كلمة <<الاتحاد>>
التعليم المجاني غالٍ جدًا

في تعليقات ومقالات وريبورتاجات سابقة نشرت في "الاتحاد" جرى تبيان وايضاح العلاقة العضوية بين الوضع الاجتماعي - الاقتصادي (سوتسيوايكونومي) المتردي للفئات الاجتماعية المسحوقة من سكان تحت خط الفقر والبلدات المنكوبة بالبطالة وبين المستوى المنخفض للتحصيل ونسبة التسرب العالية وترك مقاعد الدراسة من قبل عدد لا بأس به من ابناء الفقراء والمحتاجين.
الاوساط الحاكمة وبضمنها وزارة المعارف، تدعي انها تنتهج سياسة المساواة بين الجميع في المجال التعليمي وذلك على قاعدة قانون التعليم الالزامي المجاني. وان التعليم في مراحله من البستان الى الابتدائية الى الاعدادية وحتى الثانوية مجاني للجميع!. هذا ما يدعيه المسؤولون بشكل تضليلي، اما على ارض الواقع فإن المعطيات تؤكد انه لا توجد ابدًا مساواة بين الجميع وان التعليم في المراحل المذكورة غال جدًا وليس مجانيًا ابدًا. فإذا وضعنا جانبًا سياسة التقليصات الحكومية في ميزانية وزارة التعليم في اطار القضاء على "دولة الرفاه" التي تسيء بشكل جدي الى المجال التعليمي، فإن تكلفة سلة التربية والتعليم بالنسبة للعائلة الواحدة، للتلميذ الواحد وللطالب الواحد تجعل امكانية تغطيتها مربوطة بشكل سافر بالحالة المأساوية على ساحة التقاطب الاجتماعي والفوارق الاجتماعية بين ميسوري الحال من الاوساط الاجتماعية الغنية ومتوسطة الحال وبين الفئات الاجتماعية المسحوقة من العاملين واصحاب المداخيل المحدودة والهزيلة. فوفقًا للمعطيات المتوفرة فإن التكلفة السنوية "لسلة الثقافة والتعليم"  بالنسبة لعائلة في اسرائيل لديها ابن او ابنة في صف البستان وابن او ابنة في المدرسة الابتدائية تبلغ بالمعدل بين عشرة آلاف شاقل الى عشرين الف شاقل. وهذه التكلفة تشمل الدفع مقابل الكتب والدفاتر وكل ادوات القرطاسية، الملابس الخاصة، مقابل الرحلات والنشاطات الثقافية، برامج تعليمية اضافية، دروس اضافية، مواصلات، استعمال الانترنت وغير ذلك، وعائلة تعيش على مخصصات البطالة او دخل الحد الادنى من الاجور او من تأمين الدخل وتجد صعوبة في توفير رغيف الخبز لسد اود العائلة  فإنها أعجز من ان توفر  لاولادها مصادر تغطية جميع متطلبات "سلة التعليم"، وكم بالحري اذا كان لدى العائلة الفقيرة ثلاثة او أربعة أو خمسة  اولاد يتعلمون في مختلف مراحل التعليم من الروضة وحتى الثانوية، فمن أين يمكن توفير ما هو مطلوب لضمان الوضع الطبيعي التعليمي لأبنائهم؟ فمن يضمن تغطية ظروف الوضع الطبيعي هي العائلة الغنية والمتوسطة. ولهذا عن أية مساواة يتحدثون وعن اية مجانية تعليم يثرثرون؟ ولهذا ليس من وليد الصدفة ان نسبة الترك والتسرب من الدراسة من بين التلاميذ والطلاب العرب هي الاعلى في البلاد، حيث ان نسبة العائلات العربية التي تعيش تحت خط الفقر اكثر بمرتين ونصف من نسبتها بين العائلات اليهودية، ونسبة البطالة بين العرب تبلغ بالمعدل اكثر من واحد ونصف مرة اكبر من المعدل العام في البلاد. كما ان نسبة ترك مقاعد الدراسة بين اليهود الشرقيين، خاصة في المدارس الاعدادية والثانوية وفي بلدات الضائقة والفقر اعلى بأربعين بالمئة من نسبتها بين اليهود الغربيين. وهذه الحقائق وغيرها تؤكد انه في ظل سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء الحكومية تنعدم المساواة والعدالة الاجتماعية في مختلف مجالات الحياة والتطور، وفي المجال التعليمي ايضًا. فالسهام يجب ان توجه اولا الى سياسة التمييز الرسمية.

("الاتحـــــــــاد")


الخميس 8/1/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع