كلمة <<الاتحاد>>
<<تعديلات>> في الموازنة لزيادة حدة الفقر!

من المنتظر أن تجري في نهاية هذا الأسبوع مناقشة وإقرار الميزانية العامة للسنة (2004) في الكنيست. وأصبح من المؤكد تمرير وإقرار الميزانية في القرائتين الثانية والثالثة بأصوات أعضاء كتل الائتلاف الحكومي وذلك بعد اسدال الستار على مسرحية التضليل والابتزاز التي يجري عرضها كل سنة تقريبًا على خشبة المسرح الحكومي عشية اعداد الميزانية للاقرار في القراءتين الثانية والثالثة.
فقانونيًا من المفروض ان تقر الميزانية في الكنيست (السلطة التشريعية) حتى 31 كانون الاول من كل عام، واذا لم يجر اقرارها حتى هذا الموعد تعطى للحكومة مهلة ثلاثة أشهر حتى31 آذار من السنة الجديدة لمحاولة اقرارها. وفي حالة فشل الحكومة في تمرير الميزانية حتى انتهاء المدة الاضافية المذكورة تسقط  الحكومة وتقر الكنيست موعدًا لاجراء انتخابات برلمانية عامة جديدة. وعادة ما تستغل الكتل الائتلافية هذه الحقائق لابتزازات تخدم مصالحها الفئوية والسياسية، كما تستغل الحكومة "الصراعات" في داخل الائتلاف حول توزيع "الكعكة" والمطالب الابتزازية للتضليل وصرف أنظار الجماهير والرأي العام عن المضمون والمدلول الاساسيين، الاقتصادي والاجتماعي للموازنة. وهذا ما حدث عشية اعداد الميزانية الحالية للقراءتين الثانية والثالثة. فكتل "أرض اسرائيل الكبرى" - "الاتحاد القومي" - و"المفدال" وأوساط من "الليكود" - طالبت بزيادة الموازنة المخصصة للاستيطان وللموازنة العسكرية وللمدارس الدينية. وعدم الاستجابة لهذه المطالب تعني عدم التصويت على الميزانية!! وتحت يافطة "هذه المطالب" والزوبعة التي أثُيرت حولها لم تقر الميزانية حتى آخر يوم من السنة الماضية ونشر البعض الوهم المبالغ فيه عن التناقضات في داخل الائتلاف الحكومي واحتمال خروج بعض الكتل  من الائتلاف وحتى دخول حزب "العمل" مكانها الى أروقة الحكومة. ولم تنطل علينا هذه المسرحية، فمطالب هذه الكتل تنسجم تمامًا مع جوهر السياسة الكارثية التي تنتهجها حكومة الاحتلال والاستيطان والعدوان اليمينية الشارونية،  وأن حكومة الاحتلال والإفقار تستغل صراعات الابتزاز في داخل ائتلافها لطمس حقيقة ان الميزانية المطروحة أسوأ ميزانية في اسرائيل منذ قيامها من حيث مدلولها الاجتماعي المعادي للفئات الاجتماعية المسحوقة ومحدودة الدخل. كما ان الحكومة تستغل هذه "الخلافات الابتزازية" الداخلية لمواصلة هجومها على لقمة عيش اصحاب المداخيل الهزيلة وعلى مستوى اجور ومعيشة العاملين. وهذا، للأسف، ما يحصل. فقد تقرر "الاستجابة" للابتزازات حيث ستزيد ميزانية "الامن" بملياري شاقل، كما ستزيد الميزانيات المخصصة للاستيطان وبناء جدار العزل العنصري بأكثر من مليار شاقل كما كان مقررًا في الموازنة. هذا عوضًا عن زيادة الميزانية للمدارس الدينية التابعة لحزب "المفدال". والسؤال هو، من أين ستغطي الحكومة هذه الزيادة الجديدة؟ تجيب وزارة المالية على هذا السؤال بشكل ديماغوغي سافر، إذ تؤكد "سيضطر الجمهور الدفع لتغطية هذه الابتزازات. الظاهر انه لن يكون مفر من المس مرة اخرى بالاوساط الفقيرة، بالعائلات كثيرة الاولاد وبجمهور المتقاعدين"!! والترجمة الحقيقية لهذا التوجه الحكومي المأساوي انه مقابل زيادة الميزانيات لتمويل آلة الحرب والاحتلال والاستيطان سيزداد في العام 2004 الجاري عدد الفقراء والمحتاجين بعشرات الالوف من "السكان الجدد" الذين سيعانون تحت خط الفقر. وهذا مؤشر بارز يعكس من جهة ان ما هو مطروح من ميزانية للإقرار في القراءتين الثانية والثالثة لا يعدو كونه ميزانية حرب واستيطان وافقار، ومن جهة ثانية يعكس أهمية تصعيد الكفاح السياسي والاجتماعي لإسقاط حكومة اليمين بأسرع ما يمكن.

("الاتحـــــــــــــاد")


الأثنين 5/1/2004


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع