفعل..؟ إنه بالفعل مأزق كبير ومحرج ومربك في آن معا.. انها بالفعل حالة فريدة وحرجة ومربكة جدا في آن معا.. انها فضيحة كبرى ما بعدها فضيحة .. انها بهدله كبيرة جدا ما بعدها بهدلة.. انها عزارة كبيرة.. وعليها شهود ايضا.. انها وانها.. هذا الذي كان ينقصه من صيت سيئ كهذا الصيت وهو في مثل هذا العمر المتقدم .. هذا الذي كان ينقصه ان يطلق عليها الآن بأبو "شخة وأبو خرية" وهو في مثل هذا العمر.. ألا يكفيه ذلك اللقب الذي لقبه به الكثيرون "زلبوطه" في اول حياته حين كان يظل طيلة أيام الصيف في "كلسون" البحر فقط.. لا يزال الكثيرون حتى الان ينادونه بهذا اللقب "زلبوطه" .. آخر ما كان أخونا يتوقع ان يحدث معه مثل هذا الامر.. آخر ما كان يتوقع ان يتعرض الى مثل هكذا مأزق حرج ومربك في أن معا.. آخر ما كان يتوقع ان يتعرض له مثل هكذا ورطه.. آخر ما كان يتوقع ان يتعرض الى مثل هكذا زحمه ثقيلة.. آخر آخر.. الويل له ثم الويل فيما لو عملتها الملعونه الآن وسقطت في سرواله.. الويل له ثم الويل فيما لو عملتها.. وسقطت في سرواله وهو واقف على ممر المشاة أمام إشارة حمراء ولا يستطيع تجاوزها بأي حال من الاحوال.. سوف يشم رائحته الكريهة كل واحد بجانبه بكل تأكيد.. سوف وسوف.. لو كانت هذه الورطه او هذه الزحمه "زنبيعه" فقط لكانت "نص مصيبة"" كما يقولون.. لو كانت بالفعل "زنبيعه" فقط لكانت كما يقولون مجرح ولا مقتول.. لكانت أقل فضيحة وأقل بهدله.. لكان اخونا الآن قد أدار وجهه الى أي حائط بالرغم من تكاثر المارين وزنبع وإنتهى الامر.. لو كانت بالفعل"زنبيعه" لكان الآن قد حشر نفسه خلف هذه عربة الزباله الكبيرة وزنبع وإنتهى الامر.. دون أن إشكال.. لو..لو.. لكن..لكن المشكلة في هذه الورطة انها ثقيلة وثقيلة جدا ويتمتم عليه في هذه الحال ان يسقط سرواله "وكلسونه" ايضا الى حدود ركبتيه ليتمكن من الخلاص منها.. يا لها من ورطه ما بعدها ورطه.. يا لها من فضيحة ما بعدها فضيحة.. يا لها من بهدله ما بعدها بهدله.. يا لها من عزاره وعليها شهود.. يا لها.. ويا لها.. لو كانت هذه الزاوية المنحرفة.. الضيقة التي يقف بجانبها الآن مظلمة قليلا لكان قد دس نفسه فيها وأسقط سرواله "وكلسونه" ايضا وتخلص منها بكل سهولة. لكنها مضيئة كثيرا وكل واحد يراه.. نور الكهربا ساطع جدا في داخلها.. ماذا تراه يفعل اخونا الآن.. اجل ماذا تراه يفعل..؟ لقد أخذت الملعونه تشدد وتضغط عليه اكثر واكثر.. اخذت تندفع الى اسفل اكثر واكثر.. لم تجده هذه المحاوله.. لم يجده مثل هذا الشد على بطنه ليؤخرها من السقوط في سرواله.. بدها تسقط الملعونة لا محالة.. يا لهذا المأزق الكبير.. يا لهذه الورطه الكبيرة.. ما إجت تشتد وتضغط عليه إلا في هذا الشارع بالذات المكتظ بالحوانيت التجارية والسكنية والمارين معا.. ما إجت تشتد وتضغط عليه إلا في مثل هذا الوقت بالذات الذي يتكاثر فيه المارون.. ما إجت وما إجت.. ليس امام ٍأخونا الآن سوى هذا الحل. ليس أمامه الآن سوى الدخول الى هذا المجمع التجاري الكبير القريب ليتخلص منها.. يوجد في هذا المجمع اكثر من مرحاض رجالي.. إذا صدف ووجد جميع مراحيض الرجال مزدحمة الآن كلها مثلما تكون في بعض الاحيان مزدحمة فأنه سوف يدخل الى مراحيض النساء وليحدث ما يحدث.. إنه في هذه الحال معذور أجل معذور.. ولكن كيف له الآن ان يخترق هذا الدور الكبير من الواقفين..؟ هل سيسمح له أولئك الواقفون بالدور ألآن ان يدخل قبلهم..؟ حتما لا.. انهم لن يسمحوا له بالدخول قبلهم.. عليه ان يقف الآن في المؤخره حتى يأتي دوره ليدخل.. يا لها من ورطة اخرى الآن.. ألا يكفيه هذه الورطة التي هو فيها الآن.. الأوامر الآن صارمة ومشددة كثيرا في جميع الاماكن العامة بعد وقوع تلك العملية النوعية الضخمة التي وقعت في ذلك المنتجع الساحلي قبل حوالي الشهر من الآن وقتل فيها اكثر من عشرين شخصا وجرح اكثر من مائة آخرين ايضا..ويحه الآن ويحه.. الكل ينظر اليه الآن بشيء من الريبة والشك والخوف وهو يضع يديه الاثنتين على بطنه ويشد عليها.. الكل يتوجس منه الآن ويتخوف.. الكل يخشاه ويراقبه ذلك الحارس الملعون الاصلع ينظر اليه ايضا بعين الريبة والشك والخوف اكثر من باقي الحراس الآخرين.. لا بد ان يكون بالفعل قد إرتاب منه وشك به وهو يضع يديه الاثنتين على بطنه بهذه الطريقة ويشد عليها.. ربما يكون قد فكر به كذا وكذا.. ربما يكون قد فكر به ان يكون مخربا.. أجل مخربا.. منظره الآن يدعو الى الريبه والشك والخوف.. وضع يديه الاثنتين على بطنه بهذه الطريقة يدعو الى الاحتياط.. لا يهمه.. ليفكروا به ما طاب لهم ان يفكروا به.. ليتوجسوا منه ما طاب لهم ان يتوجسوا منه. وليتخوفوا منه ما طاب لهم ان يتخوفوا منه.. المهم له لن يدخل الى هذا المجمع الآن بأية طريقة ليتخلص من هذه الورطه.. تكاد الملعونه الان ان تسقط في سرواله وتلغمطه وتبهدله.. وشد أخونا على بطنه اكثر واكثر وإندفع الى داخل ذلك المجمع دون ان يخضع للتفتيش مما جعل أحد الحراس أن يلحق به ويطلب منه التوقف.. ولكنه تجاهل الامر وواصل الاندفاع نحو أحد المراحيض وهو يشد على بطنه لئلا تسقط في سرواله مما عزز الشكوك حوله اكثر واكثر وازداد التخوف منه.. وسرت كلمة مخرب في جميع أرجاء ذلك المجمع مثل النار في الهشيم.. مخرب يتزنر بحزام ناسف كبير.. ودب الخوف والرعب والهلع في قلوب الجميع وأخذ كل واحد يندفع نحو المخرج الرئيسي لينفذ بريشه. يا للهول يا للهول.. يا للمصيبه يا للمصيبه.. عملية اخرى لا محاوله.. أرامل وتكالى أخريات أيتام ومشوهون ومقعدون آخرون ايضا يا لهذا المصير المحتوم.. يا لهذه الفاجعة.. يا لهذه النهايه.. كيف تمكن هذا المخرب من إختراق هذه الاجراءات الامنية الصارمة والمشدده..؟ وأخذت سيارات الشرطه والاسعاف والاطفائيه ايضا تتدافع وتزعق لتثير الخوف والرعب والهلع اكثر واكثر في النفوس ولتؤكد بحتمية وقوع عملية.. وتسمر بعض أفراد من رجال الشرطه والاسعاف والاطفائية أمام ذلك المرحاض إستعدادا لكل طارئ.. ونصب خبير المتفجرات عدته ليفجر ذلك المخرب مع حزامه الناسف في داخل ذلك المرحاض لتكون الخسائر البشريه والماديه قليله جدا قدر الامكان.. وأخذت الصلوات والابتهالات تتلى من بعض الالسن.. يا رب إرحم يا رب أستر يا رب"مرئها" على خير وسلامه.. يا رب يا رب وحين خرج أخونا من ذلك المرحاض نسي على ما يبدو ان يضغط على"سيفون" الماء مما جعل كل شرطي وكل رجل إسعاف وكل رجل إطفاء يضع يده على أنفه ويدير ظهره ويعود من حيث أتى...
(حيفا)
نجيب سوسان *
الجمعة 4/7/2008