تقرير خاص بـ"الاتحاد" - إحتفاء بمرور تسعين عامًا على تأسيس الحركة الشيوعية في فلسطين وخمسين عامًا على الانتفاضة الحمراء في أيار 1958، نظم اتحاد الشبيبة الشيوعية الإسرائيلي في البلاد، نهاية الأسبوع المنصرم، مهرجانًا سياسيًّا فنيًّا حافلاً، تكريمًا للرعيل الأول من قياديي وكوادر حزبنا الشيوعي.
قاعتا بيت الصداقة في الناصرة، ضاقتا على سعتهما، بالحضور.. بالمئات من الشيب والشباب، من المكرِّمين والمكرَّمين، الذين أتوا كلهم، عربا ويهود، من سائر أنحاء البلاد، ليحنوا هاماتهم إجلالا للدرب الذي صانوه فصانهم، ليجددوا العهد حفاظا على الراية الحمراء، "راية جيل يقاوم وهو يهز الجيل القادم: أقاوم فقاوم"..
حماسة منقطعة النظير سادت المهرجان طيلة استمرار البرنامج، في قسميه، الفني والسياسي، والذي تولة عرافته الرفيقان لؤي زياد واوري فيلطمان وأما افتتاحه فقد جاء على وقع الأنغام الثورية لأوركسترا الشبيبة الشيوعية، وشهد فقرات فنية منوعة، تناوب على تقديمها كل من: فرقة مفتاح الدار للفن الشعبي، التابعة لفرع الشبيبة الشيوعية في الناصرة، وترافقها الفنانة رنا نعرة، وفرقة كفر ياسيف للفن الاستعراضي، كما قدم الفنان ألبير مرعب باقة من أعاني الشيخ إمام، وفي لفة مؤثرة قدم الفنان الكبير محمد بكري، الذي أتحف الجمهور بإنشاد "الخط دا خطي والكلمة دي ليّا".
ولا بد من التوقف عند منصة المهرجان، فهي تحكي سيرة الحزب طيلة 90 عاما، تزينها لوحة جدارية، تعود فكرتها إلى كاركاتير للفنان الشهيد ناجي العلي. نرى في هذه اللوحة "المنجل" الأحمر، يحصد "الأنا" ليغرس مكانه "النحن" وكأننا بالرعيل الأول يحملنا هذه المسؤولية، مسؤولية التفاني المخلص ونكران الذات.
*مراد: لنا ماض وحاضر ومستقبل.. هنا!*
كلمة الشبيبة الشيوعية، قدمها سكرتيرها العام، الرفيق سليم مراد، الذي افتتح كلمته بالترحيب بالحضور قائلا "يشرفني، ان اقف اليوم باسم الشبيبة الشيوعية لنكرم الآباء، رفاق درب اناروا لنا الطريق.. لنكرم قدامى الحزب واصدقاءه منهم مَن حضر ومنهم من لم يستطع ان يشاركنا هذا الاحتفال لوضعه الصحي، ومنهم من فارقنا وهو على درب الكفاح.. لذكرى هؤلاء فلنقف دقيقة حداد على ارواحهم الزكية واحتراما لسيرتهم العطرة".
وأضاف مراد "ان الكلمات تعجز عن التعبير عن تقديرنا واحترامنا لكم، فأنتم من ضحى بكل شيء وأعطى كل شيء كي ينير الطريق في النفق المظلم لشعبي هذه البلاد، من اجل السلام العادل والمساواة والعدالة الاجتماعية. انتم ونحن، وحزبنا الشيوعي تمثلون التاريخ والمستقبل وكل نقطة ضوء مشرقة لشعبي هذه البلاد ولشعوب المنطقة.. أنتم يا من سطرتم معركة البقاء للجماهير العربية في هذه البلاد، ما أدى بشارون إلى اعتبار بقائنا خطأ!
"يا مَن سطرتم معركة الصمود- امام جحافل الحكم العسكري والمخابرات وسياسة قطع الارزاق. يا من قلتم: نعم إن الكف يلاطم المخرز. يا مَن بعثتم الآلاف من الشباب العرب واليهود طلبا للعلم- المعركة- ردا على المؤسسة الحاكمة، كما قال لوبراني سنة 56 سنجعل العرب حطابين وسقاة ماء..يا مَن بلورتم الهوية القومية للجماهير العربية ردا على سياسات التجهيل- كهوية كفاحية نضالية تقدمية..يا مَن وضعتم الأفق السياسي للحد السياسي في هذه المنطقة وهو "دولتان للشعبين" السياسي، فالحجر الذي رفضه البناؤون اصبح رأس الزاوية وكما قال صلاح خلف في كتابه "فلسطيني بلا هوية": لو رددنا على هؤلاء الشيوعيين الشباب لوفرنا على شعبنا بحر من الدماء.
"يا مَن تبنيتم الفلسفة الماركسية اللينينية كأداة لتحليل الظواهر في المجتمع، وكوسيلة لتنظيم الحزب الشيوعي كي يقوم بدوره في المجتمع. انتم الذين حدّدتم ان دور الحزب الشيوعي هو تغيير المجتمع الاسرائيلي ككل وليس عزل الجماهير العربية. انتم الذين رفعتم شعار "يا عمال العالم اتحدوا"، أنتم من علمتمونا ان اسمى درجات القومية هي الاممية وعلمتونا الربط الصحيح بين القومي والطبقي الاممي. أنتم من علمتمونا – ان الشراكة العربية اليهودية هي حجر الزاوية في قوة الحزب. أنتم من رفعتم رايات الحزب الخفاقة عالية، على درب شاعرنا توفيق زياد "وغير علمي الأحمر ذي المنجل والشاكوش أنا لا أرفع شيئا". انتم من آمنتم بالفكر الاجتماعي التقدمي – نشرتموه ضد التعصب العائلي والطائفي- القومي وضد كل تعصب آخر.. نعم لقد اعطيتم الحزب والشعب كل شيء في حياتكم، لقد سطرتم اروع دروس النضال والكفاح وتحديتم الحكم العسكري، والسجون، والمخابرات. انتم اصحاب الرؤوس المرفوعة والقامات الشامخة.. نعم انتم القيادة والكوادر التي دفعت الثمن في أحلك الظروف، واستطاعت ان تجند الجماهير، القيادة التي استطاعت في البحر الهائج أن توجه السفينة الى طريق النجاة، القيادة التي رأت مصالح شعبي هذه البلاد وشعوب المنطقة، انتم لستم القيادة التي تنساق وراء الجماهير.. أنتم من دافع عن مصالح العمال والفقراء والفئات الشعبية لشعبي هذه البلاد، ولستم من تاجر بمصالح هذه الفئات".
وأنهى مراد كلمته بالتأكيد على "أن الشبيبة الشيوعية ستظل كما كانت دوما خير خلف لخير سلف..".
*نفاع: عاش المكرِّمون والمكرَّمون..*
الكاتب محمد نفاع، سكرتير عام الحزب الشيوعي، لم يخف تأثره خلال إلقاء الكلمة وقال: "لحظات عزيزة هذه اللحظات وهذه المناسبة فيها مجد وصحة الماضي وقوة ومبدئية الحاضر والأمل والاستعداد والثقة بالمستقبل.. أن تكرم الشبيبة الشيوعية قدامى الحزب من رفيقات ورفاق من اليهود والعرب وبهذه الأعداد الغفيرة وفي ظل الراية الحمراء راية الأممية الخفاقة وعلى وهج نشيد الأممية يقول كل شيء: إن حزبنا حزب عريق وباق- كان أمميا وسيظل، كان ثوريا وسيبقى. فلا يتباكى أحد على هذا الحزب بل اعتزوا به وبهذه الشبيبة الباقية على أسس ثابتة وراسخة، أسس الماركسية اللينينية.. لا يتباكى أحد على هذا الحزب المطلوب مضاعفة الجهود وزيادة النشاط قطريا ومناطقيا ومحليا هكذا يجري التعبير عن مدى تحزب الرفيق وليس بالتباكي والاكتفاء بالكلام".
وأشاد نفاع بمواقف الحزب قائلا: "لا غبار أبدا على موقف الحزب في القضايا الفكرية الأممية وفي القضايا السياسية والطبقية والإجتماعية ولا خوف أبدا على أممية الحزب اليهودية العربية. نقول بمنتهى التواضع والموضوعية أن كافة العواصف عام 1965 وكذلك الإنهيار الفظيع لم تستطع النيل من هذا الحزب فكم بالحري اليوم ولدينا رصيد أغنى من النشاط؟ إن هذا الحضور من شيوعيين قدامى وشباب من يهود وعرب وجبهويين، هذا الحضور وأمثاله هم حماة الحزب وهم عناصر قوته وحيويته فلا حزن أبدا على هذا الخط المبدئي العريق.. نقول بمنتهى التواضع والموضوعية أن حزبنا أثبت بهمتكم أنه أقوى من العديد من الأحزاب الشيوعية التي لم تستطع أن تحمي النظام الإشتراكي من الإنهيار رغم اختلافات الظروف. حزبنا الذي يحيي 90 عاما على تأسيسه، حزبنا الذي يحتفظ بجريدة الإتحاد منذ 1944 وبشبيبتنا الشيوعية العريقة والتي تأسست منذ 1924 خطّ بهذه الجذور وبهذا الصمود وبهذه العراقة وبهذا العنفوان والإستعداد لزيادة العطاء وبصحة هذه المواقف المجربة كلها أسباب لتقويته وليس لضعفه والتباكي عليه من البعض منا.
"الإمتحان هو بالعمل: مهرجانات الأول من أيار هي مثل، حملة الربع مليون توقيع هي مثل، حضورنا في يوم الأرض هو مثل، دورنا في معركة البقاء والتصدي هو مثل، أول أيار 58 قبل نصف قرن هو مثل، نشاط ممثلينا في البرلمان والهستدروت والبلديات والمجالس المحلية ومجالس العمال والجامعات والمخيمات والعمل اليومي الدؤوب هو المثل. نحن لا ننكر الصعوبات لكننا لا نعالجها بالخوف بل بزيادة نشاطنا حزب له مثل هذه الشبيبة الثورية الأممية اليهودية العربية والتي هي أهل التقدير والاعتزاز هو حزب باق وقوي.
"عاش المكرِّمون والمكرَّمون ودائما على طريق النضال على طريق الأممية والماركسية اللينينية والوحدة الكفاحية اليهودية العربية.
*المكرَّمون: فخورون بالحرس الفتي لحزبنا!*
تحدث باسم الرفاق المكرَّمين من الرعيل الأول لرفاقنا، كل من النقابي العريق بنيامين غونين، وأسعد يوسف كنانة، أول رئيس مجلس محلي شيوعي في البلاد.
جونين، توجه في مستهل كلمته بتحية حارة ‘لى الشبيبة، باسمه وباسم المكرَّمين ممن أتوا إلى الحفل وممن تعذر عليهم ذلك إلى الشبيبة.
وأكد جونين على الدور الريادي الخاص الذي تؤديه الشبيبة الشيوعية اليوم مؤكدا استحقاقها وبجدارة لقب "الحرس الفتي للحزب".
وأكد جونين بأن كل واحدة وواحد من الرفاق الأوائل يحملون قصصا من ذكريات لا تنضب، وعبر عن شعوره وشعور أبناء جيله بالراحة جراء الإرث العظيم الذي يخلفونه وراءهم وتمكنهم من الفخر بما زرعت أيديهم.
أما الرفيق كنانة، فقد ألقى كلمة (نشرت كاملة في الإتحاد، عدد الإثنين 2.5.08) وصف فيها بشكل خاص مجابهة الرفاق الأوائل للحكم العسكري واستبداده، واختتمها بالدنا التالي "ايها الرفاق لكم تاريخ مشرف فصونوه، ومن الناحية التنظيمية فقد رأت هذه القيادة والحزب في تلك المرحلة ان التنظيم هو جزء من الفكر المبدئي الماركسي ولا يتجزأ. فكانت تعالج القضايا بروح الحكمة والمسؤولية وليس بالعصبية والذاتية، بل كانت تتصرف كالأب الحنون على اولاده تمتص السلبيات وتقضي عليها بروح التفاهم الايجابي لمصلحة الوحدة الحزبية، مثل هذه القيادة عليكم ان تفخروا بها فصونوا ارواح هذه القيادة وحافظوا على الامانة التي وضعها هذا الحزب لكم وبين ايديكم لكي تربوا الاجيال الشابة والاجيال القادمة على تاريخ هذا الحزب المشرف. حافظوا على تاريخكم وعلى مبادئكم، وحافظوا على وحدتكم وهذا هو الاساس الذي عملت هذه القيادة والحزب على وحدته فصونوا هذه الامانة".
السبت 7/6/2008