نحو محاكمة شعبية لمفتعلي الانقسام



لم يعد من المبرر استمرار حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي إلا إذا كانت حالة مفتعلة من أفراد أو جهات ليست لها مصلحة في وحدة الشعب الفلسطيني واتفاقه على إنجاح مشروعه الوطني وتحقيق حلم الشعب في المصالحة الوطنية التي بدل أن تصبح شعارا للمصالحة أصبحت شعارا للانقسام، خاصة بعد ان جاءت التهدئة في غزة بين حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة وبموافقة باقي الفصائل لتضيف سببا جديدا وربما أخيرا في سلسلة الأسباب الموجبة لإنهاء الانقسام. فقد سحبت هذه التهدئة  وشروطها مبرر الاختلاف حول المقاومة وآليتها وأشكالها وحتى استمرارها من ميدان الصراع بين المنقسمين فقد أنهت موافقة جميع الفصائل بما فيها حماس الادعاء أن الانقسام بين مشروعية أحدهم مقاوم والآخر مستسلم لأن الجميع وافق على وقف المقاومة أو على الأقل تحديد استمرارها جغرافيا في الضفة الفلسطينية وزمنيا بفترة التهدئة نفسها وهذا يدل على أن ذريعة الانتصار للمقاومة بالانقسام زالت أو على الأقل كشف زيفها، كما إن الادعاء بان التفاوض مع العدو أو عقد صفقات معه سببا وجيها من أسباب الانقسام بسبب رفض طرف من طرفي الانقسام وهو حركة حماس لهذه الصفقات أيضا قد انتهى فحماس تحاول جاهدة إنجاح صفقة تبادل الأسرى كما نجحت صفقة التهدئة في غزة وبالتأكيد سيتبع ذلك اتفاقات غير مباشرة وعبر وسيط مصري أو غيره.
إن ما سبق يضع الجميع أمام التساؤل الحاسم هل ما زال هناك اختلاف فلسطيني حول شيء بما في ذلك كيفية إدارة السلطة الفلسطينية خاصة بعد التجربة المريرة التي عانى منها الشعب بين فكي كماشة الحكم في رام الله وغزة إن كل ما سبق وإضافة إلى اتفاق الجميع على ضرورة الحوار والاستعداد للبدء الفوري فيه واستعداد الجامعة العربية لرعايته، خاصة أنّ الظروف أكثر نضجا لإنجاحه مع شل المفاوضات وقناعة منظريها بان إسرائيل لا تريد إن نقدم شيئا يستحق التضحية بالوحدة الوطنية لأجله.
إن مبادرة الرئيس أبو مازن تتطلب استجابة فورية من الجميع وخاصة حركتي فتح وحماس للإعلان عن الاستعداد للبدء في حوار فوري لتنفيذ الاتفاقيات السابقة وخاصة وثيقة الوفاق الوطني واتفاقية القاهرة والمبادرة اليمنية التي تبنتها قمة دمشق العربية، وعلى القوى السياسية الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الشعبية والأهلية وكامل الشعب الفلسطيني الضغط على طرفي الانقسام على البدء في الحوار وإنجاحه وإلا تحويل هذه القضية إلى المحكمة الشعبية وقضاتها هم الشعب الفلسطيني الذي منح ثقته سواء بالتراكم التاريخي النضالي أو عبر صناديق الاقتراع لمحاكمة مفتعلي الانقسام ومعاقبتهم.
 


* المختص في الشؤون الإسرائيلية وعضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني

وجيه أبو ظريفة
الأحد 29/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع