* الحريري في بعبدا: الاتصالات ستستأنف ... ووقفها خطأ *
لولا الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الى القصر الجمهوري، ليل أمس، واجتماعه المطول برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وتصريحه الانفتاحي، سعيا الى اعادة جسور التواصل بين الموالاة والمعارضة لتسهيل التأليف الحكومي، لأمكن القول إن حالة من الجمود طبعت الأيام الأخيرة، خاصة بعد انقطاع الحوار المباشر بين الرئيس المكلف فؤاد السنيورة والعماد ميشال عون، لليوم الرابع على التوالي.
وقد أعطى دخول الحريري، على خط المشاورات، زخما ايجابيا، يتوقع أن يجد ترجمته العملية في الساعات المقبلة، سواء بإعادة التواصل بين السراي الكبير والرابية أو ربما بين قريطم والرابية مباشرة، وكذلك في اتجاه قوى بارزة في المعارضة أيضا، في ظل معطيات اقليمية ودولية تصب كلها في خانة التشجيع على تأليف الحكومة اليوم قبل الغد.
في هذه الأثناء، كانت صفقة تبادل الأسرى بين «حزب الله» والجانب الاسرائيلي، عبر الوساطة الألمانية، تحتل الواجهة الاعلامية والسياسية، خاصة مع سلوكها المسار التنفيذي. ومن المقرر أن يطل، عند الخامسة من بعد ظهر اليوم، الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في مؤتمر صحافي يحاور خلاله عددا من الصحافيين في مراحل عملية تبادل الأسرى، في ظل ميل واضح الى عدم الخوض في موضوع الأزمة السياسية الداخلية.
اذا، وفي ظل واقع الأزمة السياسية المفتوحة، وبعد مضي خمسة أسابيع على انتخاب سليمان رئيسا، زار النائب سعد الحريري القصر الجمهوري مساء امس حيث استقبله الرئيس ميشال سليمان وعقد معه اجتماعا أدلى بعده بتصريح شدد فيه على ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة لدعم انطلاقة العهد، وقال في الموضوع الأمني إن مشروعنا «هو مشروع الدولة».
وردا على سؤال نفى الحريري ان تكون هناك خلافات في صفوف الاكثرية بشأن تشكيل الحكومة، وقال «ان هذه الحكومة يجب ان تتشكل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وعلى اساس اتفاق الدوحة».
وحول العراقيل التي تعيق تشكيل الحكومة قال «ما تزال هناك عراقيل بالنسبة لبعض الحقائب، ولكن ايضا اعتقد ان عدم التواصل يحول دون إزالة هذه العراقيل، لذا يجب ان يكون هناك تواصل اكبر بين المعارضة والموالاة. وهذا ما يجب ان يحدث من الغد ان شاء الله.
واشار الى انه سيتم التواصل مع المعارضة، وقال «انا لا اريد الكلام مجددا عن معارضة وموالاة فنحن ان شاء الله سنشكل حكومة وحدة وطنية ليس مفروضا ان يكون فيها موالاة ومعارضة بل هي حكومة وحدة وطنية والا لماذا يتم تشكيلها؟ فلذلك سيتم تواصل بإذن الله بين الفرقاء اللبنانيين ويتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت».
وردا على سؤال اوضح «إن التواصل موجود ولكن أحيانا نصل الى مراحل يتوقف فيها التواصل وهذا خطأ لا يجب ان يحصل».
وعلق مسؤول الاتصالات السياسية في «التيار الوطني الحر» المهندس جبران باسيل على المواقف الايجابية التي أطلقها الحريري من القصر الجمهوري، وقال لـ«السفير»: «اننا نقول للنائب سعد الحريري إننا قمنا بتنازلات وأبدينا ايجابية من جهتنا وننتظر تنازلات وايجابية من الفريق الآخر، وبذلك نتجه الى التلاقي في منتصف الطريق».
أضاف: في كل الأحوال نعتبر أن الايجابية التي عبر عنها الحريري، أمس، مطلوب نقلها من المنحى النظري الى المنحى التنفيذي لأنه لا يجوز لتأليف الحكومة أن ينتظر أكثر مما انتظر وفعلا الناس متعطشة لمن يلتفت الى قضاياها، ولذلك نأمل أن تكون قد التقت مصلحتنا جميعا على الاسراع بتأليف الحكومة خصوصا أننا كنا أول المنادين بذلك، من أجل الانتقال مباشرة وسريعا الى البند التالي وهو التقسيمات الانتخابية.
وقال باسيل ردا على سؤال لـ«السفير» ان تنفيذ بندي حكومة الوحدة الوطنية والقانون الانتخابي سيكون من شأنه نقل البلد الى مرحلة سياسية جديدة يعود فيها التنافس الديموقراطي سمة أساسية وحيدة للحياة السياسية وذلك ضمن المؤسسات الدستورية،
حيث سيبرز تفاعل من نوع جديد داخل السلطتين التنفيذية والتشريعية ليس على اساس الاستقطابات الطائفية والمذهبية أو الحزبية، بل على اساس المشاريع والبرامج التي ستتنافس سعيا الى خدمة المواطنين.
وقبل زيارة الحريري الى القصر الجمهوري بساعات قليلة، كانت دوائر القصر الجمهوري قد بدأت بدرس الخيارات الدستورية والقانونية المتاحة للخروج من أزمة التأليف، وقد صارح الرئيس سليمان زواره، أمس، حول أكثر من خيار، بينها مخاطبة اللبنانيين مباشرة، عبر رسالة يتحدث فيها معهم «من القلب الى القلب»، ويطلب فيها من فريقي الموالاة والمعارضة تقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية أو الفئوية.
وعلمت «السفير» أنه من بين الخيارات التي كان يدرسها رئيس الجمهورية، امكان توجيه رسالة الى مجلس النواب، لكنه بدا راغبا قبل القيام بذلك، بالاطلاع على مواقف الكتل الرئيسية وموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الموجود في الخارج.
وقالت مصادر سياسية متابعة لـ«السفير» إن هناك عددا كبيرا من الاقتراحات طرحت على العماد عون في الساعات الثماني والأربعين الماضية، وقد اتخذ موقفا سلبيا من بعضها فيما بدا منفتحا على البعض الآخر، ولكنه اشترط أن لا يتم اعطاء موقف نهائي بشأن أي منها الا من خلال قناة الاتصال المباشر بينه وبين رئيس الحكومة (أو مستشاره الدكتور محمد شطح).
وعلم أن قيادة المعارضة واصلت تحركها لإيجاد مخارج تحت سقف الصيغ التي ناقشها الاجتماع الرباعي الأسبوع الماضي وبينها اقتراح إسناد نيابة رئاسة الحكومة والاتصالات والأشغال والشؤون الاجتماعية والزراعة (بدل الصناعة)، وهي الصيغة التي رفضت لورود الأشغال والنقل ضمنها.
ومن الصيغ المتداولة حتى الآن، اسناد حقيبة الخارجية لشخصية شيعية في تكتل التغيير والاصلاح (اقتراح الرئيس بري تحديدا)، بالاضافة الى نيابة رئاسة الحكومة والشؤون الاجتماعية والصناعة والطاقة.
تبادل تقارير بين «حزب الله» والإسرائيليين
على صعيد عملية تبادل الأسرى، تلقى الاسرائيليون التقرير الذي قدمه «حزب الله» حول مصير الطيار الاسرائيلي رون آراد الذي أُسر في العام 1986 واختفت آثاره بعد مرحلة معينة، عبر الجانب الألماني، وبدا أن مضمونه يساعد على المضي في مسار الصفقة وضمن السقف الزمني المحدد بين اسبوع و12 يوما.
ووصفت محافل اسرائيلية سياسية واستخباراتية واعلامية، التقرير الذي رفعه «حزب الله» بانه «محكم استخباراتيا ويقدم الحزب من خلاله كل ما يملك من معلومات حول مصير آراد وصولا الى أرجحية وفاته.
وفي المقابل، كشفت المحافل الاسرائيلية السياسية والاعلامية، أن التقرير الذي سلمه الاسرائيليون الى «حزب الله» حول مصير الدبلوماسيين الايرانيين الأربعة ومرافقهم اللبناني، في صيف العام ,1982 بيّن بما لا يقبل الشك، أن ميليشيا «القوات اللبنانية» أقدمت على تصفيتهم بعد اختطافهم، من دون أن يعرف ما اذا كان التقرير قد حدد أمكنة محتملة يمكن أن تكون قد أخفيت فيها جثث هؤلاء الخمسة.
وأكد القائم بأعمال السفارة الايرانية في بيروت فردوسي بور ان طهران تعتقد ان الدبلوماسيين الايرانيين الأربعة «لا يزالون على قيد الحياة»، آملا بأن يظهر مصيرهم في الأيام المقبلة عند تنفيذ صفقة التبادل.
وقال فردوسي بور، لـ«أورانج تي في» ان طهران لم تلعب دورا مباشرا في ادراج بند الدبلوماسيين الأربعة ضمن صفقة التبادل، مشيرا الى ان كشف مصير رون أراد «ليس مسؤولية طهران بل من اختصاص الأطراف اللبنانيين».
ومن المتوقع أن يتوجه المسؤول الاسرائيلي عن ملف الأسرى والمفقودين عوفر ديكل إلى برلين، قبيل نهاية الاسبوع الحالي، لانجاز التفاصيل الأخيرة لعملية التبادل، والاطلاع على بعض الإيضاحات من الوسيط الألماني غرهارد كونراد.
ويعتبر كونراد من خلال اشرافه على المراحل التنفيذية هو الوحيد المخول بتحديد ساعة الصفر لتنفيذ الصفقة، خصوصا في ظل مسارات قانونية ملزمة خاصة في اسرائيل لجهة توقيع رئيسها (شيمون بيريس) على قرار العفو عن سمير القنطار وقرار المحكمة بعدم وجود أى التماس من أي مواطن ضد الصفقة فضلا عن مسائل لوجستية تتعلق برفات نحو 179 شهيدا لبنانيا وفلسطينيا، تم نقلهم من «مقابر العدو» في الجليل الأعلى فى صناديق خاصة، تمهيدا لتسليمها لـ«حزب الله» عبر معبر الناقورة الحدودي.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن «حزب الله» لم يسلم الوسيط الألماني بعد أدلة حسية تتعلق بالجنديين الأسيرين.
وذكرت «هآرتس» أن أمين عام «حزب الله» يوجه اللكمات المؤلمة لإسرائيل وبنجاح، معتبرة أن العملية الحالية تشكل إقراراً بالهزيمة الشخصية لاولمرت لأنه هو المتبقي ممن اتخذوا قرار «حرب تموز» رداً على أسر الجنديين. وأقرَّت الصحيفة أن السيد نصرالله حطَّم الردع والإنذار والحسم الإسرائيلي لدى باراك واولمرت وقبلهما ارييل شارون نتيجة عمليات الأسر، فهم لم يحقِّقوا الردع المطلوب وفشلوا بالنهاية في عملية الحسم.
وكان البارز في ردود الفعل المحلية، التصريح الذي أدلى به رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقال فيه إن إطلاق سراح الأسرى عن طريق الوسيط الألماني، بعد هذه المدة الطويلة وحسب الشروط المنشورة في وسائل الإعلام، يعد فشلاً كبيراً وكبيراً جداً لسياسة إسرائيل، وأشار الى أن هذه العملية «هي إدانة جديدة وواضحة لإسرائيل وأسلوبها وسياستها التي ضربت بعرض الحائط شروط اتفاقية الهدنة مع لبنان والقرارات الدولية ذات الصلة».
وأكد السنيورة «أن نجاح «حزب الله» في إتمام عملية التفاوض والاتفاق، وصولاً إلى التبادل المؤمل عن طريق طرف ثالث، هو نجاح وطني يسجل للحزب ولنضال اللبنانيين وتضحياتهم، لأنه يحقق أهدافاً وطنية رفضت إسرائيل تلبيتها أو الاعتراف بها».
الأربعاء 2/7/2008