رمق أخير للحكومة



في اللحظة الأخيرة، أنقذ ايهود أولمرت أمس الأربعاء، حكومته، في خطوة من شأنها استبعاد البديل اليميني المتطرف لقيادة الدولة، ولو بشكل مؤقت، حيث أجرى مندوبون عن حزب كاديما، مفاوضات ماراثونية، طول الليلة قبل الماضية، مع مندوبين من حزب العمل، لإبعاد شبح حل الكنيست، والتوجه إلى انتخابات عامّة.

اولمرت يتفاهم مع براك وينقذ حكومته الهشة
ولو بشكل مؤقت

*رئيس الحكومة ايهود أولمرت يتعهد بإجراء تصويت داخل حزب كديما الذي يتزعمه قد يسفر عن إقالته من زعامة الحزب*

حيفا- مكتب "الاتحاد"- تجنب رئيس الحكومة ايهود أولمرت انقساما في ائتلافه الحاكم الهش، يوم أمس الاربعاء، بابرامه اتفاقا مع حزب العمل- أكبر شريك في الائتلاف- يمنعه من مساندة مشروع قانون لحل الكنيست.
وقال الجانبان ان ايهود باراك وزير "الأمن" ورئيس حزب العمل وافق على عدم تأييد التشريع الذي اقترحته المعارضة اليمينية بعد أن تعهد أولمرت باجراء تصويت داخل حزب كديما الذي يتزعمه قد يسفر عن اقالته من زعامة الحزب بحلول 25 أيلول المقبل.
وقال تساحي هنغبي الذي فاوض حزب كديما في تصريحات صحافية: "المعنى الحقيقي لهذا (الاتفاق) هو ان دولة اسرائيل تخلصت من شاغلها اليومي باجراء انتخابات جديدة."
وأضاف: "حسنا فعل براك بادراكه ان هناك خطًّا احمر".
وظهرت انقسامات في الائتلاف الحاكم الشهر الماضي مع بدء تحقيق للشرطة بشأن ما يزيد على 150 الف دولار تلقاها اولمرت من رجل أعمال أمريكي يهودي اثناء توليه مناصب حكومية سابقة. وطالب براك رئيس الحكومة بالتنحي.
وينفي اولمرت قيامه بأي شيء مخالف للقانون لكنه تعهد بالاستقالة اذا تمّ تقديم لائحة اتهام ضده. وقد هدد بإقالة وزراء حزب العمل اذا انضم حزبهم الى زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو في تأييد حل الكنيست مما يؤدي الى اجراء انتخابات مبكرة.
وكان من شأن التصديق على هذا التشريع تقويض الحكومة في وقت يسعى فيه أولمرت للالتزام بمهلة حددتها الولايات المتحدة للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين ومتابعة محادثات مع سوريا بوساطة تركية وترتيب مبادلة أسرى مع جماعة حزب الله اللبنانية ومراقبة برنامج ايران النووي.
والثلاثاء أطلق نشطاء فلسطينيون في قطاع غزة صواريخ على اسرائيل في انتهاك فلسطيني للتهدئة التي بدأ سريانها قبل خمسة أيام، ردًّا على قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي لنشطاء اثنين من الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية المحتلة.
وردت اسرائيل بعدم فتح المعابر الحدودية مع غزة أمس الاربعاء. وبموجب التهدئة وافقت اسرائيل على تخفيف الحصار الذي تفرضه على القطاع الفقير الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بالسماح بدخول المزيد من الواردات الرئيسية.
ويعتقد المعلقون السياسيون ان اولمرت وبراك على حد سواء لا يريدان اجراء انتخابات الآن قد تظهر تقدم نتنياهو وحزبه الليكود عليهما.
وقالت مصادر صحافية ان الليكود يفضل سحب التشريع عن مواجهة رفضه وهو ما يعني حسب القواعد البرلمانية تحديد مهلة قبل طرحة مرة أخرى على الكنيست.
ومنذ أن القي الضوء على فضيحة الفساد قدم العديد من اعضاء حزب كديما انفسهم كخلفاء محتملين لاولمرت. ورجحت وسائل اعلام اسرائيلية ان يخوض رئيس الوزراء الانتخابات لفترة رئاسة جديدة للحزب وهو الأمر الذي أكّده أولمرت أمس، حين قال أنّه سيخوض الانتخابات الداخلية لحزب كاديما كمرشح لرئاسة الحزب.
ورد ايتان كابل عضو الكنيست عن حزب العمل، وسكرتير الحزب العام، على سؤال عن الاتفاق الذي ابرم في اللحظة الاخيرة بين اولمرت وباراك قائلا "الحزب سيظل يعمل على تغيير قيادة الحكومة".
وأضاف: "اولويتنا الاولى هي ضمان استمرارية الاستقرار في حين نقوم بتشكيل ادارة بديلة يستبدل فيها اولمرت. ويبدو ان العمل جار حاليا لتحقيق ذلك".
واجراء انتخابات داخل حزب كديما في موعد متأخر في شهر ايلول المقبل، وتحديدًا في الخامس والعشرين من الشهر المذكور من شأنه تعطيل اجراء انتخابات عامة حتى عام 2009 على اقرب تقدير وهو ما يمثل انقاذا مؤقتا لاولمرت. ومن المقرر ان تجرى الانتخابات المقبلة في 2010.
وقال هنغبي: "لن تجرى انتخابات (عامة) جديدة في 2008".


وبالفعل، نجحت هذه المفاوضات، وقرّر الطرفان استبعاد خيار حل الكنيست، ولو بشكل مؤقت، مقابل قيام حزب كاديما، وهو الحزب الذي يقود هذه الحكومة الهشة، بإجراء انتخابات داخلية، حتى موعد أقصاه الخامس والعشرون من شهر أيلول المقبل، واختيار رئيس بديل للحزب، يصبح رئيس الحكومة المقبل، مكان أولمرت، الذي يواجه ملف فساد ورشاوى من القطع الكبير.
ويمكننا القول على اثر هذا الاتفاق بين الطرفين، إنّ ايهود براك أثبت بالدليل القاطع قدرته على المراوغة، حتى الرمق الأخير، حيث أنّ رغبة الأخير بالتوجه إلى انتخابات عامة، لا تزيد عن رغبة أولمرت، وذلك لأن كافة المؤشرات تدل على أنّ الهزيمة ستلحق بهذين الحزبين، وسوف يكون اليمين المتطرف، بقيادة الليكود، وبنيامين نتنياهو، هو الرابح الأكبر.
وهنا راهن براك الرهان الأكبر، وقرّر أن يصوّت اعضاء حزبه على حل الكنيست، بالقراءءة التمهيدية، والتي كان من المفروض أن يجري التصويت فيها أمس الأربعاء، الأمر الذي جعل مقاييس الضغط ترتفع لدى أولمرت وأعضاء حزبه، واضطر إلى التنازل عن موقف عدم تعيين تاريخ لإجراء انتخابات داخلية.
إنّ تزويد هذه الحكومة بالأكسجين لثلاثة أشهر أخرى، يمكن أن يكون سيفًا ذو حدّين، حيث من الممكن أن تستمر الحكومة في مشروع التهدئة مع حماس في قطاع غزة، وفي مفاوضات تبادل الأسرى مع حزب الله ومع حماس، وبالتفاوض على المسار السوري وهي أمور قد تعود بالفائدة على مجمل مشروع المفاوضات. إلا أنّ لهذا الأكسجين قد يكون حد آخر هو توجيه ضربة عسكرية لإيران، وافتعال مواجهات تنهي التهدئة، كل ذلك بهدف إخراج خيار الانتخابات من الصورة، بحجة "حالة الطوارئ".
علينا أن نكون على أهبة الاستعداد لكل الخيارات، وأن نكون جاهزين لمواجهة أي مخطط اسرائيلي يهدف إلى الاستفراد بالشعب الفلسطيني، بهدف الخروج من الأزمة الداخلية.

الخميس 26/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع