الاحتلال بين الربح والخسارة



الاحتلال أينما حل، في أي مكان وزمان له اهداف واضحة ومعروفة وان كانت غير معلنة وهي قمع الشعوب والاستيلاء على اراضي الغير بهدف تغيير معالمها الاصلية، وبناء المستوطنات وسلب ونهب الموارد والثروات الطبيعية وكل هذا يتم بقوة السلاح وبهمجية، الامر الذي يخلق المقاومة للتصدي لهذه الاعتداءات أي للحفاظ والدفاع عن الارض والشرف والكرامة الانسانية، فالمقاومة عمل انساني وحضاري وقانوني تفتخر بها الشعوب وتمجدها لأنها حق على باطل.
رغم الخسارة في النفس والعتاد سيبقى الاحتلال على هذه الارض المغتصبة لأنه بالنسبة للمحتلين ربح وتقوية لاقتصادهم، وللاسف الشديد هذا بالضبط ما ينطبق على هضبة الجولان السورية المحتلة، فمنذ ان احتلتها اسرائيل الى يومنا هذا لم تشعر اسرائيل بالخسارة من هذه الارض المغتصبة لا في النفس ولا في العتاد، بل على العكس تماما فهضبة الجولان بالنسبة لاسرائيل منطقة هادئة وغير مزعجة وفوق كل ذلك موقع استراتيجي هام جدا لأمنها. وبسبب عدائها مع الدول المجاورة هي بحاجة ماسة لمثل هكذا مواقع، كما هي ارض زراعية خصبة جدا قلّ مثيلها في هذا الشرق العربي، فكل هذه الايجابيات تجعل القيادة الاسرائيلية والشعب الاسرائيلي يتمسكون بها اكثر واكثر، وباعتقادي ان هناك منطقتين عربيتين محتلتين اذا انسحبت اسرائيل منهما ستشعلان حربا اهلية لدى الشعب الاسرائيلي بين مؤيدين ومعارضين، وللحقيقة المعارضون هم الاكثرية وهنا تكمن المشكلة، وهما هضبة الجولان والقدس الشرقية فلذلك لا ارى قائد اسرائيليا يملك الشجاعة والجرأة لتنفيذ الانسحاب كليا ونهائيا وحسب الشروط السورية والفلسطينية، فلذلك اذا وافقت القيادة السورية على انسحاب اسرائيلي شكلي وحسب الشروط الاسرائيلية فهي بذلك تتصرف من منطلق ضعف. لكن بالمقابل دولة اسرائيل بانسحابها المشروط والشكلي من هضبة الجولان تتصرف من منطلق قوة وبذلك ستكبل ايدي سوريا قيادة وجيشا، ومن كل هذا نستنتج ان دولة الاحتلال ايا كانت الدولة يمكن ان تترك الاحتلال فقط في حالة الخسارة بالنفس والعتاد وخير مثال على ذلك جنوب لبنان.

(كفر ياسيف)

نايف محمد الحاج *
الخميس 5/6/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع