عن "منشورات معين حاطوم"، صدر للشاعر تركي عامر (1954)، كتاب "صواريخ عابرة للقرارت" (2008)، في 80 صفحة من القطع المتوسط يضم 205 نصوص، "شطحات نثرية بالفصحى المونّسة بالعامية" (على حد تعبيره)، مما كتبه الشاعر، إبان حرب تموز 2006 (العدوان على لبنان)، من "خربشات تحت القصف" (كما يسميها)، ونشره في أسبوعية "كل العرب" (الناصرة).
في تقديمه للكتاب، يقول الشاعر الكبير سميح القاسم: "أصبحنا قادرين على الإشارة إلى تركي عامر من خلال نصّه غير الموقّع، وهذه سمة هامّة، وعلى غاية من الأهمّيّة، لكلّ مبدع يحاول أن يضع بصمته على شهادته في محكمة هذا الزّمن العربيّ والعالميّ المختلط والمشتبه والمشبوه والمسبوه." (ص 5). إلى أن يقول القاسم: "أنت تمارس ما أسمّيه الكتابة البركانيّة الّتي تقول ما لا يُقال وتذهب إلى أبعد ممّا تقول. ومن هنا، فأنا أقترح على قرّائك الحذر، وإعادة القراءَة أحيانًا إذا هم أرادوا النّجاة من حمأ براكينك المفاجئة بين اللّفظة واللّحظة وبين "القفشة" وأختها." (ص 6).
وفي مقدمة بعنوان "أزعوقة"، يكتب المؤلف: "هي حرب، بصرف النظر عما ضُرب فيها من أخماس تسميات بأسداس تسميمات! مهما اختلط فيها (وعليها) من حابل استحقاقات بنابل تحقيقات! إضافة إلى متابعة مشدودة، 24 على 24، لِما يسيل من الشاشات ويتساقط من "السماوات"، وجدتني، تحت القصف (وما بعد تحت القصف)، أخربش، دون سابق مُسَوَّدةٍ في دُرْج أو دِسْك، هوامشَ عاجلة محفوفة بهواجسَ آجلة، أروّض فيها شارداتٍ داشرات حبلى بوارداتٍ مُراوِدات، كادت تنقلني، دون تأشيرة من أحد، إلى حِيدَة "جنة" جهنمية!" (ص 7).
ومن أجواء الكتاب: "عن مواطن عربي فلسطيني جليلي ثمانيأربعيني، دون العادي، يعيش أيامه وأحلامه من كاتيوشا إلى كاتيوشا: "لا أسمح لنفسي، هذه الأيام، أن أكون مترفا (بشكل باذخ وبائخ) لأحلم بسلام شامل!". "وشو مع العادل؟!". العدالة من مفردات السماء! والسماء رفعت يدها عن الأرض، وأطلقت العنان لقدميها إلى ما بعد الأفق، وما بعد بعد الأفق! وهنا يحضر المتنبي بقوة: "يا أعدل الناس إلا في (معادلتي)/ فيك الخصام وأنت الخصم والحكم!" (ص 10). وفي موضع آخر: "البرلمان اللبناني يشكل لجنة تحقيق "توافقية"، من بين توصياتها: تقديم حسن نصرالله إلى العدالة باعتباره "مجرم حرب"! باختطاف جنديين على الحدود الجنوبية للإمبراطورية الزجلية، جر الخصم إلى تكسير أوزان بيوت العتابا التقليدية وخربطة قوافي القصائد الدستورية، ما يضع "الطائف" على كف "تفريط"، أو "تطفير!" (ص 43). وفي موضع ثالث: " حسن نصرالله، كنت معه أم كنت ضده، استطاع أن يوقع، باسمه الصريح، على حاشية لافتة في كتاب التاريخ العربي الحديث! وهذا حَسْبُه وحسب الكتاب وحسب التاريخ وحسب العرب!" (ص 47).
ويختتم الكتاب بـ "أشكورة" تقول: "شكرا لـ "حسن" المتابعة، على أمل ألا تكون في الأفق، لا قدر الله، جولة ثانية من هكذا مساجلة "زجلية" بالصواريخ العابرة للقرارات والقرى والقارات والقوارير والقراقير والمقررات! ومن نص عَ بكرا ما نشوف الكرة الأرضية الطيبة (مع شاي) إلا مزنرة بشال من حرير السلام وعم تخلع على أنغام المحبة! منيح؟! لا أراكم الله مقصوفا بكاتيوشا!". موقعًا أختومته عل النحو التالي: "تركي عامر، شبكة "كاتيوشا" الفضائية، المربع السحري، حارة الحندور، الضاحية الشرقية، قرية حرفيش، الجليل الأعلى، تشرين الأول 2006." (ص 78).
تجدر الإشارة إلى أن الشاعر تركي عامر أصدر، حتى الآن، تسعة أعمال شعرية. وفي عتمة كمبيوتره مخطوطات عشر، في الشعرياء والنثرياء، لا يحول دون خروجها إلى النور الطلق سوى قرش أبيض للحبر الأسود، على حد تعبيره.
الجمعة 6/6/2008