مؤتمر مكة: عبد الله يدعو لكسر «الانغلاق» ورفسنجاني يهاجم «العجرفة» الأميركية
افتتحت في قصر الصفا في مكة المكرمة أمس، أعمال «المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار»، الذي يعقد بدعوة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وبتنظيم «رابطة العالم الإسلامي» ومشاركة نحو 500 باحث وعالم إسلامي من أكثر من 50 بلدا مسـلما، سيناقشون على مدى ثلاثة أيام قضية الحوار بين مختلف المذاهب الاسلامية لإيجاد «رؤية شرعية» موحدة. وافتتح المؤتمر بكلمة للملك عبد الله استهلها بالقول إن المؤتمر يهدف لتصفية صورة الإسلام في العالم والقول: «إننا (المسلمين) صوت عدل، وقيم إنسانية أخلاقية، وصوت تعايش وحوار عاقل وعادل، صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن». وأوضــح الملك أن المؤتمر يهدف لمواجهة «تحديات الانغلاق، والجهل، وضيق الأفق» التي تواجهها الامة الاسلامية «في زمن تداعى الأعداء من أهل الغلو والتطرف من أبنائها وغيرهم على عدل منهجها»، وذلك «ليستوعب العالم مفاهـيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوة واستعداء». تلت ذلك كلمات لمفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، دعا فيها إلى إزالة «كل الشبه التي ألصقت بالإسلام» من الارهاب والعدوانية والعنف وانتهاك حقوق الانسان؛ وشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي؛ ثم للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عبد الله بن عبد المحسن التركي، الذي أكد أن المؤتمرين سيدرسون سبل الحوار مع غيرهم من الاديان. رفسنجاني بعدها، ألقى رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني هاشمي رفسنجاني، والذي يعتبر صديقاً شخصياً للملك السعودي، كلمة اعترف فيها ضمناً بالشقاق الشيعي ـ السني قائلاً إن «العالم الإسلامي يشهد ضعفا بسبب الخلافات في ما بينه». أضاف إنه «من قبيل الخطيئة أن تكون هناك نزاعات» بيننا... يجب أن ندعم بعضنا بعضاً... لا أن نضعف الواحد الآخر أو نلطخ سمعته». وتابع رئيس مجلس الخبراء الإيراني: «إنني كمسلم وشيعي وخبير في القضايا الاسلامية... أقول لكم إن هناك أموراً عديدة مشتركة (بين الشيعة والسنة)، ولا حاجة بنا للالتفات إلى الاختلافات... بإمكاننا أن نتحالف مع بعضنا وأن نكون مؤثرين في العالم». وأكد أنه «إذا أردنا الحوار مع أتباع الأديان الأخرى فعلينا أن نبدأ الحوار في ما بيننا وبين أنفسنا، وأن نحدد مسيرة إسلامية محددة نتفق عليها ونتفاهم حولها، ونسير في هذا الطريق بتوحيد رؤانا، ولنعبر عن الرؤية الإسلامية في حوارنا مع الآخرين». وحذر الرئيس الإيراني الأسبق من أن «الصهيونية عنصر خطير يستخدمه العالم ضدنا»، موضحاً: «لبنان عانى من التمزق والفرقة، والعراق محتل، وما يحدث في الصومال وشرق السودان وفي أفغانستان يلقي المسؤولية على عاتقنا»، داعياً إلى ضرورة «استغلال وحماية المصادر التي حبانا الله بها، ولافتاً أن المسلمين يملكون « 20 في المئة من الثروات العالمية». أضاف رفسنجاني «لماذا يجب على هذه الجماعة الهائلة (المسلمين) أن تضعف إزاء العجرفة الدولية؟». وتابع «نحن لا نريد استخدام القوة، أو أن نكون ظالمين، لكننا لا نريد أن نسلّم حقوقنا إلى الآخرين»، مضيفاً أن الولايات المتحدة هي «جشعة» وتطمح إلى «السيطرة على دولنا للضغط علينا ونهب ثروتنا ومصادرنا». وفي المضمار العراقي، أكد رفسنجاني انه «لن يحصل توقيع اتفاقية بين الولايات المتحدة والعراق»، في إشارة الى اتفاقية تسمح للاحتلال الاميركي بالبقاء طويلاً في العراق. ودعا إلى مساعدة العراق ضد «الاميركيين الطامعين في طاقته... ومن خطر الاحتلال الدائم والرضوخ للسلطة والاستعمار غير الرسمي». وأعرب رفسنجاني عن حماسته للمؤتمر، مستعجلاً الانتهاء من «الكلمات البروتوكولية» والتوجه فوراً «إلى النداء العظيم الذي يمكن أن يقدمه هذا الاجتماع للبشرية جمعاء». وأعقب كلمته مأدبة غداء، اجتمع عليها مختلف أعضاء الاسرة الملكية، وبينهم وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز، وآخرون، فضلاً عن الوزراء السعوديين وضيوف المؤتمر وشخصيات سعودية عسكرية ومدنية. بعد ذلك، عقد المؤتمر جلستي عمل: الاولى بعنوان «التأصيل الإسلامي للحوار»، ترأسها رئيس مجلس الشورى السعودي صالح بن عبد الله بن حميد، وتخللتها مشاركة لمسؤول الشؤون الدينية في المؤتمر الشعبي اللبناني أسعد السحمراني؛ والثانية بعنوان «محددات الحوار ومصطلحاته الشرعية»، ترأسها رئيس البرلمان الاندونيسي نور محمد هدايت وحيد. وذكرت «أسوشييتد برس» أن دعوات لحضور المؤتمر وجهت إلى المرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي، فضلاً عن العلامة اللبناني آية الله محمد حسين فضل الله، والامين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله. لكن أياً من هؤلاء لم يلبِّ الدعوة، فيما أرسل فضل الله الذي ما زال يتعافى من عملية جراحية مؤخراً، نجله السيد علي فضل الله نيابة عنه. كما حضر المؤتمر شيخان بارزان من الاقلية الشيعية في السعودية. وكانت مجــموعة من رجـال الدين السنة في السعودية أصدرت بيانا، قبل أيام، يقول بأن الشيعة وبينهم «حزب الله» يعادون إسرائيل لإخفاء نيتهم المعادية للسنة. ويعد هذا المؤتمر خطوة أولى ضمن خطة أعلنها الملك السعودي في وقت سابق من العام، من أجل بدء حوار مع اليهود والمسيحيين. («واس»، أ ب، رويترز، أ ف ب)