بيونغ يانغ تدمّر برجاً نووياً ... وانقسام في واشنطن



على مرأى من العالم بأسره، دمّرت بيونغ يانغ أمس برج التبريد لمفاعلها النووي الرئيسي «يونغبيون»، في خطوة تهدف إلى إثبات التزامها بوعود قطعتها للمجتمع الدولي لقاء فك العزلة عنها، فيما واصلت واشنطن التزام الحذر، واصفةً البرج بأنه أبرز معلم نووي... «مرئي» لدى الدولة الشيوعية.
وغداة تسليم الصين «إعلاناً» حول تفاصيل أنشطتها النووية، قامت كوريا الشمالية أمس بتفجير برج مفاعل «يونغبيون»، وارتفاعه 30 متراً، بحضور ممثل عن وزارة الخارجية الاميركية، في حدث بثته محطة «سي ان ان» الاميركية، ودعي لتغطيته 16 صحافيا أجنبيا.
ووصف رئيس الحرس في «أكاديمية كوريا الشمالية لأبحاث الطاقة الذرية» لي يونغهو تدمير البرج بأنه «دليل على أن المحادثات السداسية (مع واشنطن، وبكين، وسيول، وطوكيو، وموسكو) تقدّمت إلى الأمام». لكن المتحدث باسم البيت الأبيض غوردن جوندرو استهل كلامه بأنه «لا يزال هناك الكثير من العمل».
ويأتي تدمير برج مفاعل «يونغبيون»، الذي أوقف أنشطته في تموز ,2007 والعائد إلى الحقبة السوفياتية، والذي يضم مفاعل أبحاث بقدرة 5 ميغاواط ومركزا لمعالجة البلوتونيوم، بعد 20 شهراً من قيام كوريا الشمالية بتفجير أول قنبلة نووية تصنعها.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن الإدارة الأميركية انقسمت إزاء «المكافأة» الاميركية التي تستحقها كوريا الشمالية، مشيرةً إلى أن مسألة تدمير البرج كانت آخر نقطة بُحثت بين المفاوضين الأميركيين ونظرائهم الكوريين الشماليين، الذي قدروا كلفة التدمير بخمسة ملايين دولار، فيما عرضت واشنطن دفع نصف المبلغ، وهو مبلغ اعتبره مسؤولون أميركيون «باهظاً مقابل لا شيء»، واصفين البرج بأنه «المعلم المرئي»، في إشارة إلى ألغاز نووية أخرى لم يُكشف عنها، وأنه من «السهل إعادة بنائه».
وفي واشنطن، انتقد السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون قرار رفع بعض العقوبات عن كوريا الشمالية وشطبها من اللائحة الأميركية «للدول الراعية للإرهاب»، ووصفه بأنه «قرار مخجل، ويمثل الانهيار الأخير لسياسة الرئيس (جورج بوش) الخارجية»، مضيفاً أن بوش «يصدق ما تقوله كوندي (وزيرة الخارجية كوندليسا رايس) بأننا قادرون على إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن الأسلحة النووية. وأنا لا أعتقد ذلك».
وتحدثت «نيويورك تايمز» عن استياء مماثل لدى نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، الذي رفض، خلال جلسة مغلقة عقدت قبل ثلاثة أيام مع خبراء السياسة الخارجية، الرد على سؤال حول نية واشنطن شطب كوريا الشمالية عن اللائحة السوداء، قائلاً «بعد تردد وبتجهم» أنه «لن يكون الشخص الذي يعلن هذا القرار»، وعندما قال له أحدهم أن عليه أن «يطرح مخاوفه أمام وزارة الخارجية»، أعلن أن وقت الأسئلة انتهى وغادر.
ونتيجة ذلك، اعتبرت الصحيفة أن الإعلان الكوري الشمالي يُعد «انتصاراً لمعسكر رايس في وجه معسكر تشيني»، مشيرةً إلى أنه أثار «جدلاً مزدوجاً» في واشنطن. فالديموقراطيون يتهمون بوش بأنه «سمح لبيونغ يانغ بامتلاك ما يكفي من البلوتونيوم لإنتاج أسلحة نووية، نتيجة تردده الطويل قبل التوصل إلى الإعلان»، ونتيجة «تجميده» في العام ,2002 «لإطار العمل» المتوافق عليه بين إدارة بيل كلينتون والكوريين الشماليين، فيما «يشتكي المحافظون المتشددون من أن الولايات المتحدة منحت الكثير لقاء القليل».
في المقابل، رحّب متحدث باسم الخارجية الكورية الشمالية أمس بالقرارين الأميركيين بوصفهما «إجراء إيجابياً»، مستدركاً أن «المهم هو أن تُسقط الولايات المتحدة سياستها العدائية حيال بلادنا. وهي السياسة التي أجبرتنا على (السعي لـ) امتلاك رادع نووي»، عندها «فقط، ستتمكن عملية نزع السلاح من أن تشهد تقدماً سلساً». وإن تعهد «بان تنفذ بلاده، بصدق، التزاماتها»، فهو دعا «أطراف المباحثات السداسية إلى تنفيذ وعودها، أيضاً».
من جهتها، سلّمت بكين أمس «الإعلان» الكوري الجنوبي إلى أطراف المباحثات السداسية، حسبما أعلن كبير المفاوضين الاميركيين كريستوفر هيل، موضحاً أن الإعلان يعدد «كل المواد النووية والانشطارية ومواد صنع القنابل»، داعياً إلى «العمل حتى نصل إلى ما نسميه تخليا (عن الأسلحة). والعمل حتى تحترم بيونغ يانغ وعدها بالتخلي عن كل برامجها وأسلحتها».
(«السفير»، ا ف ب،
رويترز، اب، يو بي أي)
السبت 28/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع