لم يفاجئ وزير "الأمن" ورئيس حزب العمل ايهود براك أحدا عندما اعتلى منصة المؤتمر الصحفي، الأربعاء، مطالبا حليفه في الائتلاف الحكومي اختيار طريقة التنحي عن رئاسة الحكومة خدمة لمصلحة الدولة ومواجهة التحديات مع ايران وحزب الله وحماس!!، لم يفاجئ براك احدا لأن اولمرت طمس حتى اذنيه بقضايا الفساد وتلقي الرشى، كما لم يفاجئ براك احدا بطابع هويته اليمينية الانتهازية التي تخدم مصالح انانيته الشخصية المفرطة. ففي المؤتمر الصحفي ترك براك الباب مفتوحا لتطور عدة احتمالات وسيناريوهات. فقد قذف الطابة اولا في ملعب حزب اولمرت كاديما محددا املاء زمنيا بين عدة اسابيع حتى الشهر لاختيار بديل لاولمرت من داخل كاديما. فهذا الاحتمال هو الخيار الافضل بالنسبة لبراك، فهذا الحل يضمن له مواصلة تمسكه بحقيبة الامن، وهو لا يطرح نفسه في المرحلة الحالية للمنافسة على رئاسة الحكومة اذ لا يحق له ذلك قانونيا لأنه ليس عضوا في الكنيست. كما ان هذا الخيار المفضل لدى براك، فهو غير متحمس للدفع بقوة نحو اسقاط هذه الحكومة، حل الكنيست والذهاب الى انتخابات مبكرة، ويعود السبب الى المشاكل الداخلية التي تنخر في جسد حزب العمل، المعسكرات والمحاور داخل هذا الحزب، خروج قادة ومسؤولين من عضوية الحزب امثال نائب وزير الامن السابق افرايم سنيه وتهديد اوفير بينيس باز وافيطال بالانسحاب والانضمام الى حزب الخضر. فحزب العمل فقد منذ سنوات ما كان يميز هويته السياسية من فوارق هامشية مع العديد من احزاب اليمين التقليدية، الامر الذي قاد عددا من قادته امثال شمعون بيرس وايتسيك ورامون للانضمام الى حزب كاديما الذي اقامه شارون قبل ثلاث سنوات.
هنالك احتمال وسيناريو آخر لا استبعد حدوثه انطلاقا من انتهازية براك اليمينية وهو اقامة حكومة بديلة للحكومة القائمة، حكومة يمينية متطرفة تجمع جميع احزاب اليمين المتطرف والفاشية العنصرية بزعامة الليكود ورئاسة بنيامين نتنياهو وتضم ما يتبقى من حزب العمل وهئيحود هلئومي ويسرائيل بيتينو وشاس والمفدال والمتقاعدين واحدوت هتوراة وغيرهم. ويحتفظ براك في حكومة الكوارث هذه اذا ما قامت بحقيبة الأمن. برأيي هذا الاحتمال ضئيل ولكنه ممكن.
لقد هدد براك انه اذا لم يجر في كاديما خلال الأسابيع المقبلة اختيار بديل لاولمرت فانه سيعمل على دفع إقرار قانون تقريب موعد الانتخابات بالاتفاق مع القوى البرلمانية الأخرى، وخاصة قوى اليمين المتطرف بقيادة الليكود التي ترى في نفسها البديل السلطوي لحكومة الفساد والكوارث القائمة، والتي إذا ما نجحت ستكون حكومة المآسي والجرائم بشكل أكثر كارثية من الحكومة القائمة.
د. أحمد سعد
الجمعة 30/5/2008