الأسد سيعلن عن تبادل السفراء من بعبدا ... وعون يزور دمشق قبل نهاية حزيران
* ولادة الحكومة ليست سريعة ... في انتظار «تفاهمات» الموالاة * الفيصل إلى طهران قريباً ... والقاهرة تتحرّك مجدداً على خط المصالحة السورية السعودية *أكدت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«السفير» أن الرئيس السوري بشار الأسد قرر تحويل زيارته الرسمية المقررة الى لبنان في النصف الثاني من الشهر الحالي، في ختام الجولة العربية التي يقوم بها بصفته رئيساً للقمة العربية العشرين، الى محطة مفصلية في تاريخ العلاقات اللبنانية السورية، حيث سيبادر إلى الإعلان من القصر الجمهوري عن إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل سفراء بين البلدين، بالاضافة الى اعادة احياء المجلس الأعلى اللبناني السوري المشترك وتكليف الأجهزة المختصة إعادة النظر في كل الاتفاقيات المعقودة بين البلدين آخذاً في الاعتبار المصالح التاريخية المشتركة. وكشفت المصادر نفسها أن القيادة السورية التي وجهت دعوة رسمية الى الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان لزيارة دمشق، قررت توجيه سلسلة دعوات الى عدد من القيادات اللبنانية، وأبرزها رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وأن الأخير أرسل جواباً إيجابياً، ربطه بقرار إقامة العلاقات الدبلوماسية، ووعد بأن يلبي الزيارة فور انتهاء زيارة الأسد للبنان، على أن يلبي أيضاً دعوات الى مصر وقطر وبعض العواصم العربية. وقالت المصادر إن دعوة رئيس الجمهورية لاستئناف أعمال مؤتمر الحوار، ستقترن أيضاً مع دعوته الى وضع آليات تنفيذية للبنود التي تم التوافق عليها سابقاً وحظيت بإجماع المشاركين في طاولة الحوار. وعلمت «السفير» ان الاتصالات على خط المصالحة السورية السعودية، تواصلت على أكثر من خط، وخاصة من جانب قطر، علماً أن الجانب المصري بعث برسائل ايجابية الى القيادة السورية في أعقاب إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، فيما عاد الحديث عن إمكان عقد قمة سورية مصرية قبل نهاية حزيران. وعلمت «السفير» أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قرر تلبية الدعوة التي وجهت اليه سابقا من أجل زيارة العاصمة الايرانية، قبل الخامس عشر من الجاري، وهو أبلغ ذلك الى نظيره الايراني منوشهر متكي خلال اللقاء الذي جمعهما في مجلس النواب اللبناني قبل تسعة ايام، بناء على طلب من الجانب السعودي. الى ذلك، ظلت قضية التعقيدات التي تواجه عملية التأليف الحكومي بعد مضي 72 ساعة على انتهاء المشاورات النيابية التي أجراها رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة مع الكتل النيابية والنواب المستقلين، مدار تفسيرات مختلفة، في ظل ترجيحات بأنها تتركز أولاً داخل فريق الموالاة نفسه، قبل الانتقال الى مرحلة التفاوض بين الموالاة والمعارضة، مع تسجيل استمرار بعض التباينات داخل فريق المعارضة نفسه، وهو الأمر الذي ظهر جلياً في المطالب الحكومية للعماد ميشال عون وبعضها يطال وزارات مصنفة في خانة فريق الرئيس نبيه بري... ومنذ مساء يوم السبت الماضي، وحتى ساعة متأخرة من ليل امس، وكلما رنّ جرس الهاتف في عين التينة أو الرابية، ظنّ الرئيس بري أو العماد عون، أن المتصل هو رئيس الحكومة المكلف، لكن سرعان ما خاب ظنهما، كما ظن الكثرة الراغبة بالتسريع في التأليف الحكومي، ومنها رئيس الجمهورية، الذي ينظر الى عامل الوقت، بوصفه عنصراً مهماً، من أجل الحفاظ على دينامية اتفاق الدوحة والانتخاب التوافقي والصدى الايجابي لخطاب القسم وكذلك من أجل الاستفادة من المناخات المتحركة ايجابياً على الصعيد الإقليمي. غير أن الرئيس المكلف يأخذ وقته، وهو أصلاً لم يلزم نفسه بأية مهلة زمنية، تعينه في ذلك، نصوص الدستور، ذلك أنه يتصرف ضمن صلاحيات الرئيس المكلف وهو بمقدوره أن يؤلف الحكومة وحده ثم يعرضها على رئيس الجمهورية من دون أن تمر عبر الرئاسة الثانية أو «شيوخ» المعارضة، وبالتالي يكون لزاماً على رئيس الجمهورية أن يقبل بها أو أن يرفضها... ولكن المؤشرات الآتية من السرايا الكبيرة، حيث يواصل الرئيس المكلف استقبالاته اليومية العادية، لا توحي بالاستعجال ولا بالتباطؤ المتعمد، ما يعني أن ما كان يأمله البعض من التقاط للصورة التذكارية يوم الجمعة المقبل، حتى تكون الحكومة كلها في استقبال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في اليوم التالي، لن يكون متاحاً، وهو الأمر الذي بدأ يؤدي الى ارتسام ملامح قلق في بعض الأوساط، لأن التأخير قد يستولد تعقيدات إضافية، خاصة ربطاً بالمناخ الإقليمي المتحرك. وحسب الأوساط المقربة من رئيس الحكومة المكلف، فإنه سيأخذ وقته وهو يجري اتصالات بعيدة عن الأضواء، وليس خافياً على أحد أنه يسعى في المرحلة الأولى الى تذليل بعض الأمور المتصلة بالبيت الداخلي لفريق الموالاة، حيث توجد مطالب كبيرة، على صعيد الأسماء والحقائب ولا بد من التوصل الى تسوية كل الأمور قبل الانطلاق الى المرحلة التالية وهي التفاوض مع المعارضة حول مسألة الحقائب وليس الأسماء. أما الرئيس ميشال سليمان فقد كان، يبدأ، أمس، أسبوعه الثاني في القصر الجمهوري، وأعطى الأولوية للاتصالات حول تشكيل الحكومة، ومنها اتصالات شملته هو شخصياً، وأبدى رأيه في بعض الاقتراحات التي عرضت عليه. فيما أبدت مصادر مقربة منه استغرابها لما يتردد عن أن الرئيس يتعرّض لضغوط لتوزير هذا الشخص او ذاك، وأكدت ان سليمان «ليس من النوع الذي يرضخ للضغوط ولا يقبل ان تمارس عليه أصلاً». وأكدت المصادر لـ«السفير» ان رئيس الجمهورية «يلتزم القناعات التي تلائم مصلحة البلد اولا، وفق الاسس التي توافق مع الرئيس المكلف عليها، من حيث مراعاة التشكيلة للتمثيل المتوازن والعادل طائفياً ومناطقياً وسياسياً بين مختلف الأطراف». واشارت الى ان سليمان «يعطي الاولوية لتشكيل الحكومة لتفعيل المؤسسات الدستورية كافة وانطلاق عجلة عمل الدولة». وفي عين التينة، كان الرئيس بري ينتظر اتصالاً لم يأت من الرئيس المكلف أو من قبل النائب سعد الحريري بعد آخر لقاء عقد بينهما، مساء يوم الجمعة الماضي، لكن الرئيس بري ظل يتعامل مع الأمر بكل هدوء وايجابية، وقال ان المطلوب إنجاز الحكومة سريعاً، ولكن ليس بالتسرّع، فالتسرّع قد ينسف كل شيء. ولعل الرئيس بري يأخذ في الاعتبار، أن حسم الأمور داخل فريق الموالاة، يمكن أم يؤدي الى اجتياز معظم الطريق المؤدي الى التأليف الحكومي، خاصة أنه كان قد أبلغ رئيس الحكومة المكلف صراحة أن هذه الحكومة «نريدها ليس حكومة وحدة وطنية ولا حكومة انتخابات نيابية بل حكومة تأسيسية بكل معنى الكلمة من أجل الانتقال بلبنان واللبنانيين الى مرحلة جديدة من الشراكة والتفاهم والمصالحة». ونفت أوساط الرئيس بري وجود أية تعقيدات من جانب المعارضة، وقالت لـ«»السفير» إن لا أحد لديه مصلحة في المماطلة، لا بل بالعكس قد يكون الرئيس المكلف الأكثر مصلحة في أن يصل بالسفينة الى بر الأمان، لأنه سيكون من الرؤساء القلائل الذين ترأسوا مثل هذه الحكومات كالرئيس الشهيد رشيد كرامي مثلاً. وأكدت مصادر قيادية بارزة في المعارضة لـ«السفير»، أن كل يوم يمر له ثمنه، والوضع الداخلي لا يحتمل، خصوصاً في ظل المستجدات الامنية الاخيرة، والتي ترتدي طابعا إرهابيا من قبل مجموعات اصولية ولا سيما منها الاعتداء على الجيش اللبناني في العبدة وقضية الانتحاري في تعمير عين الحلوة، «وهذا امر في منتهى الخطورة، ومواجهته لا تتم الا بأعلى مستوى من الوحدة الداخلية، فالكل مستهدفون في هذا الامر». في غضون ذلك، كانت بورصة الأسماء الحكومية، تتحرك صعودا ونزولا، كعادة اللبنانيين ووسائلهم الاعلامية مع مواسم حكومية كهذه، نسيها اللبنانيون في السنوات الأخيرة، بسبب الأجواء السياسية والأمنية الضاغطة. وحسب آخر التركيبات المتداولة، تبين أن موضوع مسيحيي الرابع عشر من آذار ظل عقدة العقد، في ظل ارتفاع أسهم الوزير جهاد أزعور لوزارة المالية، على حساب الآخرين، كما أكدت أوساط في قرنة شهوان أن أسهم الوزيرة نايلة معوض ارتفعت بدورها على حساب باقي حلفائها، لتتراجع أسهم آخرين أبرزهم الرئيس أمين الجميل، فيما راح البعض يفــسر موضـوع طرح توزير سمير جعجع بأنه «ربما يصنف في خانة الزكزكة السياسية». وعلى صعيد الأسماء الشيعية، بدا واضحاً أن ارتسام الصورة النهائية للتوزير الماروني هو الذي سيقرر الى حد كبير طبيعة التوزير الشيعي، «خاصة بعد أن كانت حصلت تسميات أولية تنسجم مع روحية حكومة الوحدة الوطنية وليس حكومة المقاتلين كما يريد البعض تحويلها» على حد تعبير قطب شيعي بارز. وفيما نفى النائب باسم السبع أن يكون في وارد التوزير، فإن اسم الوزير الشيعي الذي ستسميه الأكثرية، تراوح بين النائب الحالي غازي يوسف، أو نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي دريد ياغي، خاصة أن النائب وليد جنبلاط هو من يتنازل من حصته الدرزية لمصلحة المعارضة وليس تيار المستقبل أو باقي الحلفاء الموالين. على صعيد الأسماء السنية، انتقل الخلاف من البيت الكبير إلى البيوتات الصغيرة، لا سيما في الشمال، بعد أن رشح النائب مصباح الأحدب نفسه، لقطع الطريق على «حليفه» الوزير محمد الصفدي، فيما صار شبه محسوم أن النائب سمير الجسر سيكون في عداد التركيبة الحكومية، بالاضافة الى اسمين سنيين من بيروت واسمين من صيدا (السنيورة والنائبة بهية الحريري). اما الأسماء الدرزية، فظلت محصورة بين النائب وائل أبو فاعور والمقدم شريف فياض، فيما تردد أن المعارضة لم تتفق نهائياً على اسم مرشحها للمقعد الدرزي، ذلك أن التسمية ستكون مرهونة بها وليس بمن يتنازل عن المقعد (أي جنبلاط)، وتردد أن بعض الجهات المعارضة، بدت متحمّسة لأسماء درزية أخرى مثل الوزير السابق وئام وهاب أو بعض الأسماء غير المتداولة في الإعلام. على صعيد الأسماء الأرثوذكسية، ظلت البورصة حصرية بكل من الياس المر وعصام ابو جمرة وطارق متري وأحد نواب الموالاة. أما الأسماء الكاثوليكية، فلم يصبها اي تعديل، فيما تردد أن «الطاشناق» يريد أن يوزّر آلان طابوريان في حال اسناد حقيبة معينة اليه، وفي حال لم يعط حقيبة، تكون وزارة الدولة من نصيب هوفيك مختاريان. من جهة ثانية، نقلت محطة «ان بي ان» عن مصادر أمنية لبنانية أن الانتحاري الذي قُتل قبل أن يفجر نفسه عند مدخل التعمير التحتاني في صيدا، يوم السبت الماضي، هو سعودي الجنسية وينتمي الى تنظيم «القاعدة». وكانت «السفير» قد أشارت في عددها، أمس، الى أنه خليجي الجنسية وأنه ليس لبنانياً أو فلسطينياً.
الثلاثاء 3/6/2008 |