المستقبل لوحدة الأبواب؟!!



منذ ان واصلت توالدها، انتشارا، بعد خروجها ككيان، من رحم مهديها التوأمين، بابل ومصر بقيت المدينة، بكل فضاء ومرج دلالاتها الواسع، ولما تزل، صفة لازمة للتقدم والدفيئة الطبيعية لتعبئة الطاقات البشرية والمادية.
اذًا، تصبح المدينة، في سيرورة وصيرورة كل مجتمع، المركز الأم للتطور والتنمية، للعلوم والفنون والآداب ولكامل المشاريع النهضوية – وهذا ما يفسر ويلقي الضوء على ما اصاب اوروبا حينها من اضمحلال، بعد انهيار روما، لأن تاريخ اوروبا القديم هو تاريخ المدن اليونانية.
ولأن الماضي ليس اسطورة او عدما او تصورا مجردا، بل هو في الواقع وجود ملموس، لذلك استثمر الاوروبيون الثورة الصناعية، ووظفوها رافعة لانتاج المدينة الحديثة. التي اصبحت السبب في ايجاد الصناعة، بمفهومها الشمولي وواسع النطاق لبلورة وتقوية الحياة الجماعية كآلية للنهوض بالمشاريع الحضارية.
وبسقوط "الاسافين" العازلة والفاصلة بين جغرافيا الشعوب وثقافاتها، خاصة بعد نجاح الثورة المعلوماتية، اُصبنا نحن العرب، بعدوى محورية المدينة، في مسيرتنا كمفهوم ثقافي وحضاري – وهنا لا بد من طرح السؤال: هل هذه "الاصابة" ادت الى "صحوة كاملة"، ام كانت لها افرازات سلبية؟!! وهنا يكفي قارئاتي قرائي، الاعزاء، ان نقرأ، بعين ناقدة، تضاريس خارطة انتمائنا في المجال الثقافي. ألم ننتج وبأيدينا، بعد هذا الانفتاح والتثاقف، انشطارنا الى معسكرين، واحد اتخذ من الثقافية السلفية مرجعه الوحيد، والآخر آمن مع طه حسين بان الجديد ليس اماتة للقديم وانما تجديدا له!! هذا ناهيك عن المحاولات المتعمدة لجعل التباين بيننا، وقبول الآخر المختلف، يزيدنا تشرذما وانشطارا وتفتتا؟!! فكأن هذا الآخر هو الجحيم بعينه، كما قال سارتر.. ليبقى الانسان للانسان ذئبا!!
ولإيماني بان المحن يجب ان تحمل الانسان على مراجعة مواقفه، ليعمل بالنتيجة على انتاج الوطن وكأنه فردوس مفقود.
اقول، صباح الخير لقبول شرعية الاختلاف، وللعمل مع شاعرنا ناظم حكمت على تماسك وحدة الابواب، منعا لدخول الصوت النشاز – كي ننضوي تحت شعار بناة المستقبل، واحدنا كلنا، وكلنا واحدنا..
رشدي الماضي
الخميس 3/7/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع