النار في الهشيم



خرجت صحيفة نيويورك تايمز، يوم أمس الأول الجمعة، بعنوان رئيسي، أثار مخاوف الكثيرين حول العالم. وجاء هذا العنوان ليقضي على شكوك الكثيرين الذين اعتقدوا بأنّ ليست لدى إسرائيل النيّة في توجيه ضربة عسكرية إلى إيران. وقال عنوان نيويورك تايمز إنّ إسرائيل قامت بمناورات عسكرية مشتركة بين سلاح جوّها وسلاح الجو اليوناني في محيط جزيرة كريت، للتدرب على ضرب أهداف عدّة في إيران. وبينما لم تؤكّد إسرائيل هذه الأنباء ولم تنفها، أكّدت وزارة الدفاع اليونانية أنباء هذه المناورات المشتركة، دون التطرق إلى هدفها، غير المعلن حتى الساعة.
وعلى ضوء هذه التحركات الإسرائيلية، التي تدل على نوايا حربجية لدى حكومة إسرائيل، يمكننا أن نقول إنّ مسار إسرائيل يفضي إلى مكان واحد فقط، هو المواجهة الشاملة مع إيران، وإشعال المنطقة بالتالي، خضوعًا لنزوات حكّام إسرائيل.
وما من شك أبدًا، أنّ هذه النوايا مبيّتة بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، التي قد تنهي ولايتها الحالية بإغراق أمريكا، والعالم، في مستنقع حرب جديدة، أقسى وأصعب من الحرب التي يخوضها الجيش الأمريكي الغازي حاليًّا في العراق، أو في أفغانستان، فالحرب على إيران هي هدف من أهداف إدارة بوش، كانت ستعمل على تحقيقه لو لم تكن حربها العدوانية على العراق فاشلة إلى هذا الحد، بالمعايير الأمريكية، وبما أنّ الجيش الأمريكي لن ينجح وحده في ضرب إيران، بسبب المستنقع الدموي العراقي الذي غرق فيه، ولم ينجح في الخروج منه بعد، فهو بحاجة إلى وكيل يقوم بنصف العمل على الأقل، وما من وكيل مؤتمن، وحليف دم، سوى إسرائيل، التي عملت طوال سنوات مضت على تجهيز الأرضية لمثل هذا العمل العدواني، بإخافة الرأي العام الإسرائيلي من "التهديد الإيراني لوجود إسرائيل"، وما شابه من مقولات مأخوذة من أكثر قواميس المفردات الحربية ظلامًا وقسوة.
ولكن ما من شك أبدًا، أنّ الأمر لن يكون بهذه السهولة، فالجيش الأمريكي مأزوم، والنظام الأمريكي في لحظاته الأخيرة، والنظام في إسرائيل محاط بأزمات ومشاكل وفساد وتهديدات بحل الحكومة، وما إلى ذلك، لدرجة أنّ هجومًا من هذا القبيل سيشعل المنطقة، وستنتشر الحرب فيها مثلما تنتشر النار في الهشيم، وذلك لأنّ الرد الإيراني لن يكون سهلا، و"لطيفًا"، بل سيكون ردًّا قاسيًا قد يؤدي إلى دمار غير مسبوق في المنطقة.
على العالم أجمع أن يقف في وجه هذا المخطط الإسرائيلي الأمريكي، قبل أن يصبح الوقت متأخرًا.

الأحد 22/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع