إنتخابات السلطات المحلية- إمكانات، صعوبات وتحديّات



تتأثر السلطات المحلية العربية بالعديد من المعوقات والعثرات التي تلعب دورا في مستوى ادائها، بعضها القليل ينسحب ايضا على المجالس البلدية بشكل عام.
فالسلطة المركزية تشدد من الاخذ بخناق السلطة المحلية وبدل ان تكون عاملا مساعدا تقوم بدور السيف المسلط والمراقب والمتدخل الشرس في ملعب يفتقد الى العديد من العناصر الاساسية والمقوّمات الضرورية.
ان الصعوبة الجوهرية والحاسمة هي سياسة التمييز التي تضرب اطنابها ضد الجماهير العربية منذ اكثر من قرن من الزمن والمتمثلة بمصادرة نسبة كبيرة من الارض، وكانت الموجة الاخطر والأعتى في هذا المضمار في سنة 48 وحتى اليوم، ويدخل في هذه الخانة نهش مناطق النفوذ للمدن والقرى العربية وانحسار مسطحات البناء بالنسبة الى الزيادة الطبيعية، الامر الذي يؤدي الى هدم البيوت ومخالفات البناء الخيالية، هنا لا يتوقف الامر على مدى كفاءة وأهلية السلطة المحلية، بل ان هنالك سياسة تمييزية عنصرية لها واقع خطير وأبعاد اخطر في المستقبل، وهذه الويلات كانت من نصيب كل المواطنين العرب بمختلف طوائفهم. وهذا في الواقع كابوس ثقيل يجثم على صدر المواطن العربي وبشكل خاص على جمهور الشباب، ناهيك عن الوضع السياسي العام وقضية الشعب العربي الفلسطيني، والتي وبسبب انتماء المواطنين العرب الى شعبهم تمارس ضدهم كل اساليب التمييز وبأهداف جهنمية، وكل هذه السياسة الاضطهادية تهدف الى خدمة هذه الاهداف لزرع اليأس والخوف وفقدان الامل والشعور بالغربة في الوطن، وكل ذلك ممهور بتصريحات عنصرية فاشية من اقطاب في الحكم، ليصبح الدفاع عن الوجود والارض والمأوى والحق وكأنه عداء للدولة.
لا توجد دولة في العالم تبدي استعدادها التام لامتلاك وشراء ارض ومنزل المواطن العربي، اقول المواطن، عدا اسرائيل وهذا بالاضافة الى المصادرة المباشرة، وهي لا تفعل ذلك من منطلق التأميم للصالح العام، للشعب، بل لتجريد شعب بأسره من كل مقومات وجوده وبقائه لصالح آخرين، ولا يتوهمنّ احد بان شركات ومجموعات الشراء والاستملاك للارض والبيوت بعيدة عن السياسة المرسومة بل هي اذرع اخطبوطية لجسم واحد تشمل ايضا دوائر حماية الطبيعة، وقرى الكرمل والجليل مثل على ذلك.
لا ينكر احد ان الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين العرب في اسفل السلم، وعندما تربط السلطة المركزية الميزانيات للسلطات العربية بنسبة دفع الضرائب دون الأخذ بعين الاعتبار، قدرة الناس المحدودة وضحالة المدخولات الذاتية من الصناعة وغيرها، فهذا الامر يصبح كمن يطلب المستحيل، مع رفضنا التام للتهرب من دفع المستحقات من قبل المواطنين، لكن هنالك تناقض بين الرغبة في التسديد والقدرة على ذلك، وهنا تأتي السلطة المركزية بفرض اساليب شرسة مثل شركات الجباية والخصخصة وخطط الاشفاء من مرض مزمن عضال هي سببه ومسبّبه، لا ننكر ان النسيج الاجتماعي لدينا بأمس الحاجة لأن يكون سليما وفي عافية تامة، بعيدا عن الانقسام الحمائلي والطائفي وعلينا جميعا تحمل المسؤولية، لكن أليس هذا الواقع المريض المأزوم يتنفس من رئة هذه السياسة المخططة؟ فهل تعمل هي على التخفيف منه او على تقويته!! فمن الذي يغذي هذا التعصب والانغلاق، ومن الذي يحارب كل صوت تقدمي يعمل على تحسين هذا الواقع!!
نحن ضد الفساد والرشوة في الدولة والحكومة والسلطة المحلية وبشكل عام، لكن هل تتعامل السلطة مع هذه الآفات بنزاهة وموضوعية؟ ام انها احيانا تضرب ضربتها ضد كل من يعرقل مخططاتها في المصادرة والتهويد حتى وان كان من الموالين لها الى حد ما، فكيف تعاقب وتسامح على نفس التهمة وفي نفس الوقت، ومن الذي يشجع المعارضة السلبية لمنع اقرار الميزانية وبالتالي حل المجلس وتعيين لجان تسهل على السلطة تمرير اهدافها!! طبعا لسنا نحن بل هي واتباعها.
طبعا لا يجب ان نستهين بعيوبنا الذاتية بل يجب محاربتها بمنتهى الجرأة والنزاهة، وان نتوجه الى الانتخابات بمعايير اخلاقية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وان نرى في السلطة المحلية عنوانا لبث روح الوعي والنضال وبكرامة، من اجل تحصيل الحقوق بمنتهى الجرأة والنظرة المسؤولة للواقع الحالي والمستقبل بثقة تامة ممهورة بممارسة صحيحة سليمة من الادران والضواغط، وهذه المهمة ليست سهلة ابدا لكنها حاسمة جدا وبمسؤولية جماعية.
لا نؤيد الرأي اليائس القائل بعدم جدوى الانتخابات والسلطة المحلية والادارة والرئاسة، ليس هكذا تعالج القضايا، للسلطة المحلية دور اجتماعي وخدماتي وسياسي هام جدا، ولجنة الرؤساء ولجنة المتابعة أطر هامة جدا من الضروري جدا تعزيز دورها وتحسين أدائها بلا أي تربّص وإعاقة ومحاولة شل لأسباب حزبية وفئوية ضيقة.
على الحزب الشيوعي والجبهة التوجه الى هذه الانتخابات بمنتهى الجدية والمسؤولية وبعمل جماعي متكامل، وبوحدة فعلية دون اية منغّصات، وخاصة بعد ظهور نتائج هذا التنافس على الرئاسة والعضوية والذي من الضروري خلق معايير اكثر نزاهة وأكثر دقة واكثر مسؤولية في مجمل هذه العملية والإعداد لها، ولا يوجد أي مبرر لا للتفرد بالرأي ولا شن حملة مبطنة على المرشحين، لقد فرضت هذه اللعبة نفسها، وقبلت فيجب التعامل معها هكذا، وعلى الاطار الجماعي ان يخلق جوا مؤاتيا لزرع الثقة والتعاون والمشاركة، وعلى كل فرد في هذا الاطار ان يرى المعركة معركته هو من اجل خطه وقناعاته، قناعاتنا جميعا في اطار الحزب والجبهة والتحالفات. ان كافة الصعوبات والمعوقات يجب ان تبقى ثانوية امام تحقيق النجاح لمصلحة النضال من اجل المساواة والعيش بكرامة، ومن واجب العضو الاشارة الى النواقص والملاحظات دون أي ذرة من التشهير ومن منطلقات ذاتية بحت.
نحن قادرون على الوحدة الفعلية، قادرون على العطاء، قادرون على التغلب على الصعاب، وقابلون لكل التحديات.

محمد نفاع
السبت 28/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع