* إنتظار
ألوقت الشّريد في النّسيان
وتفاصيل مساء آخر ضائع،
هبوب نسمة حلوة من ركن ما
شفاء لذكريات صريعة صريحة
في تقبيل الرّبيع..
ومكان الهوى المتألّق أبدا،
ونومها السّاحر المزعج..
وشوقي إلى ذات المكان وموت اللّحن.
أنا مساء.. لست قادما ولا مهاجرا
أنا مساء حتميّ في ذات المدى..
أنا ليل لوزيّ في أيّار،
أنا مخمل الورد في حيلولة رائحته
في كلّ الوضعيات..
عندي لك وردتان جوريتان
ذابلتان من السّنة الماضية،
انتظرتا طويلا على هذه الطّاولة،
ولكن لسوء حظّهما لم يبيعا رائحتهما
لأيّ شخص غيري..
كانتا من أيّار الماضي تنتظران
المساء على هيئة موت منتظر..
وولّى، موت الانتظار، وشاء الطّقس
في دفن تلك اللّحظة على الطاولة سنّة
كاملة دون حراكٍ ودون نقلٍ لأيّ متحرّك..
هو الأمل المنتَظر.. هو سوء المساء
الذي كان، أذكره مثل هذا المساء،
أذكره كأنّي هناك.. كأنّي هنا.
* حزن
مثل وجد النّهاوند لحظاتي،
وعلى رصيف الصّبا كانت
بندقيتي نائمة،
إذا هي نفسية المهزوم المحبط الحزين
أعرفها وأذكرها..
في موتي الممنوع عن الموت لي
كلمة،
في رحلتي المسائية للكواكب لا
أرى سوى بريق النّدى النّاعم
الطّفوليّ في عهده ومهده السّاكن..
هو التّيه أعرفه معرفة الحكيم
بنفخة النّاي...
الحزن من عُصارة ذاتي قتلُ الورد
في قلوبِ من أحببناهم..
وإنّي وبكلّ ما أحملُ من حزنٍ شديدٍ
لأنّي حزين فعلا.. لا أكتبُ
سوى آخر أيّام الأمل.
* مسائيّات
لأنّ المساء هو المساء
لستُ قادرا على إيحاء الزّهر
المؤرّق..
لأنّ المساء هو البيت
لم يعُد البيت بيتٌ ولا الدّار دارُ،
هناك عندَ اللامكان أنا،
هناك في ذات المساء تركتُ
أذرُعَ الخيال الكئيبة المُهترئة،
مسائي أنا المُتعب...
نارُ روحي المتقلّبة في موت الموج،
جنوني المُنتحِر..رحلتي في المساء..
*هوية للنسيان
باتَ عطري مألوفا عند
مهدِ البراءة الطّفولية التّعيسة
من ذاكرة الوقت في العِتاب..
أيّها الغياب..
سجل عندك إذا هويتي
المفقودة..
عرّف برفقٍ خُطى موتي
ونومي المؤقت،
طيّب.. طيّب جُرح حُزني
المدفون هُنا..
نوّر نسيان كأسي على
طاولتي المسائية هنا..
خفّف أيّها الغياب..
خفّف إيلامي، ووجع الطفلة..
رَ أيّها الغياب ما حلّ من
غيمٍ مفتون الضّباب..
في سماء هويتي المنسيّة.
* نهاية
كلّ النّهايات بدايات لحظاتٍ
موجعاتٍ خفيفات الظلِّ..
سريعاتِ اختفاء اللّون واللّحن..
والنّهاياتُ هنّ أمّ أمّهات النّشوة المغمورة
وجدٌ وشوقٌ وحبّ..
وصاح المساء لمسائي المُتعبِ في الغياب:
كفى تأمُلاً في الجبالِ الشاهقاتِ وعناقِ الماء بالماء..
كفى عِطرا وبخورا لمساء العاشقات..
فالبدايةُ لا زالت بعيدةً عن نهايةِ النّهايات..
(نحف)
علي قادري *
الأربعاء 28/5/2008