ألقرارات في اسرائيل عجيبة غريبة، واقصد قرارات الكبار من سياسيين وأنصافهم وأرباعهم وأخماسهم.
اولمرت مثلا، رئيس حكومة ومصلحة البلاد غايته حسب الذوق السليم، اولمرت، كان مع اجتياح اسرائيلي لقطاع غزة، ولماذا؟ ليس لان الاجتياح ضروري ويجلب أمنا لاسرائيل لعشرات العقود القادمة ، بل لان ورطته مع المغلفات المنفوخة عدا ونقدا تشد الحبل حول عنقه، والاجتياح اذا كتب له النجاح يجعل الحبل مجرد خيوط عنكبوت، وتعظم اسهمه في نظر شعب الله المختار. فيرقص شعب "يهوه" في الساحات فرحا للنصر على غزة التي لا تملك من سلاح سوى رصاصات قد ينفد مخزونها في الاسبوع الاول… لكن شعب "يهوه" يشرب نخب النصر التاريخي على جوليات. واذا فشلت الحملة على غزة فلن تزعج الغارق في الوحل بعض رشقات من ثمار البندورة. اما مصلحة البلاد، فيمكنها الانتظار قليلا… واما ارواح الناس في غزة، فهي ايضا تستطيع الرحيل سريعا. فهي وان طال الزمان فانها على "آلة حدباء محمولة"!!
اما الوزير براك.. فهو من انصار البيئة والتهدئة ويكره العنف بكل اشكاله!! و"يموت" في السلم. ولا ينام الا ومصلحة اسرائيل تحت وسادته خشية ان يخطفها لاسامي، ومصلحة اسرائيل في حساباته تجري على الشكل التالي، اذا تم اجتياح غزة ونجحت، فان اولمرت هو الكاسب الاول، وسيمدّ الفوز في عمر حكومته وقد يعطيه الشعب المبهور من اول نصر اسرائيلي منذ 1967 ولاية اخرى…
فتضيع فرصة براك للعودة مرة اخرى لقيادة دولة اخذها يوما الى الهاوية.. وان فشلت الحملة الانتخابية المسلحة على غزة، يعلق الشعب واولمرت والمؤمنون اليهود هزيمتهم على براك، اذًا، تصبح التهدئة مصلحة اسرائيلية عليا، عذرا، اقصد مصلحة"براكية" عليا.
ونتنياهو ايضا يعرف مصلحة اسرائيل، او وعلى وجه الدقة، هو العارف الاوحد لمصالحها. لانه يحمل تحت ابطه ويقال، تحت ابطيه ايضا، جوابا لكل حال، اذا نجح الاجتياح، سيقول دفعنا دماء، لنعود الى غزة، فهل نعطي جائزة لمن اخرجنا منها هاربا وعاد ليدفع الثمن دما يهوديا من ام يهودية؟ وان فشلت الحملة فالشعب سيناديه ملكا على اسرائيل.
لا حصر لقائمة السياسيين الذين لا ينامون نهارا حرصا على مصلحة اسرائيل ولا ينامون ليلا خشية على مناصبهم او طمعا بملذات الحكم من أفخر سيجار الى اكثر فندق رفاهية. واذ شاءت الاقدار حظوة بغانية بين السيجار والفندق فزيادة الخير خير.
وحزب"شاس" الغارق في تلاوة التوراة، الحزب المتعبد الزاهد الذي برهن على استقامة وشفافية، هذا الحزب الذي تدل مراكز الشرطة وملفات التحقيق ان بعض زعاماته لم يحقق معهم في اية قضية حتى اشعار آخر.على سبيل المثال لا الحصر، ان حكومة كديما تعطيهم احتكار القوانين الدينية، وتضعف المؤمنين القاعدين على كراسي المعارضة، وحكومة ليكودية ستوزع غنائم الابتزاز على كل الاحزاب المؤمنة بيهوه، وهنا وبالضبط هنا، تغرق شاس في وحل حائط المبكى والقدس العربية، وتترنح شاس بين اليمين برئاسة نتنياهو الذي يموتون خوفا خشية ان يكون هذا الاولمرت قد وصل الى اتفاق مع السلطة الفلسطينية يرضاه شعب الله المختار.
فتضيع رئاسة الحكومة على بيبي وتتبخر الوزارات التي يتوق اليها زبانيته.
وبيبي مدّ يديه على مداهما و"يمطهما " فوق قدرتهما الى شاس متوسلا انقاذه من خطر سلام موهوم يحاك بين اولمرت ومحمود عباس. وشاس حائرة هل تنقذ حزب كاديما ام تستجيب لنداء الاستغاثة من اليمين وهي.. وانصافا لها اقول لم تقرر بعد أي الالهين يستحق الصلاة والابتزاز، وبكلمات اخرى، القضية تحتاج الى محاسب قولي يعرف بالضبط أية اسهم تستحق المراهنة عليها وتحتاج الى قانوني متمرس ويملك فراسة تتبع أثر الطرف الذي يميل نحو اغفال للقضايا المالية وقضايا تتعلق بالعشق الصوفي والمال والجاه في الاحزاب الدينية.
لست ولستم بحاجة للخوض حتى النهاية في كل الاحزاب الصهيونية والاحزاب الدينية اليهودية. لان الكذب اصبح لغة مشتركة قبل العبرية والروسية. ولان السارق يعرف انه سارق ولو حمل شهادات تبرئه من كل محاكم الدنيا. وهذه القيادات التي مع قيام اسرائيل باعته شعارات ارض اسرائيل التوراتية، وباعته عنقود عنب يحمله رجلان، وباعته الامن في بلاد خالية من الناس. وباعته انتصارات وعليا قومية مخلصة من عقدة المحرقة النازية. لكن، تصرّ على ذكرها حتى لا ينسى.. هذه الزعامات اصبحت اليوم فارغة المحتوى، لان كل شعاراتها كالحة بعين الشعب. هذه الارض التي قيل لهم بأنها خالية من الناس، هي على مرمى حجر منهم زاحز بالبشر حتى لتكاد الارض تحمل تقلهم.. وعنقود العنب لا يخرج الى الوجود لولا سلب مياه دول عربية.وحلم من النيل الى الفرات خرافة تسخر منها خرافات الالياذة والجيل الذي اشترى اكاذيب رسل إله صهيون مات، والجيل الذي يترعرع اليوم. يزور المقاهي واماكن الرقص الف مرة ولا يزور حائط المبكى مرة.. جيل اليوم يريد الحياة فقط، يذهب الى الجندية خجلا من غيره.. لكنه لا يعرف ان الذين يخجل منهم لو تهرب من الجندية يشعرون بالضبط مثله.
الجيل الاسرائيلي تعب من الحروب، تعب من وقوفه على المعابر والحواجز ليحرم شعبا آخر ان يعيش بشكل طبيعي. لكن زعامات الاحزاب السياسية في هذا الزمان، لا تخطر ببالها هذه الاجيال.. وما زالت عقولها متحجرة في صخور عقليات الخطاب الصهيوني الاول وحسب أهواء زعامات تافهة فقدت المسؤولية والمنطق وخرجت من سياق التاريخ.
قيادات اسرائيل تنحدرفي المصداقية امام شعبها يوما بعد يوم.
هذه القيادات لا تملك خطابا مقنعا وواضحا للشعب اليهودي، ولا شغل لها الا الحفاظ على المقاعد عبر الدسائس.
وسأعطيكم مثالا بسيطا.. هذا النتنياهو، والذي ينفث سموم عداء لفلسطينيين والعرب وايران يوازي بكل وقاحة بين النازية والشيوعية والاسلام؟!! هذا خطاب واضح المعالم ويعرف صاحبه ان هذا الخطاب التحريضي الكاذب هو الذي يقدم له كرسي الحكم، فهل نتوقع من عاشق لكرسي الرئاسي ومعارض ان يقول كلمة طيبة عن حكومة تزعم ولو من باب الكذب انها تجري محادثات سلام مع كل اعدائها؟
اذًا لا بد لنتنياهو ان يقرر هل هو مع السلام فيصبح نسيا منسيا. أم يفجر كل ينابيع الرعب لدى اليهودي حتى يكسب صوته ويدخن السيجار ويجلس على كرسي رئاسة الحكومة.
وأبدع هذا النتنياهو فجعل المسلمين الذين انقذوا يهودا من النازية بحكم وجودهم بين المسلمين نازيين، وقرر ان الشيوعية التي دفعت عشرين مليون قتيل لقهر النازية موازية للنازية!!
حين يقف رئيس المعارضة في اسرائيل، والذي ترشحه الاستطلاعات لقيادة دفة الحكم، ويوازي بين اسلام هو دين للشعوب والالوان والاجناس والقارات، وشيوعية اختارت اللون الاحمر للدلالة على ان الناس جميعا متساوون في الدم ولو اختلفت الوانهم واديانهم ولغاتهم ويشبه الاسلام والشيوعية بالنازية!! فأقل ما يقال عنه انه عمل حقير.
غازي ابو ريا
السبت 28/6/2008